١٧

792 18 6
                                    


يقتربَان إلى باب المنزِل في إنسجامٍ مُطلَق , إنسجامٌ لم يلفِت نظرهُم إلى رؤيَة اؤلئك الماكِثين أمام بوّابة المنزل
شهَد : صدّقني ما حتندَم
هشام : أتمنّى !
تضحَك : ياخ جاملنِي !
يضحَك , يلفُت نظرهُ ذلك الفارِع في الطُول الذي إنتصبَ واقِفاً , مُحملِقاً فيهم بإستغراب : سليم ؟
تنظُر حيثُ ينظُر , فتَراه ؛ تنظُر إلى تقَوى بنظراتٍ مُستفهِمة
تقترِب إلى رفيقتها في حِين ذهَب سليم إلى رفيقه مُتسائِلاً
هشام : بتعمَل في شنو هِنا يا سليم ؟
سليم : خلّيك من هسّي ؛ في شنُو ؟
هشام بِعدم فِهم : في شنُو ؟
شهد : تقوَى ! دا الجّابو شنو هِنا ؟
تقوَى : جَاب لي ساعتِي , تخيّلي راحَت منّي في عيد ميلاد الحلبيّة دِيك
شهَد : جاب ليك ساعتِك آمنا بالله , المقّعدك معاهو في الشارع شنو يا بِت ؟
تقوَى : في شنُو يا شهَد , عجبنَا الجوّ قعدنا نتونّس
شهد : قلبي ما مُرتاح لِيك

فِي جهةٍ أُخرى /

تضَع الجدّة نواة التمر الأخيرَة بعد أن انهَت تسبيحهَا , وهمّت بالإعتدال لآداء الصّلاة , يأتِيها ذلك الحفيد الذِي يحمل إسم إبنهَا مُهروِلاً , بِساقيْة القصيران ونبرتِه الطفوليّة : حبوبة حبوبة
السُرّة : آي أبوي أنا , قُول ؛ داير شنُو
الطِفل : حبوبة عمّو ضَرب بابا بُنيَة
السُرّه : أجِي ! سجمِي , لشنُو ؟
الطِفل : قالّيهو بقتُلَك بدفِنَك
السُرّه : يا الرّشيد ؛ الرشّيد ؛ تعال مارِق ياراجل شُوف أولادَك , شوف أولادَك دايرين يقتلُوني بي حَسرتي
يخُرج مِن حُجرِته : في شنُو يا مَرَه !
السُرّه : حصِّل أولادَك
يُهروِل إلى الديوان وخلفهُ ذلك الصغير
يدفَع بِعكّازه ذلك الباب , يضرِب به الأرض فيصمُت كلّ شيء !

فِي الطّريق /

هِشام : وبَس والله , بِقيت مُتابع معاها مشروع الكِتاب
يصمُت بُرهةً من الوقت , يلتفِت لِـيرى رفيقهُ شارداً في النافذةَ : سليم ؟ يا وَد إنت سامعني ؟
سليم بِنصف بال : هَا .. أيوة أيوة معاك
هشام : الشّاغل بالَك
سليم : عاين أقيف نزّلني هِنا
هشام : ياخ ما أوصِّلَك البيت عديل !
سليم : لالا بَس نزّلني هِنا
هشام : لـشنُو يعني ؟
سليم : ياهشام ياخ ما تكتِّر أسئلة أقِيف بَس
يركُن العَربة على جانِب الطريق , ينزِل ذلك الشارِد على الرّصِيف ويمضِي ؛ تاركاً صديقهُ في حيرةٍ من أمرِه : مالُو دَا ياربّي !
تتنهّد بِضجَر بين كَومة الأوراق تِلك : دَا شنو دَا ياخ
تستلم تقوى حقيبتها : أصبُري أصبري لسّه ما أديتِك آخر شِيت
شهَد : مابتقصّري
تقوى : يقصِّر الملح
شهَد : تقوَى تعالي ساعدِيني , أفصِلي أوراق الكِتاب براهُم وخلّي لَي أنا أوراق القِراية
تقوى : قالُّوك ماعندي شغلَه غيرك ؟ بعدِين براك جبتيهُو لي رُوحَك ؛ هسّي دي هواية ليك مع النّاس ؟ تلقيها من شيتات الجامعة ولا مِن أوراق كتابِك السّمح دَا ماعارفَة
شهد : خلاص ماتساعدِيني الله الغنِي
تقترب لِتسحب ذلك الكِتاب من بين يديهَا وتجلِس أمامها : خلّيك من القِراية هسّي وقُولي لَي ؛ حصَل معاكُم شنو ؟
شهَد : معانا ؟ قصدِك أنا وهِشام ؟
تقوَى : لالا إنتِي وبطُّوط ؛ حيكُون منو يعني ياشهَد
شهد : أبداً والله , إشتغلنا وبَس
تقوى : صدّقتِك أنا كِدا ؟
شهد : تقوَى ؛ تقوَى ؛ تقوَى , حبيبتي ؛ مُخِّك المليان أفكار غلَط دَا نضّفيهو قبل ما أنضفو ليك بِطريقتي , ما ممكن يعني أي زُول أتعرّف عليهو يحصَل بيني وبينُو حاجة !
تقوى : أنا قُلتَ كِدا هسّي ؟
شهد : ما تتذاكِي
تضحَك : ظلمتِيني والله
شهد : هِشام زول مُحترَم شديد
تقوى : وهُو إلا يكون قليل أدَب يعني عشان يِحب ؟
شهد : تقوَى أسكُتي , مُحترم شديد وفاهِم ؛ يعنِي كِدا تحسّي معرفتُو كنز ليك , ما زُول بيمُر مرور الكِرام
تقوى : بيتربّع في القلِب يعني ؟
شهد : بَس ياتافهَة , قومِي شوفي قِرايتك وخلّيني أقرا غلطانة
أنا البضيّع وقتي معاك
تقوى : بهظّر معاك , "تغمِز لها وتُكمِل" : عارفِة القلب مافيهُو غير وليد
تتغيّر ملامحها إلى الضِيق : ولا ولِيد ولا هُم يحزنون
تقوى : يابِت ما تقلبِي خلقتِك طوّالي , حيتفهّم وحيقيف معاك أديهُو شويّة زمَن بس
شهد : خلّيك مني هسّي , بركَات دا صرعنِي بالمُكالمات , ماناوية تُردّي عليهو ؟

درجة خافتة من البنفسجحيث تعيش القصص. اكتشف الآن