اقترب الغريب وبدأ يتلمّس وجه لانا ويتفحّص أذنيها، تشعر أنّه يرى فتاةً لأوّل مرّة، ضغط بإصبعه على خدِّها الإسفنجيّ الممتلئ وضحك بصوتٍ لم يُسمع مثله مِن قبل!! أصبَح يُداعب بأصابِعه جميع تفاصيلِ وجهها ضاحكاً متعجّبًا ثمّ نادى رفيقَه قائلاً : تعالَ يا شريكي .. فلتجرب هذا إنّه ممتع حقاً، غريب كم هي مختلفةٌ تماماً !!
------------------------------------------
في بقعةٍ ما من كوكب الارض:
عادت لانا من المدرسة متعبة، دخلت ببطءٍ والحزنُ يملأُ وجهها المصبوغَ بالحُمرة ؛ قبَّلت أمَّها قبلةً خفيفة وصعدت إلى غرفتها، التفتت الأمُّ لتحادث ابنتها لكن لم تجدها! تعجَّبت بكون اليوم مختلفاً عن العادة، فلم تنهال عليها قِصصُ المدرسةِ المعتادة، لحقت ابنتها فوجدتها دافنةً رأسها بالوسادة، اقتربت منها وقالت:" ما بكِ حزينة؟ ولم أراكِ تعيسة؟ ألديك واجباتٌ كثيرة؟ أم سيطر عليك الملل كالبراغيثِ الصغيرة؟ أتنازعتِ مع صديقاتِك؟ أم ضحِك أخوكِ على مصابِك؟"
أجابتها لانا: "لم يحصل شيء في المدرسة وأنا طبيعيّة تمامًا."
قالت الأمّ مع تعابير وجهٍ مضحكة:"لكنّي تَعَودتُ أن تعودي كالفراشةِ لا تَهدئي، وأحاديثكِ عن المدرسةِ لا تنتهي، أتحتاجين للراحة؟ أم أجلب لكِ التفاحة؟ حدّثيني عمّا يزعجكِ الآن وبكلّ صراحة"
قالت لانا حزينة: "أُمّي، لا تبدئي بهذا الآن، يكفي أرجوكِ"
الأم: "إذاً قولي ما بكِ، وإلا سأكمل حواري بهذه الطريقة حتى تزهقي فأنتِ لا تستجيبين إلا هكذا"
لانا: "لو سمحتِ سأخبركِ كلّ شيء لكن ليسَ الآن"
الأم بنظرةٍ شريرةٍ مستفزة: "هل مللتِ كلماتي الممتعة أم أنّكِ في الحقيقةِ جائعة؟ أأحضر لكِ جبنةً مع فطيرة أم دجاجاً مع شطيرة؟ أتشربين معه الشاي أم تفضّلين العزف على النّاي؟"
قاطعتها لانا مرهقة: " لستُ جائعة ولا أحتاجُ لشيءٍ سوى النوم ، كفى أرجوكِ! إنني متعبةٌ لا أكثر "
الأم: "أمتعبةٌ من الدراسة أم اشتقتِ لسريركِ والوسادة؟ أحزنتكِ المعلّمة أم .."
لم تستطع الأمُّ إكمالَ الحديث حيث شَرعت لانا ببكاءٍ مصحوبٍ بالشهقات والآهات وكأن بركاناً بداخلها وانفجر!!
--------------------------------------------
في زمنٍ آخر:
تجوّلت لانا مع إيڤا في سائرِ أنحاءِ المكان، لم يتوقفن دقيقةً عن الكلام ، لم تنجو زاويةً من نسائم عطرهما وسحر ثرثرتهما، إلى أن وصلن إلى مكانٍ عام ينتشر فيه كثيرٌ من العاملين والسكان.سألت لانا بنظرات مستفهمة: "إيڤا هناك الكثير ممن يعانقون قبعاتٍ زرقاء مغمضين الأعين، ماذا يفعلون؟؟! "
إيفا: "إنهنَّ الإناث، في حالة حزن على فراق أولادهن."
لانا: "حزنٌ وفراق؟؟!! أهو الحربُ هنا أيضاً ؟! ثمَّ.. كيف عرفتِ أنهنَّ إناث؟ أتستطيعين تمييزهم!! "
أنت تقرأ
الحكيم هيكتوريا~
Short Storyحسنًا من كان سيصدّق أن ريشة طاووسٍ جميلةٍ كهذه سوف تحمِل العديد من الذكريات؟ 🍃