~الفصل الثّاني~

768 23 46
                                    


❤مرحبااااااااااا❤أتمنّى أن الفصل الأوّل قد حاز على إعجابكم❤

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

في قاعة فسيحة مختلفة عن الأخريات الموجودات في أيّ منزل و أيّ قصر بُني على سطح الأرض في تلك الحقبة التّاريخيّة كان الجّميع مجتمعين

مختلفة لأنّها كانت دائريّة لا ركن و لا ضلع و لا حدّ لها، معبِّرةٌ هندستُها بطريقة غير مباشرة عن الحريّة التّامة لكتابة ما يدور بالأذهان من أفكار حول المسابقة

كانوا جالسين على سجّادة حمراء مطرّزة عليها حروف الأبجديّة، و حجمها كان كفيلا بتغطية كامل مساحة القاعة و أرضيّتها المصقولة

الحكّام إتّخذوا لأنفسهم من نصف الدّائرة موضِعا لمكتبهم الضّخم التّراثيّ و المليء بفتحات مخصّصة لكومات الأوراق المحفوظة داخلها، أمّا النّصف الآخر من القاعة، فقد كان من نصيب المتسابقين المقسّمين إلى ثلاثة صفوف

الصفّ الأوّل كان للمعرِّفين عن أنفسهم، خلفهم مجهولو الهويّة معضمهم مرتدون أقنعة من حرير أو من خشب نظرا للتباين في الإمكانيّات الماديّة لكلّ منهم...و في النّهاية ستار أبيض شفّاف غطّى خلفه ذلك العدد البسيط جدّا من النّساء المشاركات في المسابقة ففصل بينهنّ و بين الرّجال لتفادي أيّة مشكلة أو خلاف قد يقع، بما أنّ اِتّخاذ النّساء الكتابةَ كمهنة أو كهواية في تلك الفترة كان يعتبر مجونا و سفها منهنّ

عفير..ذلك الرّجل من قبيلة 'كندة' التّي إتّخذت القطحانيّة كما جعلت من بادية الحجاز مملكتها، قبيلة تفاخر أبناؤها بنسبهم الملكيّ الذّي يرجع إلى الملك 'عدنان' فورّثوا المُلْك إلى أبنائهم و جعلوهم ملوكا على القبائل، هو كان واحدا من تلك العائلة الملكيّة العريقة، إلى جانب ذلك هو حضر خصّيصا للمسابقة ليكون العضو الرّئيسيّ في لجنة تحكيمها

سار ذهابا و إيابا في ذلك الممرّ الواقع تحديدا في قطر القاعة الدّائريّة، مخلّلا أصابعه بعضها ببعض خلف ظهره، مفسّرا لأولئك الفصحاء تفاصيل المسابقة بصوت مرتفع
"طرحتم في قصائدكم مختلف القضايا و اِستعملتموها لأغراض شعريّة مختلفة... .فخر بالنّفس...بالوطن..بالبادية أو بالمدينة...و نادرا ما كان مقصودكم الغزل..لكن ليس من الشّائع أن يكتب أحدكم عن الكتابة نفسها...لم أتيتم إلى هذا المكان القريب من وادي عبقر الخطر؟ سأجيب...لقد شددتم الرّحال إلى هنا مسلّٓحين برماح الأدب لطعن ألسنة التّافهين الذّين يؤمنون بأنّ مخلوقا من الجنّ في وادي عبقر هو من يكتب شعرهم بدلا منهم فتخرسونهم و تقضون على جهلهم.
حتّى المومنون بتلك الإشاعة منكم خاطروا بحيواتهم و هم الآن على أتمّ الإستعداد لتقديم أفئدتهم على أطباق من ذهب للموت فيصيرون شهداء للّغة تلمع نجومهم في سمائنا..
عموما تقوم  المسابقة على نقد أشهر ما كُتب و تناقلته الألسنة..اقلبوا عناوين. غيّروا نهايات أشعار أو روايات، أنقدوا أنفسكم! فالإنسان مع مرور الزّمن ينمو و تنموا معه أفكاره، و لا تبنى الأفكار على أساس هشّ..لستم مطالبين بكتابة شعر بل مجرّد أفكار بألسنة أقلام تصيب الموضوع في صلبه تفي بالغرض..لديكم نصف ساعة فقط لملئ المجلّدات أمامكم بكلمات من ذهب...الآن أعطيكم التّرخيص للبدئ!!"

صوته عندما تفوّه بجملته الأخيرة كان أشدّ من خاصّة سابقاتها، تلى ذلك ضجّة سببها دقّ طبول صٓدر من خارج القاعة فأحدث رجّة خفيفة داخلها

كلّ واحد منهم تناول قلمه و شرع بإراحة ذهنه من سيول الأفكار المتدفّقة، ملطّخين الورق الذّي أكسبه الزّمن صفرة باهتة بجمل بدت نقيّة لامعة بالرّغم من سواد الحبر

صوت نقرات قويّة، سريعة، متتالية و تأبى التوقّف أو التّقليل من حدّة وقعها على الورق تردّد صداه في الأرجاء، أحدثه أحدهم من صفّ أبناء الأدب بالتبنّي فجذب إليه الأنظار و الآذان الصّاغية

كان نفس الشّيخ الوقور..يكتب بنمط سريع دون أن يحظى بأيّة لحظة تفكير مسبق لما تخطّه أنامله، مرتسمة على محيّاه ابتسامة مريبة ملئ شدقيه وزّعها على هذا و ذاك، و بالرّغم من ضيق الوقت هم لم يبرحوا يحدّقون به و كأنّهم منوّمون لسبب و من مصدر غامضٓين

خمس دقائق فقط كانت كافية ليغلق بعدها العجوز مجلّده بقّوة أصدرت صوتا صاخبا أعلن عن إنهائه لما كُلّف به، فاِستيقظ الجّميع من غفوتهم و سارعوا بالعودة إلى الكتابة و كلّ فرد منهم رافع لأحد حاجبيه عاليا بتعجّب ممّا حلّ به

دُقّت الطّبول ثانية في تزامن مع إسقاط الجّميع لأقلامهم على أسطح المكاتب الخشبيّة الصّغيرة الموضوعة أمامهم معلنين على النّهاية

نهض عفير من مقعده و هو على أتمّ الإستعداد لينادي المتسابق الأوّل كي يعرض إبداعه الفكريّ على الملأ، بيد أنّ العجوز الغريب قاطعه بحمحمة صاخبةٍ مُرفقةٍ بتصفيق مزعجٍ تلاهما تقدّمه من مكتب اللّجنة دون سابق إنذار، ليقف موازيا لأعضائها...و ما إن فعل ذلك حتّى ألقى بمجلّده أرضا لتتناثر أوراقه هنا و هناك

كتّف يديه و رفع حاجبه الأيمن عاليا باِستهزاء سائلا عفيرٓ بنبرة نجح في جعلها مزيجا من السّخرية اللّاذعة و الجديّة التامّة

"هل تعتبر نفسك؟ أنت و بقيّة من بالقاعة بمن فيهم أنا أفضل الكتّاب الذّين وجدوا على سطح الأرض؟"

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

❤و الفصل ينتهي هنااااااا !!!!!! إنتظروا الفصول القادمة❤

~مجهول الهوية~مكتملة~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن