تذكير بما سبق:
ضوضاء..ضوضاء شديدة، وكأن كل الأشياء حولي كانت تكلمني في نفس الوقت، حتى أنني أنا كنت اتحدث دون توقف، شعرتُ أن رأسي عالقٌ بين قضبان قفصٍ حديدي وها أنا ذا أغرق وأغرق.. يتدفق كل دمي دفعة واحدة إلى رأسي، أشعر بالإختناق، لا أستطيع الرؤية بوضوح.. رؤيتي مشوشة.. أرى ألواناً.. ألوناً كثيرة، أشعر وكأنني جزء من لوحات "فان كوخ" .. دخلت بين الحشود مصروعاً أصرخ:
- فاني: جنا! جنااا! هل رأيتموها؟! كانت بالداخل.. ما الذي حدث؟!
- تراجع! تراجع! أبعدوه!
- أريد رجالاً بالداخل، هناك شخصان عالقان في الداخل، استطعنا إنقاذ أحدهما، يجب علينا إيجاد الآخر.
- فاني: هذا لا يعقل! فاني اهدأ..اهدأ هذا ليس حقيقياً، لا يمكن أن يكون حقيقياً.. لقد كانت سيجارتان..لقد وفيت بوعدي لها.. فما الذي فعلتيه؟!
- من هذا الشاب؟ أبعدوه من هنا.
( رأيت سريراً متحركاً وحوله العديد من الأشخاص يبدو عليهم التوتر، يتحركون بسرعة، أنظر للجسد المغطى.. هل هي ..! لم أحتمل الفكرة، ركضت صوبهم دافعاً كل شخص أمامي، أذكر أنني دفعت المسعفين، ومن شدة خوفي وفضولي رفعت الغطاء الذي غطى ذلك الجسد.. هل هي جنا؟ هل سيظهر لي وجهها تحت هذا الغطاء..؟ لا أتمنى هذا..)
- ااآ..إن..إن..ها..بالد..د..د..اخل..
( عيناي ترتجفان.. ما الذي رأيته للتو؟؟ هل هو ذلك الشاب الذي كان في المكتبة قبل مغادرتي؟؟ لما لا يشبهه..! هل كان ما رأيته وجهاً..! لقد كان متضرراً بشكل رهيب.. لا أعلم أكانت تلك دموعاً تملئ وجهه أم قطارات المطر أم شيئاً آخر.. ولكن ما أعلمه ومتيقن منه أن وجهه حتماً لم يكن ذاته..)
- أنت أيها الشاب عد إلى هنا بسرعة.
( فور سماع صوته، ربطت الأمور ببعضها بعد أن كان دماغي قد توقف عن العمل، لذا ركضت بسرعة متجهاً نحو المكتبة، شرائط معلقة هنا وهناك لمنع الناس من الدخول، أظن ان دماغي وقتها لم يستوعب ما سبب وجود هذه الشرائط، فقط ركضت وقفزت فوقها كأنها لم تكن هناك، ركضت وركضت شعرت أنها سنوات إلا ان أحداً لم يمسك بي وقتها، ويا ليتهم فعلوا.
النار حولي من كل جهة وكأنني وسط الجحيم بعد حسابٍ عسير، قلبي مذعور يكاد يتوقف كل ما جال بخاطري أنني إذا رأيتها بمظهر ذاك الشاب هل سأحتمل الأمر؟ هل سأستطيع إخراجها والخروج معها دون أن يكون لي نصيبٌ من هذا الجحيم؟ لعلها بالخارج.. أريد الخروج.. لما دخلت؟؟ ألتفت هنا وهناك لا مفر لي سوا الدخول أكثر وأكثر، سأبحث عنها أقسم أنني سأفعل، وأنا أسير أتمتم:- فاني: كل ما حدث كان بسببي، لو كنت موجوداً لربما أستطعت فعل شيء، حتى إن لم أفعل يكفي أن أكون ضحيةً مثلهما ليرتاح قلبي، لا أن أكون المُلام الوحيد على كل هذا.. وكل هذا لما؟ فقط من أجل سيجارتان..!
( لا تدري أيها القارئ بعد آخر كلمة قلتها كيف أصبح حالي أرتجف وكأنني رأيت إبليساً.. أتلمس عنقي.. نسيت أن أخلع قلادتي.. الولاعة في عنقي والسجائر لازالت في جيبي.. ماذا أفعل..لا أريد أن تنفجر وهي حول عنقي!
أخرجت علبة السجائر ورميتها وخلعت قلادتي ورميتها بعيداً بتهور، أنا أحمق، ما الذي فعلته؟؟ سمعت صوتاً عالياً كاد أن يقبض روحي، من المؤكد أنها انفجرت، زاد اللهيب وارتفعت الحرارة أكثر، وكأنني في الدرك الأسفل من الجحيم، لم أعد ارى من شدة النيران، الكتب كلها تشتعل، لا تشتعل كتاباً كتاباً بل رفّاً رفّاً في غمضة عين، وقفت جامداً.. أردت ان أحترق انا أيضاً فلم يعد هناك فائدة من أي شيء، أحترق الشاب وأحترقت الكتب ومؤكد أن جنا أيضاً وجهد "فارس" كله احترق وكأنه لم يكن، لن يكون مسروراً أبداً برؤيتي بعد هذا.. لذا فلأحترق فقط، رائحة الورق المحترق، إنني أختنق..)- فا..ا..ني
( دبّت بي الحياة مجدداً، كمريض سرطان شُفي من مرضه، صرخت:
- فاني: جناا..جناا أهذه أنتِ؟ جناا أين أنتِ؟
( لمحت ظلاً يتحرك بين النيران، ركضت اتجاهه دون تفكير، لم أعي في أي زاويةٍ من المكتبة أقف، رغم أنني أعمل هنا منذ سنتين، فقط أقف في بؤرة الحريق أمامي آلة الطباعة ربما، لا أعلم فقد كانت كقطعة جمرٍ مشتعلةٍ ذائبة، شيء ساخنٌ يقترب من رأسي، نظرت إلى الأعلى رفُّ كتب مشتعل يهوي عليّ! دخلت قلبي سكينة ذعر..أستحق هذا.. لكن لا تسقط على رأسي!
حدث كل شيء بعدها بسرعة كأنني أُصور بكميرة فيديو وسقطت من يدي على منحدر، لونٌ ساطع، جو حارق، قلبي يُنازع.. أتألم.. سأختنق من الألم.. صرخت بأعلى صوتي، صرخت وصرخت، ركضت وتخبطت كمجنون، الصراخ وحده لا يكفي، أستغيث.. أبكي.. أرجوكم.. أطفئوني..
رجال الإطفاء يرشونني بالماء، يدي كقطعة جليد لم أعد أشعر بها، رائحةٌ لذيذة لم أميزها، هل وصلت الطلبية أخيراً؟ لما أشعر بهذا السلام؟
حُملت ووُضِعت على الحاملة، أرى قطرات المطر بشكل عامودي تتساقط على وجهي، كم رغبت بتصويرها من هذه الزاوية!
أشعر بغصةِ ألم وحرقةٍ في عينيّ، وجهي مُبلل علّها قطرات المطر، أم دموع تنهمر، أو.. ربما .. لا.. لا يا إلهي لم يصبني ما أصاب ذاك الفتى أليس كذلك؟!
يتبع..
ألهمتني لكتابة هذا الفصل أغنية:
Ashes_ Celine dion
فاني..
أنت تقرأ
عندما أتخيلك
Fantasyفي هذا الكتاب سأكتب عن أمور خيالية اتفقنا أنا و جنا أنا نختار فكرة كل اسبوع او اكثر نتخيل بعضنا و نكتب عن ذلك . أتمنى أن تتابعوا كتابها فهو يحمل نفس الاسم و نفس الفكرة و لكن بخيالها الخاص . فاني..