السادس.

525 35 0
                                    


- نعم . إنني من آل روجوجين . بارفين روجوجين .

وهنا قال الموظف المدني ذو الأنف الأحمر ، بصوت ينم عن المزيد من الاحترام والاهتمام : " بارفين روجوجين! يالـله . أأنت إذاً أحد أفراد أسرة روجوجين ؟ "
فقاطعه روجوجين بشيءٍ من المجاملة : " نعم . من نفس الأسرة "
ويمكن القول أنه لم يحفل لحظة إلى صاحب الأنف الأحمر ، بل كان
يوجه كُل أحاديثه إلى الأمير مُباشرة . وقال صاحب الأنف الأحمر
وقد ارتسمت على وجهه أمارات الاحترام الشديد والخضوع ، إن لم
يكُن الجزع التام : " ويحي ! أهذا مُمكن؟ أتعني يا سيدي أنك ابن
سيميون روجوجين نفسه . ذلك المواطن سليل المجد والشرف الذي مات منذ شهر أو نحو ذلك تاركاً مليونين ونصف مليون روبل! ".

فقاطعه روجوجين قائلاً في استعلاء دون تنازُل بمُجرد النظر إليه : " وكيف عرفت أنه ترك مليونين ونصف مليون روبل ؟ على أي حال لقد مات أبي حقاً منذ شهر . وهأنذا عائداً من مدينة بزكوف بعد
شهر ، وأنا أكاد أكون حافي القدمين ، لقد عاملني أهلي كـ كلب . فقد
كنت مريضاً بالحُمى في بزكوف طيلة هذه المُدة دون أن يكتبوا إلي سطراً أو يرسلوا إليّ شيئاً وأعني بهم أخي الدنيء وأمي " .

وفركَ ذا الأنف الأحمر يديه وهتَف قائلاً : " ولكنكَ الآن سترِث مليون روبل على الأقل " .
فقال روجوجين وهو يُشير إلى ذي الأنفِ الأحمر في توفز عصبّي وغضب : " وما شأن هذا بالأمر ؟ ، أخبرني؟ عجباً! إنك لن تظفر مني بفلسٍ واحد ولو سرت أمامي مُكبًّا على رأسك " .
- ولسوف أفعل ياسيّدي ! لسوف أمشي مُكبًّا على رأسي.
- أهكذا إذاً؟ هل تفعل هذا ؟ إذاً فأعلم أنني لن أمنحك شيئًا ، أي شيء
ولو رقصت حولي أسبوعاً كاملاً.

- إنني لا أطلب شيئًا ، هذا ما أستحقه . وعليك ألا تُعطيني شيئًا!
ومع ذلك فسوف أرقص حولك . سأترك زوجتي و أبنائي الصّغار
لأرقُص حولك فمن الواجب أن اُقدم فروض الولاء حيث ينبغي
أن التقديم .
فقال روجوجين صاحِب الشعر الأسود في اشمئزاز : " لتذهب
إلى الجحيم " .
ثُم استطرد وهو يوجه الحديث إلى الأمير : " كنت قبل خمسة أسابيع
في مثل حالتك تمامًا ، لا أملك شيئًا غير الملابس التي عليّ . و حقيبة
في يدي ، وكنتُ قد هربت من أبي وذهبت إلى بيت خالتي إلى مدينة
بزكوف حيث لزمت الفِراش مريضًا بالحُمى . ومات أبي في أثناء
غيابي . مات بالسكتة . ورغم أني أتمنى لروحة الرحمة و الغفران ،
إلا أنه كاد يقتلني يومذاك . صدقني أيها الأمير ، أقسم لك أيها الأمير
أن ما أقوله قد حدث . فلو لم أهرب منه عندئذٍ لقضي عليّ " .

فقال الأمير وهو ينظر إلى روجوجين بنوعٍ خاصٍ من حُب الإستطلاع  : " أعتقد أنك فعلت ما أغضبه ! أليس كذلك؟ "

الأبله.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن