الفصل الخامس

11.2K 418 16
                                    

الخامس
أصبحت أميرة مجرد فرد فى المنزل لا تربطها اى علاقة سوى ب أمجد بينما فضلت أن تترك مساحة بينها وبين أريج لتنتقل نفس المساحة مع الوقت لتكون بينها وبين باسل فى المستقبل.
أما علاقتها بوالدتها فأصبحت شبه منقطعة تماما لا تواصل بينهما بأى شكل كان بل وتحرص أميرة على عدم التواجد مع امل إلا للضرورة.
بدأ نائل العمل في اليوم التالي توجه إلى منزل أميرة ما إن هاتفته ليتسلم منها الطعام والعنواين ويتوجه للتسليم وكان عند حسن ظنها وأثنى زبائنها على أخلاقه ايضا .ليعود لها بالمال فيما بعد .
فى اليوم الثانى من بداه بالعمل قدم لها زهرة تقبلتها بحرج ،كان يحيطها بعينيه لحظة دخوله إلى مغادرته .لتصبح له عادة يومية فيما بعد.
استمر نائل بالعمل لشهر كامل لم يصدر عنه مايشينه مطلقا ولم يصدر عنه اى تصرف يصيب أميرة بالخوف منه أو يدعوها للتوجس حتى ،بل أصبحت تنتظر تلك الزهرة التى يقدمها لها يوميا واعتادت تلقيبه لها أميرتى .
خرجت أميرة فى الصباح لتسوق ما يلزمها من خضروات وفواكه وكان اليوم جيدا بالنسبة لها فقد أصبحت معروفة لدى المتاجر وبعضهم يحتفظ لها بما تحتاجه خصيصا.اشترت ما يلزمها من خضروات وفواكه لتجد نفسها أمام متجر الطيور الذى تتعامل معه ويسرع إليها صاحبه
فتتوقف عن السير وتنظر له : صباح الخير سيدتى .
تبتسم لهذا الرجل الطيب : اسعد الله صباحك ايها العم .
يشير الرجل إلى متجره : لدى اليوم صفقة جيدة لك
تنظر إلى ما تحمل وتنظر له: أحمل الكثير لست واثقة انى اتمكن من حمل المزيد
يضحك الرجل : حسنا كما تشائين اردت ان تحصلى على صفقة جيدة.
تتنهد أميرة: حسنا عماه ارنى ما لديك .
تتوجه معه للمتجر لتجد بالفعل مجموعة من الطيور ذات الاوزان المتوسطة التى تحتاج إليها تنظر إلى البط والحمام ليغريها الشراء فسوف تتمكن من تغير القائمة اليومية بفضله للأفضل فى الغد .
أمسكت هاتفها وبلا تردد طلبت رقم نائل الذى كان فى مركز التدريب الرياضي الخاص به فهو خريج كلية تربية رياضية واسس مركز التدريب  منذ سنوات  لتكون الرياضة التى هى شغفه   الأول مجال عمله ايضا ،وبالطبع اسرع نائل بالإجابة وسط تعجبه من اتصالها فى هذا التوقيت.
حمحمت أميرة بحرج فور سماع انفاسه اللاهثة : عفوا هلى اخترت توقيتا خاطئ؟
هز رأسه كأنها تراه: مطلقا كنت اتدرب فقط
شعرت بالراحة لتتساءل بهدوء: كنت أتساءل إن كان بمقدورك ملاقتى؟ فقد اسرفت فى التبضع
تهللت اساريره: بالطبع اخبرينى اين انت؟
أسرعت تعطيه العنوان لتجده أمامها بعد عشر دقائق فقط ،حمل ما معها من مشتروات ليضعه بصندوق الدراجة الذى لم يتسع لكل مشترواتها ليعلق بقية الحقائب ويسير بجوارها بسعادة فهو على الأقل يسير بجوار أميرته.
وصلا للمنزل لتلاقيهم أريج وهذا لقاءها الاول ب نائل الذى رحب بها لمجرد أنها شقيقة أميرة ،وما أن غادر حتى أسرعت أريج الى أميرة بالمطبخ تتساءل بلهفة : من هذا الوحش أميرة ؟
حمحمت أميرة وهى لا تدرى لما شعرت بالضيق لتشبيه أريج نائل بالوحش: هو عامل التوصيل ،يساعدنى فى تسليم الطعام للزبائن .
هزت أريج رأسها بتفهم : ينبغى أن يعمل عارض لا عامل هو جميل بالفعل.
زاد شعور أميرة بالضيق فتجاهلت حديث أريج وتظاهرت بالانشغال لتهز أريج كتفيها بلا مبالاة وتعود لغرفتها تاركة أميرة تتعجب من نفسها لهذا الضيق الذي تشعر به.
حين عاد نائل فى موعد تسليم الطلبات لاحظ ضيقها إلا أنه لم يعلم سببه فإقترب لينحنى بقامته العالية : لم أميرتى غاضبة ؟؟
حمحمت بحرج : لست غاضبة .
رفع أحد حاجبيه : حقا !!!
عقدت حاجبيها وهى تقول بحدة : أ يجب أن تأتى للعمل بهذه الأناقة ؟؟
علت الدهشة وجهه بينما قلبه يتمنى أن يكون غضبها سببه الغيرة : ظننت أن هيأتى ترفع من أمر عملك ؟؟ ألست صورة عنك ؟؟
رددت كلماته بلا فهم: صورة عنى !!! احمممم أجل بالطبع لكن صباحا لم تكن قادما للعمل .
ابتسم رغما عنه فالسعادة لا تخبأ بالقلوب بينما قالت هى : سأشترى لك زيا للعمل ولا داعى لهذا التأنق كل يوم .
وغادرت المطبخ فقد شعرت بالحرج فعلا فغيرتها عليه واضحة ،اسرعت لغرفتها تلوم نفسها على الانجراف وراء هذا الإحساس الأبله وتقرر تجاهل احساسها فهو عامل لديها وعليها أن تكون حازمة معه .
عاد نائل ليسلمها المال ككل يوم ليجدها تنتظره وقد تبدلت نظرتها له تماما : هيا سنشترى لك قميصا للعمل لا اريد ان اراك بدونه .
هز كتفيه بلا مبالاة وتبعها بصمت .ما إن هبطا حتى توجه لدراجته بتلقائية لتعقد ساعديها بغضب: كيف ستصحبنى بالدراجة ؟
حك فوق أنفه بخجل : عذرا فعلتها بحكم العادة .
لكنه فى الحقيقة كان سعيدا فهذا يعنى أنه سيصحبها فى طريق العودة .. استقلا سيارة لتقلهما لوسط البلد لتتجه إلى أحد أكبر المتاجر بينما يتبعها بصمت وما أن اقتربت حتى جذبها من ذراعها لتعود خطوات: اين تظنين نفسك ذاهبة ؟؟ سنشترى قميصا للعمل من هذا المتجر !!!!
حمحمت فهى نفسها تحاول اقناع نفسها بهذا : بالطبع انت صورة لعملى .
ضرب كفيه ببعضهما وهو يمسك كفها ويسير فى اتجاه آخر لتعترض فورا : ماذا تفعل ؟؟ اترك يدى
ظل يسير بصمت وهى تحاول مجاراة خطواته الواسعة لتشعر بالمزيد من الغضب لتجاهله لها وتجذب كفها منه بقوة : قلت لك توقف .انا من يقرر ماذا ترتدى .
لأول مرة ترى الغضب بعينيه وهو ينظر لها: يبدو انك لا تفهمين ...انت تبداين حياتك العملية وتريدين شراء قميص لعامل التوصيل بمئات الجنيهات ؟؟!!
لتعقد ساعديها بطفولة : هذا ليس من شأنك ..عليك فقط اختيار القياس المناسب لك .
شعرت أن وجهه احمر لونه من شدة الغضب ليزفر بغضب : حسنا سيدتى كما تشائين ..انفقى حصيلة ايام من العمل لشراء قميص عامل التوصيل .
صاحت به دون إرادة منها : ولكنك انت هذا العامل .
تحول الغضب داخله لراحة تامة فى لحظة واحدة فور سماعه قولها ذاك .فهى لا تبحث عن زيا للعمل بل الحقيقة تبحث عن زيا يليق به.ربما ترفض الاعتراف لكنها تهتم لأمره وهذا يكفيه
زفر مرة أخرى وهو يقول بهدوء: أميرتى ليس بالضرورة إنفاق مبلغا كبيرا لشراء زيا جيدا .
نظرت له بغضب ليتساءل : هل قمت بشراء قميصا لرجل من قبل ؟؟
هزت رأسها نفيا بغضب ليضحك بقوة : اذا عليك أن تتبعينى فقط .
هو محق لكنها ترفض الاعتراف بذلك ،فهى تشعر بالغضب الشديد وتريد التنفيس عن غضبها فقط لتصرخ بتحدى : انا صاحبة العمل وانا من يقرر .
لتعود النظرة الغاضبة لعينيه وهو يضغط على أسنانه حتى لا ينفجر فيها ويشير بيده لها قائلا بغيظ : كما تشائين سيدتى.
سارت أمامه ترفع رأسها وتضرب الأرض بقدميها بقوة ،توجهت لأحد المتاجر بينما ظل واقفا يعقد ساعديه كاظما غيظه وهى تنتقى له القميص الذى تراه مناسبا من وجهة نظرها .
تناوله منها بغضب ليجربه .
خرج لها بعد قليل لتستشيط غضبا وهى تنظر له فلا امل فى اخفاء وسامته المبالغ فيها .فتحت فمها وهى تنظر له ببلاهة ليس هذا ما تريده فهذا اللون الازرق يتلاءم مع لون وجهه الأبيض ويبرزه بشدة لتهز رأسها نفيا بغضب : سئ...سئ للغاية..ليس هذا ما اريده
اقترب منها بخطوات غاضبة: أليست انت من اختاره ؟؟
حمحمت بحرج : هيئته عليك لا تعجبنى .
ظلت تبدل بين الألوان لتجد لونا لا يبرز وسامته بلا فائدة ليزداد غضبها وهى تضرب الارض بقدمها : سئ..سئ للغاية
رفع يديه للأعلى بغضب شديد لتنكمش على نفسها فزعا بينما يجز على أسنانه: سيدتى جربت كل الالوان ..وفى كل مرة سئ للغاية
فتحت إحدى عينيها وهى تتطلع إليه بخوف : حسنا اختر انت .
تناول القميص الأزرق لتسرع فتجذبه : ليس هذا.
نظر لها بغضب ليتناول قميصا أبيض فتسرع تجذبه ايضا : سيتسخ سريعا .
يزمجر بغضب ويتناول قميصا باللون البنى فتصمت وتأخذه لتتوجه لدفع ثمنه بصمت ،خرجا من المتجر وهى تحتفظ بالحقيبة لينظر لها: ماذا !!!؟
نظرت له بلا فهم : ماذا؟!!
تنهد بصبر: ألن احصل على القميص الذى ضاع اليوم في شراءه؟؟
رفعت وجهها بشموخ : ستحصل عليه فى الغد .
واسرعت تتخطاه ليرفع يده ويود لو يضربها ضربة تعبر عن جنون هذا اليوم بينما تسير هى وكأنها لم تفعل شيئا فقد شعرت ببعض الراحة حين انتقل غضبه لها .
كما علمت أنه فى غضبه يناديها سيدتى وغير ذلك يناديها أميرتى ..كم تحب سماع هذا اللقب !!
سار بجوارها بصمت بينما اخذتها أفكارها رغما عنها ل باسل ولجرح قلبها الذى تألمت له بشدة ليظهر الحزن على وجهها لا حزنا لأجل فقدها باسل بل الحزن لأجل سوء اختيارها فهذه المشاعر التى تشعر بها تجاه نائل تشبه ما كانت تشعر به تجاه باسل ..يبدو أنها بحاجة للشعور بالحب .
شعر بحزن ملامحها ليشعر بالقلق ..ربما اسرف فى اظهار غضبه حمحم بحرج : ايمكننى دعوتك ؟؟ لنشرب كوبا من القهوة ؟؟
نظرت له بغضب لتنخفض نبرة صوته دون إرادة: أو ما شابه ؟؟
لكنها اتخذت قرارها بتجاهل تلك المشاعر: ارجو أن تلاحظ أن علاقتنا أساسها العمل فقط وتحافظ على المسافة بيننا .
صدمه حديثها فقد ظن أنها تهتم لأمره ......بل هو واثق من ذلك..... ،اذا فعليه أن يرغمها على الاعتراف بهذا ...قطب جبينه بغضب وقال : كما تشائين سيدتى..
واسرع خطاه ليتخطاها ليوقف إحدى سيارات الأجرة ويفتح لها الباب بأدب : تفضلى سيدتى .
استقلت السيارة بصمت بالمقعد الخلفى ليستقل هو المقعد المجاور للسائق .
كانت اخر نظرة غاضبة منه ارتعشت لها أوصالها حين حاولت دفع أجرة السيارة فرات الغضب يشتعل بعينيه لتغادر السيارة وتهرول نحو المنزل مباشرة دون أن تنظر له مرة أخرى وكأنه شيطانا يطاردها .بينما استقل دراجته بغضب لعل لفحات الهواء تهدأ من غضبه .

اميرتى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن