جامع السعادات (ج1)
ص 281
ثم اللعن على الأموات أشد وزرا وأعظم إثما ، لقول النبي (ص) : لا تسبوا الأموات ، فإنهم قد افضوا إلى ما قدموا . ولا ينبغي أن يلعن الجماد والحيوان أيضا . لما روي : أنه ما لعن أحد الأرض إلا قالت : اللعن على أعصانا لله ، وما روي : أن النبي (ص) أنكر على امرأة لعنت ناقة ، وعلى رجل لعن بعيرا . ثم الدعاء على المسلم بالشر قريب من اللعن عليه ، فلا ينبغي ارتكابه ولو على الظالم ، إلا إذا اضطر إليه لشره وأضراره ، وقد ورد أن المظلوم ليدعو على الظالم حتى يكافيه ، ثم يبقى للظالم عنده فضيلة يوم القيامة . وقال علي بن الحسين عليهما السلام : إن الملائكة إذا سمعوا المؤمن يذكر أخاه بالسوء ويدعو عليه قالوا : بئس الأخ أنت لأخيك ! كف أيها المستر على ذنوبه وعورته ، وأربع على نفسك ، وأحمد الله الذي ستر عليك ! (44) . ثم ضد ذلك - أعني الدعاء للأخ المسلم بما يحب لنفسه - من أحب الطاعات وأقرب القربات ، وفوائده أكثر من أن تحصى ، بل عند التحقيق دعاؤك له دعاء لنفسك ، قال رسول الله (ص) : إذا دعا الرجل لأخيه في ظهر الغيب قال الملك : ولك مثل ذلك . وقال (ص) : يستجاب للرجل في أخيه ما لا يستجاب له في نفسه . وقال علي بن الحسين عليهما السلام : إن الملائكة إذا سمعوا المؤمن يدعو لأخيه المؤمن بظهر الغيب أو يذكره بخير ، قالوا : نعم الأخ أنت لأخيك ! تدعو له بالخير وهو غائب عنك ، وتذكره بالخير . قد أعطاك الله عز وجل مثلي ما سألت له ، وأثنى عليك مثلي ما أثنيت عليه ، ولك الفضل عليه ومثله ورد عن الباقر (ع) أيضا . والأخبار في فضيلة الدعاء للأخوان أكثر من أن تحصى ، وأي كرامة أعظم لك من أن تصل منك إلى المؤمن وهو تحت أطباق الثرى هدايا الاستغفار والأدعية ، وهل تدري كيف تسر روحه منك بهذا العمل ؟ فإن أهله يقسمون ميراثه ويتنعمون بما خلف ، وأنت متفرد بحزنك تدعو له في ظلمة الليل ، وقد قال رسول الله (ص) : مثل الميت في قبره مثل الغريق يتعلق بكل شيء ، ينتظر دعوة من ولد أو والد أو أخ أو قريب ، وإنه ليدخل على قبور الأموات
(هامش)
(44) هذه الرواية من تتمة الرواية الآتية عن علي بن الحسين (ع) . (*)