الفصل الثالث

11K 425 11
                                    

الثالث
لم تتوجه أميرة للجامعة لباقى الأسبوع مما أشعر باسل بالفراغ ،أصبح يبحث عن وجهها بين الوجوه ،كانت أريج أيضاً تتلافى لقاءه من باب الخجل ليس إلا،لذا لا أمل لديه لمعرفة سبب غياب أميرة. لذا مرت أيامه بطيئة رتيبة يرجو مرورها هو على ثقة أنه لن يغير موقفه وسيكمل الطريق الذى حدده والديه لكنه فقط يشعر بأنه يفتقدها كرفيقة عمره هكذا اقنع نفسه بأن اشتياقه لها لا يعيبه .
بدأت أميرة فورا بالعمل فأنشأت موقعا إلكترونيا أسمته" طعام الأميرة المنزلى " ووضعت رقم هاتفها وبعض من صور الأطعمة والحلوى التى اعتادت على إعدادها .
لم يكن عليها الانتظار طويلا ،ففى اليوم الأول ورد إليها طلبا واحدا كان لها إنجازا عظيماً فأسرعت تعده وذهبت لتسليمه فى موعده تماما .وكم كانت سعادتها حين نشرت السيدة على موقعها تثنى على الطعام وتوصى صديقاتها بالتعامل معها.فكانت هذه هى البداية.
ففى الايام التالية بدأت الطلبات للتوافد عليها بكثرة فكانت تعمل بجهدا مضاعفا مساءا تعد الخضروات والفواكه التى تحتاجها وتتلقى الطلبات فى الصباح وقد حددت موعدا لتلقى الطلبات تتفرغ بعده للعمل .
كان تنظيمها للوقت عامل في صالحها فهى حددت قائمة يومية للطعام تتغير يوميا ،موعدا لتلقى الطلبات وموعدا للتسليم ايضا .ساعدها هذا التنظيم كثيرا فى نيل اعجاب عملائها فلم يمر الاسبوع الاول من عملها إلا وأصبح لها عدة عملاء .
لم تفهم أريج سبب تخلى اختها عن دراستها فقد رفضت أن تبدى لها أية أسباب واكتفت بقولها أن لها حلما آخر تسعى لتحقيقه ،ونظرا لعدم تقارب الشقيقتين لم تهتم أريج بالتفاصيل واكتفت بأن تمنت لها الأفضل .
**********************
مر الأسبوع سريعا وأمل تزداد سخطا على أميرة واهمالا لها بل أصبحت تتجاهل وجودها تماما بالمنزل وتصب كامل اهتمامها ورعايتها على أريج .
اليوم هو موعد زيارة باسل ووالديه لخطبة أريج وحتى هذا الصباح لم تخبر أمل سواء أمجد أو أميرة ،وعلى مائدة الإفطار التى تخلفت عنها أميرة كالعادة نظرت أمل ل أمجد : أمجد عليك التواجد مساء اليوم بالمنزل .
تعجب أمجد من طلبها فهى عادة تحثه للعمل بالمشفى ساعات إضافية: ما السبب امى ؟
نظرت ل أريج بإبتسامة واسعة: اليوم سيتقدم باسل لخطبة أريج رسميا
اخفضت أريج رأسها خجلا بينما رفع أمجد حاجبيه بتعجب إن والدته تخطط للتحكم في المشفى كاملا ،نظر لشقيقته التى تورد وجهها ليستشف موافقتها فيبتسم : مبارك أريج ،ستكونين اجمل عروس .
زاد تورد وجهها : بارك الله فيك اخي
تلفت حوله وتساءل : هل علمت أميرة بالخبر السعيد ؟
تجهم وجه الجميع ولم تتمكن أريج أن تخبره أن امها رفضت اخبارها بينما نهض عن الطاولة ليقول بحماس : سأخبرها اذا
وتوجه لغرفة شقيقتيه طرق الباب ودخل ليجد أميرة تعمل على هاتفها فهذا موعد تلقى طلبات اليوم التى كانت مضاعفة نظرا لكونه يوم إجازة .
جلس بجانبها: ماذا تفعل أميرة العائلة؟
مدت يدها بالهاتف بفخر : انظر أمجد اليوم لدى طلبات مضاعفة .سيكون اليوم مربحا لعملى .
ربت على رأسها بحنان: اعلم صغيرتى ستبلين حسنا وستحققين حلمك قريبا .
اتسعت ابتسامته: لدى خبر جيد ستتم خطبة أريج اليوم .
لم يشعر بتفاجؤها بينما ابتسمت بوهن : أجل اعلم .
كانت المفاجأة من نصيبه : تعلمين !!! من أخبرك؟؟
نظرت له بلا مبالاة: باسل أخبرنى .
هز رأسه بتفهم : وهل سنحظى ببعض الحلوى اللذيدة اذا ؟؟
ضحكت بطفولة : اكيد سبق وأعددت كل شئ
ابتلعت ريقها بصعوبة: هذا يوم شقيقتى المميز .
ربت على رأسها وقبلها قبل أن ينهض مغادرا .
*********************
حضر باسل وأسرته فى المساء والده الدكتور فايز ووالدته السيدة رباب وهو بكامل أناقته يرتدى قميصا أبيض اللون يخالف لون بشرته فيظهره بجاذبية مفرطة وبنطالا باللون الاسود وسترة من نفس اللون وبالطبع هو يكره ربطات العنق بل ويترك ازرار قميصه العليا مفتوحة دائما .
جلسوا جميعا فهم اصدقاء العمر قدمت أميرة الضيافة لتنظر لها رباب بتعالى : العاقبة لك أميرة .
نظرتها ل أميرة أغضبت أمجد بينما أجابت أميرة ببرود : شكرا لك خالة لكن لى أحلام سأحققها اولا أما الزواج ليس ضمن قائمة احلامى فى الوقت الحالى.
ابتسم أمجد من ثقتها بنفسها واسرع يدعمها : بالطبع صغيرتى .أثق انك ستحققين احلامك
استاءت أمل فالزيارة ليس الهدف منها مناقشة احلام أميرة كما أنها تخجل أن تذكر أنها تخلت عن دراسة الطب لتعمل بالطبخ لذا أسرعت تغير دفة الحديث: أين تود أن تعمل بعد التخرج باسل ؟
نظر لها باسل بثقة : ولم على التفكير!!! سأعمل بالمشفى مؤكدا وسأعمل على تنميته وتوسيعه.
ابتسمت فهو يسير على الخطوات التى تمنتها لن يفعل كإبنها الاخرق ويبتعد عن والده ولن يكون كإبنتها البلهاء التى تبحث عن مجال أخر : هكذا ستفعل أريج .
قالتها امل بثقة ليبتسم فايز : بالطبع سيتشاركان الحياة والعمل .
نظر ل محمد : ما رأيك محمد أن نعلن خطبتهما الأسبوع المقبل ؟
هز محمد رأسه موافقا : لا مانع لدى بل على العكس ارى التوقيت مناسب تماما ليهتما بدروسهما لاحقا .
اخفضت أريج رأسها خجلا بينما قالت امل : سنؤجر قاعة حفلات ونقيم لهما احتفالا رائعا .
إلتزمت أميرة الصمت بينما بدل أمجد نظره بينهم : ومتى يكون الزفاف؟؟
زاد تورد وجه أريج بينما قال والده : لا زفاف قبل تخرج أريج .هذا غير قابل للمناقشة .
ليقول أمجد بحزم : اى ما يزيد عن خمسة أعوام
هز رأسه نفيا : لا أقبل أن يظلا مدة طويلة كهذة دون ارتباط شرعى .
تهلل وجه رباب وهى توافقه الرأى : أمجد على حق لنعقد القران ويتم تأجيل الزفاف .هو محق خمسة أعوام فترة طويلة .من حقه أن يحافظ على شقيقته الصغرى.
هى بالطبع توفقه لانه يوافق مصلحتها فهى تريد أن تحرص على أن يتم الزواج ،كذلك امل فكل منهما لها نفس الهدف المشفى العالمى والامبراطورية التى سيعمل الأبناء على بناءها .
لذا لم يكن اقتراح أمجد ليقابل بالرفض من أى شخص فتم الإتفاق على عقد القران واتمام الخطبة بعد اسبوع واحد.
********************
غادر باسل وأسرته وجميعهم يشعر بالرضا التام بينما اخذت أريج تثرثر عن اعجابها ب باسل اخيرا يمكنها التحدث عنه بدون خوف أو خجل بينما كانت أميرة تستمع لها وقد رسمت على وجهها إبتسامة زائفة وقلبها يعتصر ألما.
فضلت الصمت والابتعاد عن سعادة شقيقتها الصغرى،فضلت الإنسحاب من حياتها وحياة باسل أيضا ربما شجعها على ذلك احساسها الذى يخبرها أن باسل لا يستحق العناء .لا يستحق أن تحارب لأجله ،لا يستحق أن تخسر شقيقتها بسببه .
لذا قررت أن تبتعد ،ان تترك لاختها سعادتها وان تتركه فهو ليس من تبحث عنه،اخطأ قلبها هذه المرة  الاختيار وعليها تحمل الألم الناتج عن هذا الخطأ.
بالطبع اصبحت امها من اليوم التالى تعد للخطبة وتصحب أريج للتسوق ،تشتريان الاغراض من هنا وهناك بينما إنخرطت أميرة فى العمل فهى بحاجة لتشتيت انتباهها عن هذه الأحداث.
اخيرا قررت أن تذهب للتسوق،ستشترى فستانا بسيطا لحضور الحفل وبالطبع تتسوق بمفردها ،كان والدها قد منحها مبلغا للتسوق بداية من اليوم التالي لتلك الزيارة بينما كانت هى تؤجل هذا الأمر .
****************
دخلت المتجر منبهرة بمتعلقات الزفاف في الفاترينة الزجاجية... ... ارادت ان تستمتع قليلا      باللون الأبيض الزاهي الذي تحبه حيث يملأ المكان ...
وأثناء خطوتها البطيئة وهي تبتسم مستمتعة ... ناداها تاج مطعم بالاحجار اللامعة .. اهتزت .. فهو المفضل لديها ... ولطالما حلمت أن ترتديه يوماً ما ... نظرت اليه طويلا؛ً ما أجمله! .. واقتربت أناملها تتلمسه برقة ونعومة..
لتتذكر أنه ليس لها .. ولن تستطيع امتلاكه! .. ما من مناسبة له .. واختطفها الواقع من لحظاتها تلك فقررت الرحيل .. وودعته علي أمل لقاء قريب.

خرجت من المتجر وهي تجر اذيال الخيبة، حزينة نوعاً ما و ما ان عبرت الشارع. التفتت لتنظر مجددا نظرة خاطفة نحو المتجر، وكأنها وقعت بحب هذا التاج .. وعقلها يحدثها ما من ضرر من تجربة إحساس كهذا .. ما من ضرر ان ترتديه .. فقط ستجربه ..!!
دخلت المتجر مجدداً و طلبت من العاملة المسئولة ان تجرب التاج .. وما ان لمسته تراقصت داخلياً فرحة .. إنه شعور رائع،  وضعته فوق رأسها وكانت في قمة سعادتها، "حقاً انه شعور مختلف". هكذا قالت.
فوجئت بالعاملة تحمل زي الزفاف متكاملا ومناسب تماما للحجاب.. وعلي مقربة منها، وضعته عليها وهي تبتسم قائلة:هذا هو المناسب ...
أجابتها بتساؤل وتعجب .. مناسب لماذا؟؟!!
ابتسمت وهى تجيب ببساطة :للتاج الذي ترتدينه و لك
وفكرة تجربة الثوب تتخلل عقلها وقلبها  هي الأخري لتسيطر عليها فورا ..!؟
مدت كفيها تلتقطه بسعادة : حسنا  .. سأجربه..
ازاحت الستار بعد دقائق .. وإذا بها تطل كالأميرة تنظر في المرآة وتحدث نفسها : ياله من شعور رائع ...
نظرت لها العاملة بحماس : انت جميلة .
غمرتها سعادة غامضة .. فقد شعرت انها أميرة بالفعل .. وظنتها العاملة عروس .. ف أحضرت لها بعض الاكسسوارات ليكتمل الحفل...
وها هي كالعروس في ليلة عرسها.
نظرت مجدداً في المرآة وبدأت تتراقص بالثوب الأبيض والتاج وتدور حول نفسهاحتي كادت تطير ... ارادت ان تشعر شعور الأميرات .. وهي الآن تطير اليهم...
.... فجأة ....
تسمرت مكانها إحراجا ..!
هناك شخص يراقب أحداث الحفل! .. تسألت بخجل :من أنت؟
قاطعته العاملة قبل ان يجيبها :عفوا سيدي .. لا يجوز الوقوف هنا ،هذا المكان مخصص للسيدات
نظر لها كالمنوم مغناطيسيا : أنا لم آتي الي هنا .. هي من جذبتني .
توترت الفتاه واحمرت خجلا .. كادت أن تذوب...
وهو يكمل قائلا  بأسف: لقد جئت متأخراً ..هنيئاً له من سترتدينه له هذا الثوب يا أميرة...
وهنا .. تذكرت أن اميرة هو اسمها!
ولكنها كانت وكأنها لأول مرة تسمعه..!
نظرت لذلك الشخص أمامها قد يكون ضخما لكن عينيه بهما نهر من الحنان ،هى ترى هذه النظرة للمرة الأولى على الاطلاق قد يكون بها الحنان المطل من عينى شقيقها أمجد لكن هذا الشخص مختلف عينيه بها شغف وحزن لم ترى مثلهما مطلقا تساءلت ببساطة:وهل أبدو كأميرة حقاً؟
منحها ابتسامة جذابة : تماماً
كادت ان تخبره بأنه إسمها .. ولم يسعفها لسانها فسكتت مجدداً ...
ابتسم وغادر ذاهبا للقسم الاخر ... انتابها الحزن ولم تعلم لماذا..!
فهي ترتدي زي ابيض مرصع بفصوص ألماسية وتتزين بتاج ماسي .. ظنتها عاملة المتجر عروس  كما ظن هو الآخر..!
نظرت لنفسها هل تبدو كعروس بالغعل؟؟
تركته يذهب و لم تتفوه ببنت شفة .. !!
ادركت ان الوقت طال هنا  .. فقررت تغيير ملابسها .. وفي طريقها لإعادة الثوب للعاملة .. حيث مرت بالخزينة .. كان هو الآخر يدفع حساب مشترياته ... لمحها بإبتسامه ورحل بعيداً !
تعجبت العاملة من إعادتها للثوب : ألم يعجبك ؟؟
فأجابتها بحزن : بل لم اكن اتمني اجمل منه ،انه الافضل.
ابتسمت العاملة مجددا :اذن .. ستشتريه؟!
ابتسمت وقالت : بلى سأفعل، سآتي أخذه عندما أقابل أميري ..!
وغادرت المحل لتبحث عما تريد بمكان آخر

اميرتى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن