أنْقِذ العَالَم | WayV

٥ | عَـــــــودَة

إسْتَيْقَظَ هِينْدِرِي فِي يومٍ جَدِيْد لِتكُون الشَّمْس أوَّل مَن يُقَابِلَها، عَادَ لِإغْلاَق عَيْنَيْه مِن جَدِيد لِكَي يُنَظِّف الضَّبَاب بهِما ثُمَّ فتَحْهُمَا لِيُعَلَّقَ بَصَرَه عَلَى النَّافِذَة يُحْدّق بِشُرُود للعَصافِير الَّتِي تَقِف عَلَى حَاجِز الشَّرَفَة تُدَندِن بِألحَانِها المُزقزِقة

إنْتَفَض مِن السَّرِير بِفَزَع وَهُوَ يتفحَّص جَسَدِه لِتتَّسِع عَيْنَيْه فَيُرْدِف بِصَوْتِه النَّاعِس "هَل عُدْنَا إلَى الأَرْض؟ هَل نَجِحْنَا؟" إسْتَقَام مِن مَكَانِه لِيَبْحَث عَن إخْوَانِه فِي أرْجَاء الْمَنْزِل لَكِن لَم يَجِدَهُم

رَكَضَ بِأقْصَى سُرْعَة لَدَيْه لِيَذْهَب إلَى الحَدِيْقَة الَّتِي بِجِوَار المنزِل فيَجِدَهُم مُمَدِّدِين عَلَى العُشْب الَّذِي يَتَخَلَّلَه بَعْض الأَزْهَار الصّغِيرَة هُنَا وَهُنَاك وَبِثُغْرِهِم إبْتِسَامَة جَمِيْلَة الَّتِي تُبَيِّن الرَّاحَة فِيهَا وَأعْيُنِهِم سَاطِعَة بِسَبَب ضَوء الشَّمْس المُتَنَاثِرة فِي السَّمَاء وَالهَوَاء مَلِيء بِنَسمَات الشِّتَاء، مِنْهُم مَن يَتَّكِئ عَلَى مرفقَيه مِنْهُم مَن يَقِف وَيُلَوِّح بِفَرَح وَمَرَح عَلَى المَارِّين بِجَانِبِهِم بِالطَّبْع سَيَكُون يَانْغ يَانغ، عَاد الجمِيع وَعَادَ يَانْغ يَانغ لِيَعُود مَعَه مَزَاجَه المنعِش وشَخصيتِه المَرِحة الَّتِي تَمْلأ رُوحِه

لُوقَان القَابِع بِحُضْن كُون تخْرُج مِنْه قَهْقَهَات طُفُولِيَّة سَعِيْدَة كَاشِفًا عَن أسْنَانِه الصَّغِيْرَة الَّتِي تَهْتَز وَسَتَسْقُط قَرِيْبًا

لُوكَاس يَصْرُخ عَلَى القِطَط الَّتِي تَمُر بِجَانِبِه ظنًا مِنه أنَّهَا سَتَخَاف بَل هُو الَّذِي خَاف وَهَرَب مِنْهَا عنْدَمَا كَشَّرَت هِي عَن أنْيَابِهَا

أخَذَ نَفَسًا عَمِيْقًا بَيْنَمَا يُحْدّق فِي الجَمِيع بِدَهْشَة يُحَاوِل أَن يَسْتَوعِب بِأنَّه يَقِف عَلَى كَوْكَب الأَرْض وَيَشْعُر بِدِفْء أشِعّة الشَّمْس حَوْلَ جَسَدِه، رَفَع شَعْرَه الَّذِي أصْبَح أطْوَل يُغَطِّي أطْرَاف عَيْنَيْه لِيَنْظُر إلَى السَّمَاء المَصْبُوغَة بِاللَّون البُرتُقاَلِي وَنَمَت إبْتِسَامَة كَبِيْرَة عَلَى وَجْهِه مِن الأذُن إلَى الأذُن لِيَصْرُخ بِفَرَح جَاذِبًا إنْتِبَاه أخْوَانِه بَيْنَمَا يَرْفَع يَدَيْه بِإنْتِصَار فِي الهَوَاء "لَقَد فَعَلْنَاهَا"

كُون بِإبْتِسَامَة "أوه إسْتَيْقَظْت؟"

هِيندِرِي بِصُرَاخ "لَقَد أنْقَذْنَا العَالَم لَقَد نَجِحْنَا"

إسْتَقَام الجَمِيع مِن الأَرْض مُتَّجِهِين إلَى هِينْدِرِي لِيُعَانِقُوه أو يَعْتَصِرُوه بِمَعْنَى أدَق بَينَمَا لُوقَان يَحْتَضِن سَاقَيْه بِسَبَب صُغْرِه لِيَبْدَأوا بِالقَفْز وَالدَّوَرَان بَينَمَا مَا زَالُوا يَحْتَضِنُون بَعْضِهِم يُقَهقِهُون بِجُنُون وَيَقُولُون كَلِمَات تَشْجيعِيَّة لِأنْفُسِهِم كَـ" نَحْنُ رَائِعُون، لَقَد فَعَلْنَاهَا أنْقَذْنَا العَالَم، أحِبَّكُم يَا رِفَاق" بَيْنَمَا لُوقَان المسْكِين إخْتَفَى بَيْن سَاقَيْهِم وَشَعَرَ بِالإخْتِنَاق لَكِنَّه خَرَج وإشترَك معهُم بِصُخْبِهِم

إرْتَمَى الجَمِيع مُمَدِّدِين فِي العُشْب بِجَانِب بَعْضِهِم لِتَسْألَهُم الجَدَّة عَن سَبَب سَعَادَتِهِم

هِينْدِرِي بِإبْتِسَامَة بَيْنَمَا يَنْظُر إلَى السَّمَاء "فَقَط هَكَذَا نَحْنُ سُعَدَاء لِأنَّنَا بِجَانِب بَعْضِنَا وَنَمْلِك بَعْضِنَا البعض وَنَعِيش مَع سويًا، نَحْنُ سُعَدَاء لِأنَّكِ قُمْتِ بِتَرْبِيَتِنَا وَجَعَلْتِينَا نَمْضِي قَدَمًا وَنَكْبَر وَنَنْمُوا سويًا، لِأنَّكِ أصْبَحْتِ مَنْزِلَنَا وَإحْتَوَيْتِينَا بِحَنَانِكِ وَدِفْئكِ نَحْنُ سُعَدَاء لِأنَّكِ جَعَلْتِينَا مَعًا جَعَلْتِينَا إخْوَة مَهْمَا كَان شَكْل الآخَر وَمِن أيْن وَمَهْمَا كَانت الظُّرُوف أنْتِ أصْبَحْتِ بِمَكَان وَالِدَيْنَا وَعَلَّمْتِينَا الكَثِير مِن الأَشْيَاء أنْتِ عَلَّمْتِينَا كَيْف أن نَهْتَم بِبَعْضِنَا، عِنْدَمَا نقْضِي وَقْتًا مُمْتِعًا أنَا دَائِمًا أفَّكِر بِاللَّحْظَة الَّتِي أسْتَمْتِع فِيهَا وَأشْعُر بِالسَّعَادَة وَأفَكِّر بِأنَّنِي أمْتلِك نِعْمَة عَظِيمَة بِحَيَاتِي أنْتِ السَّبَب فِي جَعْل قَلْبِي يَنْفَتِح لِأخْوَانِي عِنْدَمَا فَقَدْت وَالِدَاي وَتَعَمَّقْت بِمَعْرِفَتِهِم وَأصْبَحُوا شَيْء مُهِم فِي حَيَاتِي هُم أوَّل شَيْء أفَكِّر بِه عِنْدَمَا أسْتَيقِظ، أحْبَبْت لِقَائَنَا وَمَحَبِّتِنَا لِبَعْضِنَا أحْبَبْت كُل وَقْت قَـضَيْتُهَا مَعَكُم حَتَّى وَإِن كَانت الْلَّحْظَات حَزِينَة، أحِبَّكُم"

صَفَّقُوا الجَمِيع عَلَى حَدِيث هِينْدِرِي لِتَتَحَدَّث الجَدَّة بَيْنَمَا تَمْسَح دُمُوعَهَا المتَرَاكِمَة علَى طرفَي عَيْنَيْهَا "أحْبَبَت حَدِيثَك يَا بُنَي لَقَد نَضِجْتُم يَا رِفَـاق لَكِن غَيِّر بِيجَامَتَك هِينْدِرِي الجَمِيع متأنّق هُنَا"

ضَحِك الجَمِيع عَلَى حَدِيثَهَا بَينَمَا هِينْدِرِي تَذكر بِأنَّه لَم يُغَيِّر ثِيَابَه بعَد حَتَّى لَم يَغْسِل وَجْهَه ولَم يَذْهَب إلَى الحَمَّام لِأنَّه عَاد إلَى الأَرْض لِيَعْبس بِلُطْف

••

هُم بَدَأو كَأَطْفَال لَم يَكُونُوا يَعْرِفُون مَعْنَى الحَيَاة وَالفَرَاق وَالمُعَانَاة لَكِن نَضِجُوا مَعًا وَكُل شَخْص عَلِم بِظُرُوفِه لَكِن لَم يَسْمَحُوا لِلظُّرُوف بِمُفَارقتِهِم بَل إجْتَمَعُوا سَوِيًا ومَضُوا يَسْرِدُون قِصصهِم كمَا الكُتَّاب وَيُسَانِدُون بَعْضِهِم البعْض كَما العَائِلَة

تَمَّت/٥ فِبْرَايِر