التقوى والخوف من الله

10 3 0
                                    

بسم الله الرحمان الرحيم ....وصلاة والسلام على نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم

التقوى والخوف من الله 
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} (54) سورة القمر

{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} (73) سورة الزمر

{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} (46) سورة الرحمن

أهميّة التقوى في حياة المسلم أوصى الله -سبحانه- عباده بالتقوى في كلّ حينٍ، حيث قال: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)،[١]

وكذلك فهي وصيّة الأنبياء -عليهم السلام- لأقوامهم، حيث ورد في الحديث عن نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم: (أوصيكم بتقوى اللهِ والسَّمعِ والطَّاعةِ)،[٢]

وعن هود -عليه السلام- وعموم الأنبياء ذكر -تعالى- في كتابه الكريم توجيههم لأقوامهم قائلين: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ)،[٣]

وتقوى الله خير زاد يتزوّد به المسلم للقاء ربّه، قال الله تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)،[٤]

فكان هذا كلّه وغيره من الأفضال العائدة على المتّقين دليلٌ على أهميتها في حياة الإنسان، ودافعٌ ليبحث عنها، ويستزيد منها.[٥]

إنّ كمال تقوى الله -سبحانه- يكون بإتيان طاعته وترك نواهيه، في جميع الحالات والظروف التي يمرّ فيها الإنسان، فإذا كانت تقوى الله في العلن أمام الناس سهلةً قريبة المنال، فإنّها قد تكون أصعب حين يختلي المسلم بنفسه، لا يراقبه إلّا الله وحده، حينها تظهر حقيقة تقوى الله ومراقبته في قلب المرء،

وقال الشافعي -رحمه الله- واصفاً ذلك: _أعزّ الأشياء ثلاثة: الجود من قلّة، والورع في خلوة، وكلمة الحقّ عند من يُرجى ويُخاف)،
فوصف الورع وهو واحدٌ من صفات المتقين بأنّه من أعزّ الأشياء الصعبة المنال، أو تكاد تكون مفقودة بين الناس إذا كان المرء خالياً لوحده، ولقد امتدح الله -سبحانه- أهل مراقبته والإيمان به في الخلوات، وخصّهم بالذكر في القرآن الكريم أكثر من مرّةٍ،

حيث قال في أحد المواضع: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)،[٨]
وفي المقابل ذمّ من يستخفي من الناس خجلاً أن يرتكب الحرام أمامهم، ثمّ يتجرأ على الله في خلوته، فيفعل ما لا يُرضيه، فقال: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا)

ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان يسأل الله -تعالى- أن يرزقه تقواه في السرّ والعلن، حيث كان يقول في دعائه: (وأسألُكَ خشيتَكَ في الغيبِ والشَّهادةِ)،[١٢]
وبهذا أوصى الصحابة رضي الله عنهم، ثمّ عمّم ذلك على جميع المسلمين، فقال: (اتَّقِ اللهَ حيثما كنتَ)،[١٣] وحتى يجتهد المسلم في تقوى الله -سبحانه- في السرّ والعلانية فقد أخبره الله -تعالى- أنّه مطّلع عليه في كلّ حينٍ وكلّ حالٍ، لعلّ ذلك يعينه على دوام مراقبته أينما حلّ وارتحل،

حيث قال: (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)،[١٤]

فإذا تيقّن المسلم مراقبة الله سبحانه، وقُربه منه طول الوقت أعانه ذلك على التزام الأوامر، والانتهاء عن النواهي في أي حالٍ، حتى يبلغ درجة المحسنين، وهم الذين يعبدون الله كأنّهم يرونه، وهي أعظم الدرجات التي قد يصلها المسلم في قُربه من الله تعالى، قال الله عزّ وجلّ: (إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ).[١٥][١١]

صفات المتقين ذكر الله -سبحانه- في كتابه الكريم العديد من صفات المتقين، وبيّنها لأهلها، ومن صفات المتقين الواردة في القرآن الكريم:[١٦] الإيمان بالغيب إيماناً جازماً، حيث قال الله تعالى: (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ).

[١٧] العفو والصفح عن الزلّات، قال الله عزّ وجلّ: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى).

[١٨] تحرّي الصدق في الأقوال والأفعال، حيث قال الله -تعالى- فيهم: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).

[١٩] تعظيم دين الله وشعائره، قال الله تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).[٢٠]

تحرّي العدل والحُكم به، وعدم الجور والظلم، قال الله تعالى: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).[٢١]

عدم الإصرار على الذنوب، بل الإسراع إلى التوبة والاستغفار، حيث قال الله سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ).[٢٢]



يارب رضاك والجنة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن