وجبة مجانية!

125 21 5
                                    

بعد أن دخلت مس ماربل فندق الماجستيك، وهو أحد الفنادق التي زارتها من قبلُ بينما كانت تتحرى في قضية ما، جلست براحةٍ على الأريكة في غرفةٍ مملوءةٍ بالصخب، تعجّ بالنزلاء، بعضهم يلعب كرة الطاولة، والآخر يحاول الرقص بأبهى الحركات.

نظرت مس ماربل لكل هذا بعينيها العجوزتين وتلك الهالة التي تميزها تحيط بها دائمًا.
حتى النادل الذي دعاها إلى طاولة الطعام في جناح المطعم استطاع معرفتها برغم أنه لم يرها من قبل.

وقد ذهبت لهناك بغرض تلبية طلب صديقتها العزيزة «إيفولت» للأكل معًا بعد فراقٍ طويل.

طلبت «إيفولت» من النادل أن يحضر لهما أشهى المأكولات وأطيبها، ولكنه توجه إليهما حاملًا ورقتين وقلمين بدلًا عن ذلك وقد قال منحنيًا بعد وضع ورقة وقلم أمام كل منهما: «سيدتاي المحترمتين، لدينا هذا الاستبيان، يمكنكما الإجابة عن كل الأسئلة فيه، وبذلك تحصلان على وجبةٍ فخمة ومجانية لكلتيكما.»

اُُعجبت مس ماربل بالفكرة، فهي تعشق الأسئلة، وربما هذا ما جعلها متحرية مشهورة، ذكية لحد العبقرية!
بينما زميلتها فقد كانت تتكاسل عن هذا، فتأففت قائلة:«الوجبة المجانية لن تكون بتلك الفخامة يا مارب، هيا لنطلب وجبة وستكون على حسابي.»

- لا يا عزيزتي، إن هذه الأسئلة جميلة جدًا، وهي بالتأكيد لأحد النزلاء، ليس واحدًا، بل الكثير منهم.

تساءلت إيفولت: «ما الذي يجعل نزلاء يسألون مثل هذه الأسئلة قُبَيل تناول الطعام؟ كيف استنتجنتِ هذا؟»

-من قال أنهم قاموا بذلك قبيل الطعام؟ لقد رأيت النادل من قبل، يتهامس مع الكثير من النزلاء، ويسجل أقوالهم، كان واضحًا أنه يسجل أسئلةً يستعملونها في ترويج طعامهم، من لا يحب الوجبات المجانية؟

-حسنًا حسنًا، قومي بذلك وسأساعدكِ قليلا.

-شكرًا يا عزيزتي، صدقيني، إن الوجبة التي تُهدى لك، ألذ من وجبة تشترينها بمالك.

شرعتا في الكتابة وسط جوٍ هادئ، لا يُسمع فيه إلا احتكاك الملاعق بالصحون، بدأت مس ماربل بقراءة أول سؤالٍ بصوتٍ عالٍ قليلًا والذي كان: « قلتم أن النقد رأي ناقد، ماذا لو طلبت نقدًا لقصتي، ثم عدلت قصتي بناءً على راي الناقد الذي نقد قصتي، ثم أعدت إرسالها لأرى آراءكم بعد التعديل، وظهر أن تعديلاتي لم ترق الناقد الجديد، مالذي علي فعله عندئذٍ؟ وهذا ألا يجعل النقد غير مفيدٍ جدًا، بما أن قصتي ستعجب أشخاصًا، وسيكرهها أشخاصٌ آخرون؟» وتحت هذا السؤال وُجد توقيعٌ باسم «زهرة في الظل»

تحدثت إيفولت بحماس حينما سمعت نص السؤال من رفيقتها: «يبدو أن صاحبة السؤال تعرف أننا من فريق النقد! جميلٌ أنها عرفتنا رغم أننا في مكانٍ عام.»

ضحكت ماربل: « معك حق ... حسنًا بالنسبة للإجابة على سؤال زهرتنا، فصحيحٌ كلامك، النقد رأي ناقد، لكن هناك بالفعل عناصر يتفق عليها جُلّ النُقّاد باختلاف نظراتهم، ويجب عليك أن تدركي أننا نحاول تحسين جودة القصص لا جعلها مثالية فحتى تلك القصص العالمية كانت بها ثغورات كثيرة، أحبها البعض وكرهها آخرون، لكن ذلك لا يعني أنها كانت رديئة ... ما يركز عليه الناقد هو اصلاح الأخطاء الكبيرة، أما عن رأي الناس الآخرين بها فهو غير مهم ولا ينقص من قيمة الرواية أدبيًا، ولو اختلف ناقدان هذا يعني اختلافًا في وجهات النظر، فيحاول الكاتب أن يتوسط بين هذا وذاك فقط.»

أنهت مس ماربل كتابة تلك الإجابة، ثم نظرت إلى سؤالٍ لم تدري له سبيلًا للحل، وبينما جلست تمعن النظر فيه مرّت فتاةٌ ذاتُ طلةٍ لطيفة، فلاح بصرها ناحية الورقة، وعلمت أن ماربل لم تستطع حلها فابتسمت بخفوتٍ ثم اقتربت وقالت في أدب: « مرحبا، هل يمكنني تقديم المساعدة؟»

نظرت إليها مليًا ثم أجابت بالايجاب، فحمحمت بلوتو وقرأت السؤال الأول والذي كان كان: «كيف يمكنني تطوير اللغة عندي في رواية أكتبها؟ وأعلم جيدًا أن تطوير اللغة يؤدي بالتالي لتطوير أسلوب السرد والوصف في الرواية.» وأسفله توقيعٌ بإسم «آسيا عبد الله.»

كتبت بلوتو بثقة: « تطوير اللغة ببساطة يكون عبر تعلم قواعدها بجميع وسائل التعلم سواءً سمعية أو نظرية أو عملية، وفي حالتك هذه تحتاجين للتركيز على تعلم قواعد اللغة والكتابة وتلخيصه‍ا وتطبيقها للعديد من المرات ووضعها نصب عينيك ومراجعتها دائمًا ... نقترح الاستعانة كذلك بكتب فرسان اللغة لما فيها من النفع العظيم بطريقة مبسطة ومفهومة وجذابة.»

عندما انتهت، شكرتها مس ماربل بحفاوة بينما هي سارت عائدةً نحو طاولتها.

نظرت مس ماربل الى ورقتها المكتملة إلا من سؤالٍ واحد جاء نصه كالتالي: «ما معنى ( نَص هارِب )؟ » وأسفله توقيعٌ من @tadokoroseka

فكرت ماربل مليًا قبل أن تجيب قائلةٍ باختصارٍ ترجو أنه أوصل المعنى لصاحبته: «عادةً يُقال للنصوص الفخمة، أو التي تملك مستوى أدبي راقي.»

تنهدت مس ماربل بسعادة عندما أنهت الإجابة على الأسئلة التي عليها، ثم نظرت إلى صديقتها تتفقدها، والتي كانت قد أجابت عن سؤالٍ واحدٍ فقط وقد اكتفت به: « أود أن أعلم كيف أقوم بالتعريف في قصتي عن ثلاثة فتيات؟ أريد أن يدخلن في القصة بقوة خاصةً أن كل واحدةٍ منهن تمتلك شخصيةً قويه كيف أفعل ذلك؟ ارجو المساعده.» وتوقيعٌ صغيرٌ أسفل هذا السؤال: jungkookjk774@

وقد كتبت إيفولت: «يمكنك عزيزتي أن تكتبي لكل منهن موقفًا يعبّر عن شخصيتها ويظهر قوتها بالشكل المناسب دون مبالغة في القوة حتى يستسيغ القراء الشخصية، ويمكنك كذلك جمعهن في نفس الموقف والحدث بحيث لا تقعي في خطأ الملل والأفتعال، أو يمكنك وضع اختلافات بسيطة بين شخصياتهم تميّز كل واحدةٍ منهم عن البقية، بحيث تعملين على هذه الاختلافات، وتظهرينها بأحداث مميزة.»

جمعت ماربل الورقتين ثم اعطتهما للنادل وهي متشوقةٌ للطعام ... ولم يمرَّ وقتٌ طويل قبل أن تشتم الرائحة الشهية التي أتت من عند النادل وهو قادمٌ يجرّ العربة التي امتلأت بالمأكولات، صاحت ايفولت: «أوه يا إلهي، إنها الجنة!»

ابتسمت ماربل بخفة ثم قالت: «ألم أخبرك؟ تمتعي وتمنِّي أن يُكثروا من هذه المبادرات والاستبيانات.»

الفصل من كتابة العضو ماربل، دمتم بخير❤️

ثورة استفهاميةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن