مُقدِمة.

2.6K 141 29
                                    

‏.
‏.
‏.
‏.

‏في توقيتِ الحُب كُلنا مُتقدِمون,
‏و في توقيتِ ندمٍ ما جميعنا متأخِرون..

‏ألا يمكننا الرَحيل متى ما أردنا ؟
‏ألا يمكننا أن نعودَ وحيدونَ بعدَ أن إستُنزِفنا ؟

‏ألا يمكنُ لرسالةٍ ورَقية أن تكونَ كافيةٍ كوداع ؟
‏ألا يُمكِننا الشخوصُ دونَ شحوب ؟

‏متى يعلمُ الجَميع أنَ الحُبَ شعورٌ مؤقَت ؟
‏شَمعةٌ قصيرة نوعًا ما , ستنطَفِئ يومًا ,
‏لذا .. ألا يمكننا الرَحيل متى ما أزعجنا دُخانُ إحتراقِ فَتيلها ؟

‏.

‏.

‏.

‏2014 - ألمانيا , برلين ..
‏..

‏خطىً مُهتزَة , مُرتعِشة بخوف ,
‏زِلزالٌ هزَ كيانُ بُنيةٍ قَصيرَة ,
‏بينما مشى تحتَ المطرِ مُترنِحًا ,
‏شَهيقهُ يُماثِلُ نَحيبهُ نبرةً ,
‏بينما دِماءٌ تسللَت تحتَ أكمامِ سُترتهِ القُطنية ..

‏منذُ أسبوعينِ, المصوِرُ المِشهور دو كيونقـ سوو تعرضَ لحادثٍ مروري,
‏فقدَ فيهِ أحدُ أصدقاؤه المُقرَبون ؛ تشي وون ,
‏يُبقي الأمرَ سِرًا على كلٍ, فذَلِكَ الـ تشي وون زائِرٌ غيرُ قانوني ..

‏و منذُ أسبوعين ؛ يكادُ كيونقسوو يفقِدُ عقلَه,
‏منذُ أن تدحرجَت سيارتهُ السوداء من فوقِ الجِسر ؛ فقدَ كيونقسوو كلَ أحاسيسِه ,
‏عدا الندَم ..

‏إرتفعَ نحيبهُ في المطَر ,
‏بينما نزيفُ ذِراعهِ التي ذاقَت ذرعًا من تعنيفهِ لها بقطعِ الزجاجِ الحاد ؛ إزداد ..

‏يقِفُ حافي القَدمينِ على شفا الرَصيف ,
‏الشارِعُ خالٍ تمامًا ؛ فوكالةُ أنباءِ الأجواءِ في برلين حذرَت أشدَ الحذَر من مغادرةِ المواطِنونَ لبيوتِهم ..

‏بينما البائِسُ ذو الذِهنِ الثرثار,
‏ذِهنٌ يكادُ يُلقي بِه مِن حافةِ الجنون ,
‏ذهنٌ واصلَ حشوِ نفسِه بالندَم المؤذي..

‏لماذا ؟
‏أحبَ كيونقسوو صديقهُ جدًا ,
‏خبأهُ جيدًا في حضرةِ التفاتيش ,
‏أطعمهُ بسخاءٍ في حضرةِ الجوع,
‏شاركهُ الفِراش , الرِداء , الداءُ و الشِفاء!

‏يرى القَصيرُ هدفهُ يَقترِب ,
‏شاحِنةُ القُمامَة التي تعبرُ الشارِعَ هذا في الثامِنة كلَ يوم ,
‏و الثامِنة من الثلاثاء إختارَ كيونقسوو كتاريخِ وفاتِه ,
‏تاريخِ رحيلِه , و إبكامِ الذِهنِ الطنان!

‏تخطو أقدامهُ فوقَ الإسفِلتِ البارِد ,
‏الدِماءُ لامسَت الأرض , يغسلها المطرُ بعيدًا ؛ فورًا ..

‏صوتُ أبواقُ الشاحِنةِ يَقترِب ,
‏يرى كيونقسوو أضوائِها رغمَ إغلاقِه لعينيه ,
‏يبتسِم .. أخيرًا للمرةِ الأولى بعدَ أسبوعين!

‏" انا قادِم تشي وون " - همسَ بينما تشبثَ بزفيرٍ أخير ..

‏على مِصراعيها فُتِحَت عيناه ,
‏ذِراعٌ قَوية تحتضِنُ ظَهره , ثمَ تجرهُ إلى الخَلفِ بقوة ,
‏يَحِطُ جسدهُ النَحيلُ على الرَصيف , بينما رأسهُ إرتاحَ على ذِراعِ شاحِبة !

‏" مالذي تفعله , هل انتَ مجنون!"
‏يفتحُ عيناه للغةِ الألمانية حولَه ,
‏يبتلِع , عينانُ حادتان , شفتانِ مُمتلِئتان , و أنفٌ مُستَقيم ..

‏بقى كيونقسوو مُستلقٍ هناك ,
‏بينما يقِفُ الأشقرُ على رُكبَتيه ,
‏يبتلِعُ مُتعسِرًا بينما وضعَ الهاتِفُ فوقَ أذُنِه ,
‏" مرحبًا , هنا كليو ماركوس , لقد أنقذتُ لِلتوِ شابٌ من محاولةِ إنتحار, هوَ ينزِفُ مِن ذراعيهِ الإثنين , أيمكنكَ إرسالُ سيارةِ إسعاف ؟ "

‏الصدى تكررَ بداخلِ رأسِ كيونقسوو لثوانٍ طَويلة ,
‏يَنظرُ الألماني إليه " ما إسمُك !" - صوتُهُ مُرتفِع في محاولاتٍ بائِسة ليصِل إلى المُتمدِد خلالِ ضوضاءِ المطَر ..

‏" كيـ .. سو , كيونق سوو " - قالَ أخيرًا ,
‏لايفقهُ مايحدُث , عقلهُ يخذلهُ هنا ,
‏فبقى يتكررُ بداخلِ رأسِه ,
‏( كليو ماركوس ) ..

‏.

‏.

‏.

‏.

‏.

مرحبًا؟
هنا أسيل،
هذهِ قصة قَصيرة أجزائِها لن تتجاوز الستةَ أجزاءٍ أبدًا،
تُدعى " إنها تُمطِر في برلين ". 🌂

أتمنى من كلِ قلبي أن تنال إستحسانِكم جميعًا،
أراكم قريبًا في الجزء الأول 💛.

"𝘐𝘵'𝘴 𝘙𝘢𝘪𝘯𝘪𝘯𝘨 𝘐𝘯 𝘉𝘦𝘳𝘭𝘪𝘯 "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن