احتراق: 2

5.4K 448 213
                                    


وقفت أنظر للنار التي تأكل الخشب وتحوله لرماد، الخشب الذي وضع فوق جسد اندرياس.

انه يحترق أمامي، فراءه البني اصبح باللون الأسود الفاحم، بينما النار تزداد اشتعالًا.

لم يكن جسد اندرياس فقط من يحترق، قلبي كان ملقى في وسط تلك النيران، لكن لم يستطع أحد أن يراه.

كنت أقف جامدة بنظراتً خاوية، وأخوتي الثلاثة يقفون على جانباي، أعلم أن حالي هذا يحزنهم.

من أجلهم لم أنهار.

من أجلهم أقف صامدة، بينما يداي ترتجف.

جمعت أصابعي في قبضة مشدودة، لديهم من الحزن ما يكفيهم، فليس جسد أندرياس الوحيد الذي يحترق، بل   تسعة فهودًا آخرى تأكل النار أجسادهم.

تسعة نيرانًا أخرى.

تسعة حيوات أخرى.

فقدناها في ضحى يومًا واحد.

لنفس العدو الدائم، الببر.

بدأ الناس بالتحرك والابتعاد عن الجنازة، واحدًا تلو الآخر، لقد ألقى الكاهن خطبته، ووضع كل قريب حطبته، وأُشعلت النيران في الجنازات، ما الذي تبقى ليرونه؟.

لقد اعتادوا الأمر.

أعتادوا رؤية الجنازات تشيع.

لكنهم لم يعتادوا الأمر لدرجة ألا يخافوا، لم يعتادوها إلى درجة ألا يتهامسوا عن الأمر، مازالوا يخافون من قدوم الببر، ثلاثة نمور نستطيع التعامل معها بصعوبة، لكن جيش من نمور الببر؟.

سنهلك أن قاموا بشن هجومًا علينا.

لم يبقى الان سوى الأهالي الذين يبكون على فقدائهم، جميعهم مفطورون القلب، وليس بيدي شيئًا لأفعله.

ورفاقي المنهارين يقفون جانبًا، كان لوكا يحتضن كتف لاريسا، يحاول مواساتها، بينما تشهق ببكاء.

أبعدت عيناي عنهما بوجع، لتسقط على والد إندرياس، كان جاثيًا أمام النيران المتصاعدة، عيناه ممتلئه بالدموع التي لم تسقط.

تألمت لمنظره المنكسر.

جزء من الأمر يقع على عاتقاي.

تقدمت خطوة بإتجاهه قبل أن توقفني يد أخي فابيو الموضوعة على كتفي، رفعت نظري له لأرى القلق في عيناه.

وضعت يدي على كفه أطمئنه " أنا بخير"

كذبت.

لستُ قريبة من الخير.

سحبت خطواتي نحو والد إندرياس، العم اغابي، وجثوت بجانبه دون أن اتحدث، أشاركه حزنه.

الغريغورا | GRIGORAحيث تعيش القصص. اكتشف الآن