بداية الثورة.

1.6K 138 318
                                    

أطفئت الأضواء، وأسدل الستار الأحمر بالتزامن مع تصفيقات الجمهور، ولم تكد حوافه أن تلمس أرضية خشبة المسرح، حتى انسحب آخر زائر في هدوء الليل، ومضى تحت الأمطار الغزيرة.
لقد ولى عهد "عن كثب" وطوته الأيام، لكنه حفر اسمه عميقا بين سجلات الماضي، ولو أن الزمن قد رحل وانتهى، فإن نتائجه ما تزال تعاش حتى اللحظة، بالعلاقة المترابطة التي تجمعنا، والتي باتت حميمية أكثر بفضله.
لكن، من قال أنه بعد أغنية ختام المسرحية فقد أغلق المسرح للأبد؟
كلا أعزائي، لا تحسبن أنها النهاية، إذ لم تك تلك سوى بدايتنا.

مع بزوغ أولى خيوط الليل، يدلف ريدل إلى قصر النقد وشبح ابتسامة يلوح على تقاسيم وجهه، تتلاحق خطاه نحو مكتبه الأرستقراطي، وبين يديه رسالة يتصفحها بين الفينة والأخرى.
وما إن اتجاوز عتبة باب المكتب واستقر فوق كرسيه، حتى حمل ورقة بيضاء فقرأ محتوى المكتوب لآخر مرة، وعلاه شك ساخر فقال:
هل هذا مخطط ماسوني منكِ يا قائدة؟ هل أنتِ من أرسل السؤال؟

لكنه ما لبث أن حمل القلم وكتب كلماته بخطوط عريضة:

تسألينني إن كان الأعضاء يحبون التدريب أم لا، فأجيبك أننا متفردون في كل شيء، نحب التدريب حسب المزاج، والجميل في الأمر أن هناك من يدخل التدريب متأخرًا تحت عذر " لا شبكة لدي " بينما كان يراقب ليل نهار - ريدل يكشف المستور -.
لكن من جانب آخر، كان التدريب نافعًا جدًا بالفعل، وحتى بعد الانضمام رسميًا للفريق، مهما كانت المدة التي قضيتها فيه، لا نزال نخوض تدريبات لغوية وبلاغية، تحليل قصائد وما إلى ذلك، نقاش مصطلحات نقدية، وحين يغدو الأمر نقاشًا فهو ممتع حقًا، عليك وحسب أن تتابع التعليقات وتندمج معها ثم تأخذ الأفكار الأساسية وتضع تعليقًا يجمع الأفكار التي أثنت عليها القائدة، وستبدو عبقريًا! - رغم أن هذه الحركة مفضوحة - لذا، ننصح بالفلسفة واللف والدوران -أمزح-.
 تخيلوا أننا كنا نحلل قصيدة سياسية لأحمد مطر، سابقتها لمحمود درويش، ولاحقتها لـ.... صدقًا، لا تريدون معرفة من يكون. في أحد التدريبات كان من الممتع مراقبة روكسان تكرر مصطلح " تلاص "، ثم صار " مناص " وفي النهاية انفجرت مرارة قائدتنا عدن - هيرا - وقالت لها " اسمه تناص مش مناص بلاش امنص راسك " ترون كم أن التدريب مسالم وممتع؟

بعد ذلك الحين، قيل أنه حمل نفسه واختفى فجأة، ولم يبق منه إلا رسالته الأخيرة. أيكون هرب من مخالب القائدة بعد أن عرف أنه قد أحضر بالعيد؟
ستكشف تحرياتنا للأمر لاحقا.

في اليوم الموالي عند الصباح الباكر، وعلى ضفة الوادي البعيد استقر شاب آخر، يرتشف من كأس شاي ببطء، ويلعب العود ويغني بصوت نشاز.
إنه توبا أحبائي، لا تثقوا بالوسيمين أبدا، فالمظاهر خداعة.
يستقر طير صغير على كتف الشاب، ويبدو أنه أصيب بالدوار ففر طائرا بعد أن أخذ توبا ورقتين يحملهما، رسالتين إحداهما من مجهول!
وبعد تصفحهما، فتح محفظته الجلدية الظهرية، وبحث عن قلم فوجده، وبحث عن ورقة بيضاء فاكتفى بواحدة صغيرة. وكتب هو الآخر رادًا على @zino_dnidni :

ثورة استفهاميةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن