إلي كم جفوني بالدموعِ قريحةٌ ؟
وحتَّام قلبي بالتفرقِ خافقُ ؟
"بهاء الدين زهير"
. بداية الألم
في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي وبالتحديد في أرض بعيدة الوجدان عن أي شيء يمت للعدل بصلة ، أحكمت بناء مجتمعها علي حديد صدئ يدعي الظلم ،بدأت في نسج أحداث روايتي .
كان المجتمع شديد القسوة على الفقير يداعب الغني فكان الفرد إما فقير يُستعبد أو غني يَستعبد أو من الطبقة المتوسطة والتي تتصارع من أجل البقاء في ميدان الحياة.
وفي وسط هذه الأرض كان هناك قرية تدعى قرية الياسمين تُقام فيها الأسواق يسكنها من جميع طبقات المجتمع .
فكانت منازل العامة متلاصقة إلي حد ما ، يفصل بينها شوارع ضيقة ومبنية من الخشب الذي سلبه الزمن متانته فلم يُبقي منه سوى حطام قد خارت قواه يتمني ألا تأتي رياح قوية فلا تبقي منه ولا تذر ، وهاهو الأخ من شدة الفقر لا يساعد أخاه ولا يعرف غير نفسه وأهل بيته ، وكأنه قد قطع يد العون وفي أقرب قبر دفنها .
أما منازل الأغنياء فكانت قصور تبهر العيون بأسوار مزخرفة وأبواب مزرقشة وأعمدة تزينها النقوش البارز منها والغائر يلفها حدائق الثمار بمختلف أنواعها وألوانها ، وبرغم الثراء لم يكن الغني أحن قلبًا فكان كل واحد منهم يبهره ثراؤه إلي حد يجعله يستخدم مبدأ التجاهل مع الطبقات الفقيرة ليس لأنه أعمي البصر ، ولكن بلا شك لأنه أعمى البصيرة .
وأمام باب منزل قديم مثل سواه من منازل العامة كان يقف رجل أبيض الوجه صاحب شعر غزير أسود اللون متوسط البنية في الثلاثين من عمره يرتدى قميصًا بني يتلائم مع لون عينيه وبنطالًا أسودًا ، ويظهر على ملامحه آثار التعب.
بدأ هذا الشاب بطرق الباب وإذا الباب يُفتح بخفة لتظهر من ورائه فتاة جميلة الوجه تشع عيناها الزرقاوين في حلاوة وسط وجه أبيض اللون بهي الطلعة ، وشعرها الذهبي ينساب علي كتفيها كما تنساب أشعة الشمس علي جدول ماء نقي ، عمرها يقارب عمر الشاب الذي يدق الباب ، قوامها مثل الغصن الرطب إذا اهتز مع نسيم الربيع ترتدي عباءة تبدو بالية وكأنها لا تملك غيرها.
قالت بصوت رقيق: قد عدت مبكرًا اليوم من العمل يا وسيم هل هناك مشكلة؟
قال وسيم : لا ، لكني قررت إغلاق المتجر مبكرًا اليوم ؛ فقد شعرت ببعض الإرهاق .
أحضرت الفتاة الطعام والذي يتكون من قطعتين صغيرتين من الخبز بجانبهما ثمرتين من الطماطم .
وبعد الطعام جلست الفتاة بجانب وسيم يسامر كل منهما الأخر.
قال وسيم :أتذكرين لقاءنا الأول يا ورد؟
أنت تقرأ
غيْهب
Romanceكتاب حياة البائسين فصولُ تليها حواشٍ للأسي وذيولُ وما العمر إلا دمعةٌ وابتسامةٌ وما زاد عن هذي وتلك فضولُ