لا يحمل أحدنا منزله بالكامل عندما يسافر، ليس لدينا التقنية التي تسمح لنا بفعل ذلك بعد، العالم سيصبح قبيلة بدوية عندما يكتشف تقنية تسمح له بوضع كل شيء في حقيبة تحوي داخلها عالماً أكبر من حجمها، إلى ذلك الحين؛ عندما يسافر أحدنا يحمل معه حقيبة محدودة المساحة.
وبعضنا يدرك بعد السفر أن ما كان يحمله في حقيبته يكفيه ليعيش أسبوعين أو ثلاثة بدون مشكلة، فلم لا يمكنه العيش مع هذا القليل لبقية حياته؟ بدلاً من خزانة ملابس يكفيك أن تملك بعضها، وما يحويه منزلك من ممتلكات لم تحملها معك في سفرك ربما لا تحتاجها حقاً، ورقمياً يجد أحدنا أن جهازاً واحداً يغنيه عن كل شيء آخر، ربما الهاتف الذكي فهو قادر على تقديم وظائف كثيرة اليوم.
الآن تصور لو أنك تحمل حقيبة أخرى معك في سفرك وهذه الحقيبة لن تحوي إلا الأفكار والأهداف والمشاكل الضرورية التي يجب أن تفكر بها، ما الذي ستحويه هذه الحقيبة؟ الحقيقة هنا أننا عندما نسافر فنحن نحمل معنا كل أفكارنا وأهدافنا ومشاكلنا ونحمل معنا الماضي فهو جزء منا.
لكن من ناحية أخرى البعض يستطيع أن يترك خلفه جزء من الأفكار والأهداف والمشاكل، مثلاً البعض يضع حاجزاً صارماً بينه وبين العمل، عندما يسافر فهو في إجازة ولن يعمل بأي شكل ولا حتى يسمح للعمل بالتواصل معه أثناء السفر، بل البعض يذهب أبعد من ذلك ويستخدم برنامجاً يحذف كل البريد الإلكتروني الذي يصلهم أثناء السفر والإجازة.
إن كان بالإمكان أن تعيش بما تحويه حقيبة الأشياء فما الذي يمكنك أن تتركه خلفك لأنك لا تستطيع أن تضعه في حقيبة الأفكار؟ أدرك بأن الأمر ليس سهلاً فأنا أعاني من التفكير في كل شيء، اليوم مثلاً تذكرت أموراً محرجة تجعلني أحجم عن العودة للتفاعل مع الناس في المجتمع على أرض الواقع، لأنني أخشى أن يتذكروا ما يحرجني والآن هذا خوف يقيدني وحقيقة هذا خوف يعيش معي منذ عقدين الآن.
ممارسة الإدراك تحتاج منك أن تكتب بالورق والقلم، ضع قائمة لكل الأفكار والمشاعر الإيجابية والسلبية، لكل الأهداف والتطلعات، ثم بقلم آخر ضع خطاً فوق ما يمكنك أن تتخلص منه، لو أن أحدنا يعيش ألف عام لما كفته الألفية ليحقق كل شيء يريد، فاحذف بعض أهدافك وتطلعاتك، ضع خطاً فوقها وحاول أن تعش بسلام مع ذلك … هذا ليس سهلاً لكن يحتاج منك ومني أن نبدأ بفعل ذلك.