الحبرُ المُهلوِس

92 12 12
                                    

طوال الطريق لم تفارق شفتيه الإبتسامة، وقفت العربة أمام البيت وعرض السائق المساعدة عليه ليدخلها ووافق، سلم له ظرف
من صاحب الآلة القديم ووضعها في مكتبه هى والآلة وذهب للصلاة وهو يشكر الله.

جاءت والدته وساعدها في تحضير الغداء، سرد لها مقابلة الرجل وكيف أن جملته أشعرته بالغرابه، طمئنته وبررت من الأعذار ما وجدت، أخذهما الكلام ومشاهدة التلفاز ساعات
حتى آذان العصر وذهب يصلي، حين عاد دلف إلى غرفته وأخرج آلته من الصندوق ورأى أنه ينقصها بعض الأدوات
والتي قد اتفق مسبقا عليها مع صاحب محل الخردوات الذي سأله من قبل.

وهو في طريقة إلى المحل هاتف أصدقاءه لجعل ميعادهم أقرب فوافقوه، فبعد شراء الأوراق ولوازمها من حبر آخر غير الذي أهداه إليه صاحبها القديم، وتشحيم فربما تحتاجه.

انتهى اللقاء وهم يتمنون له التوفيق بالآلة، حل المساء وهو في المنزل مع والدته يتناولان العشاء، قرر أن يعتكف ما تبقى له من الليل لإنهاء
كتابة القصة على الآلة.

دلف إلى غرفته وحماسه يسوق قدميه،
شق طريقه إلي مكتبه رأى رسالة صاحب الآلة القديم موضوعة على المكتب بجانب الآلة،
تحمس لقرائتها أمسك الظرف وقد فاحت منه رائحة عطره، فتحه وقرأ

" كان شرطي الوحيد في المزاد هو أنه يمكنني التراجع عن بيع الآلة إن وجدت أن المشتري لا يستحقها فوافقوا،
وإني رأيت فيك صباي وشغفي عند ذكر الكتابة، وإنك لتستحقها بجدارة،
آن الآوان أن أنعم بعائلتي قليلا قبل أن أذهب لخالقي، هذه الآلة ستغير حياتك ونظرتك للورقة
والقلم قد تختلف
فترى كلماتك تتراقص بجانبك،

وتشاهد الأحداث تجري بداخل غرفتك، ستغيرك وتساعدك مثلما ساعدتني
في قصصي ورواياتي، ستحاور شخصياتك
وتراهم كما ترى أصدقائك، وهذا بخور مصنوع من مسحوق النعنع السحري سيساعدك على التخيل أشعله عند الشروع في الكتابة،
لك كل التوفيق في حروفك"

بدا مشوشا من هذه الرسالة ولكنه كان شاكرا له على أية حال.

وجهه نظره للآله ومعالم التشوش والغرابه اختفا واحتلت مكانهما السعادة والإبتهاج
فهب يقفز بفرح وهو يردد
" شكرا لك هنري ميل للتفكير في صناعتها، وشكرا خاص للمصريان فيليب واكد و سليم حداد لتصميم أول آلة كاتبة عربية بحروف عربية...ياللهي! لم أشعر بمقدار هذا السعادة منذ مده. "

*******
الياس

أحضرت مائي والوجبات الخفيفة وجهزت نفسي جدا للإعتكاف على كتابة القصة، رأيت عيدان البخور في في صندوق الآلة أخذتها
ووضعتها جانبا الآن فلا أريد التركيز في هذه اللحظة إلا عليها، ربما حين تعتصر أفكاري سأشعله.

الحبر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن