الثالث.

252 4 0
                                    

ماريّا.: أبوي توفى، وأمي... "سكتت لثواني ثم خذت نفس عميق تستجمع فيه قوتها" أمي ضرتني كثير فوق ماتتخيل، خذت مني شيء مايتعوض أبداً ومن بعدها قررت أتركها وفعلاً كان قرار موفّق لأن حياتي بدونها أفضل بكثير!.
ندم ياس على سؤاله قد شعر راسه وبداخله يشتم نفسه وفضوله بأسوأ الشتائم، حب يغير الموضوع.: تأخر الوقت، يلا نقوم؟.
أبتسمت ماريّا ظناً منها إنها بهالطريقة راح تقدر تخفي الحزن إللي أجتاحها بعد ذكر ماضيها.: يلا.
طلعوا من المطعم، ماريّا.: شكراً عـ..."سكتت يوم ضمها ياس".
ياس.: بالأصل شكراً لك إنتي.

• بعد مرور ثلاثة أيام..
ها نحنُ الآن نقف أمام أوّل عتبة في رحلة "أفضل موهبة شابة"، آمال وطموحات كثيرة تترتب على نجاحنا في هذه المسابقة، مُتلهفين للنجاح كلهفة جروٌ جائع للطعام، التوتر شعور يُحاصرنا جميعاً لكن أقلة من يملكون مفتاح الخروج منه "الثقة".
أنفاس غير منتظمة، دقّات القلب تتسارع أكثر كل دقيقة، تعرق شديد، رجفة، هذه المشاعر هي الرابط الوحيد حالياً بين المشتركين، بالإضافة إلى "رغبة الفوز".
دخل إيار صالة التدريب لا شعورياً نطق بـ"واااوو" من كمية الآلات الموسيقية المرتصّه بأطراف الصالة، آلات ماتوقع بيوم يشوفها بالواقع مثل الهارب، وآلات مايعرفها بالأساس.
نسى كل توتره وخوفه وتوجه للهارب، مرر أصابعه على أوتار الهارب بخفه مره ومرتين..وخمسة.
صوت من خلفه.: تعزف عالهارب!!.
ألتفت إيار للخلف بسرعة.: بسم الله.
ضحك هالشخص.: آسف خوفتك ماكنت أقصد، ماجاوبتني تعزف عالهارب؟.
إيار ناظر الهارب.: ياليت، أحسه جداً ممتع.
...: فعلاً ممتع لكن بنفس الوقت مُتعب كثير!.
قاطع حديثهم دخول المتسابقين واحد ورا الثاني، توجه هالشخص لمقدمة الصالة وبدأ يرحب بالمتسابقين بكلمات لطيفة وإيجابية.
أما بالنسبة لإيار توجه لمقعده بالصف الأول وعينه تراقب تصرفات هالشخص بدقة، إبتسامته لطيفة بشكل مُلفت تجبر إللي أمامه مايرفع عيونه عنها، مع ذلك الإبتسامة أبداً ما فارقته ولا ثانية وكأن هالشخص يعرف إن إبتسامته نقطة ضعف للآخرين.
بدأ هالشخص يتكلم بعد ماكتمل عدد المتسابقين.: مرحبا، أعرفكم على نفسي أنا المشرف بيل، دوري فقط اتأكد إنكم قاعدين تتحسنون عشان يوم العرض تقدمون أفضل ما عندكم، وإللي راح يدربونكم مدربين عالميين اكفئ واخبر مني في هالمجال......
بدأ بيل يشرح نظام المسابقة بالتفصيل ويجاوب على اسئلة المتسابقين.
• صالة ثانية..
دخل ياس وأنفاسه سريعة.: آسف على التأخير.
ناظرت المشرفة ساعتها.: أعتقد إنكم تستفيدون من كل دقيقة هنا، التأخير هذا بيضركم كثير!.
أعتذر لها ياس مره ثانيه وتوجه لأقرب مقعد فارغ، جلس وناظر إللي جنبه.: متى بدأت؟
برايك، بدون ما يناظره.: من ربع ساعه.
ياس.: قالت شيء مهم؟.
برايك.: إيه.
ياس.: شقالت؟.
عقد برايك حواجبه منزعج من كثرة أسئلة ياس.: أعتقد إن الوقت مو مناسب تسأل فيه وش فاتك!.
تنرفز ياس من أسلوبه، بهمس.: ماتسوى علي سؤال.
ألتفت له برايك.: هذا كله وتقول سؤال؟.
ياس.: إيه!.
أيقن برايك إنه مابيفيد مع ياس الكلام، لذلك قرر يتجاهله.
تأفف ياس بصوت مرتفع حتى يوصّل لبرايك شعوره بالإنزعاج منه.

• ٣:١٩.
بدأوا المتسابقين يخرجون واحد ورا الثاني حتى فضت الصالة وتبقى شخص واحد فقط، إيار.
ناظر الهارب بنظرات مليئة بالتحدي والحماس.: بتعلمك بالطيب أو بالغصب مايخصني!.
طلع جواله وبحث باليوتيوب عن مقاطع لتعليم الهارب، وبعد بحث شبه طويل أخيراً لقى مقطع تعليم للمبتدئين، كبداية المقطع كان مركز على أنغام الأوتار لكن بكل مره يحاول فيها إيار يطلع نفس النغمة إللي بالمقطع يفشل وتطلع معه نغمة مُختلفة تماماً.
تنرفز إيار.: ليش مايضبط معي!!!.
بيل.: الهارب أنواع، والمقطع إللي فاتحه نوع مُختلف عن إللي معك.
ألتفت له إيار.: إنت كذا دايماً تدرعم بدون مقدمات؟.
ضحك بيل.: لا "سحب كرسي وحطه بجانب إيار وجلس، أشّر بأصباعه على أحد الأوتار" المفترض يكون الوتر إللي قاعد يحركه بالمقطع هذا.
ناظره آيار وكأنه مو مصدقه، بيل.: جرب شفيك!.
جربه إيار وفعلاً كان كلامه صحيح، عقد حواجبه.: كيف كذا كلهم نفس الشكل بالضبط!.
بيل.: عدد الأوتار مُختلف، إللي معك ٤٨ وتر.
زادت عقدة حواجب إيار.: إنت تعرف تعزف على كم آلة؟.
بيل.: تقريباً جميع الآلات الوتريه بالاضافة للبيانو "خذا جوال آيار وكتب رقمه" عموماً هذا رقمي، إذا عندك أي سؤال متعلق بالهارب اسألني لأن أدري إن الهارب من الآلات المظلومة من ناحية المعلومات والمقاطع التعليمية، فـ اسألني اذا احتجت شيء لا تخجل!.
لا شعورياً أبتسم إيار بسبب لطافته.: شكراً.
رد له بيل الإبتسامة.: ولو، هذا شغلي أساساً.
إيار، منسدح وضام المخدة.: أف يهبل يهبل.
نُورس.: خلاص آيار أزعجتني والله.
إيار.: إنت لو تشوفه أبد ما تلومني، أول مره بحياتي أشوف شخص جميل كذا وبنفس الوقت لطيف!.
نُورس.: شدعوه، ترا هذا شغله غصب عنه يكون لطيف معك!.
جلس إيار.: كل زق والله لو إنت مكانه بتدخل وأخلاقك بخشمك وبتطلع وهي بمكوتك خل عنك بس.
طلع برايك من غرفته، جلس بجانب نُورس.: مكان مين؟.
نُورس.: تكفى لا تسأل، أنا سألته قبلك والحين لي ساعه أحاول أسكته.
إيار.: خلاص سكت لا تصيح علينا "قام للمطبخ".
نُورس.: كيف حال كيث؟.
تنهد برايك.: والله ما أدري، يقول إنه كويس وتجاوز الموضوع بس انا ما أحس إنه تجاوزه أبداً.
نُورس.: مابيجي عندنا؟.
برايك.: ماتوقع.

• يوم جديد..
طلبت المشرفة من الجميع أن يعزفوا أي معزوفة من إختيارهم على البيانو بالدور حتى تقيّم مستواهم، لكن الكل كان متخوف من فكرة إنه يكون أول شخص يعزف.
المشرفة بنفاذ صبر.: كيف تبغون تنجحون وإنتم خايفين تعزفون قدامي!!.
رفع برايك يده.: أنا ببدأ.
المشرفة.: وأخيراً!.
قام برايك وجلس أمام البيانو، رفع أكمام بلوڤره وبدأ يعزف أقرب معزوفة على قلبه تحمل ذكريات كثير متعلقة بطفولته ووالدته تحديداً، حبّه لهالمعزوفة أثّر بشكل إيجابي على المستمعين، الأحساس وصلهم بدون أي تكلُّف وأستقر بأعمق نقطة في قلبهم.
ياس مارفع عيونه عن برايك أي ثانية، فعلياً كان مُنذهل من كمية المشاعر الموجودة بعزفه وبتعابير وجهه، مستحيل تكون كل هالمشاعر مزيفة وبدون قصة!.
ناظر برايك المشرفة بإبتسامة بعد ما أنتهى، كان واثق جداً بإن هالمعزوفة بتنال أعجابها.
المشرفة.: ماعرف وش أقول صراحة، لكن جداً فخورة إن موهبة بهالشكل متواجدة معانا بالمسابقة.
برايك.: شكراً "رجع لمقعده".
المشرفة.: مين بعدها؟.
قام ياس وعيونه على برايك وكأنه يقوله "شوف وش بسوي".: أنا.
بدأ ياس يعزف لكنه ما أكتفى بالعزف وحده، صار يغني وهو يعزف وهذي من أصعب الأشياء إللي ممكن يسويها عازف بيانو، قد تكون بنظر الأشخاص العاديين جداً سهلة لكن عازفين البيانو نظرتهم مُختلفة تماما ومُيقنين بأن الجمع بينهم جداً صعب، أو بمعنى أدق المحافظة على اداءك المثالي والمُبهر من دون أن يتأثر صوتك أو عزفك هو إللي فعلاً صعب.
بمجرد إنتهاءه من العزف أول شخص ناظره هو برايك، كان جداً مهتم بردة فعل برايك على اداءه وهل نال إعجابه أم لا، أبتسم براحه يوم شاف برايك يناظره والإبتسامة بوجهه دلالة على الإعجاب بأداءه.
المشرفة.: أنا جداً منبهرة، صوتك جميل جداً وعزفك أجمل، نادر أشوف شخص يجمع هالموهبتين بوقت واحد ويكون أداءه بالإثنين مُبهر فعلاً!.

وتر مُستهام.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن