4

2.3K 66 0
                                    

الفصل الرابع

***

دخلت أسيف غرفتها وأغلقت الباب خلفها وقبل أن تخطو خطوة أخرى أستمعت لدق على الباب ، فتحته وطلت برأسها فقط بين فتحة الباب الصغيرة لترى من كان يظنها لصة ، فنظرت للأسفل بخجل فابتسم جاد بإحراج يقول بأسف :

- أسف لسوء ظني بكِ آنسة أسيف ، ولكن ملابسكِ ووشاحكِ السوداويين جعلاني أظن هذا.. .

نظرت له أسيف بعينان لامعة من الخجل وقالت بخفوت :

- حصل خير سيدي ، لم يحدث شيء.. .

تحولت بسمته المحرجة إلى بسمة جانبية سارحة بتلك النبرة الرقية ، تنهد بعمق يسترد حديثه بصوت أجش :

- تصبحين على خير ، وأتمنى أن يكون إعتزاري مقبول.. .

ابتسمت أسيف بود وقالت :

- وأنت من أهل الخير سيدي ، وبالتأكيد إعتزارك مقبول.. .

وما أن أنهت حديثها حتى طالعته بنظرة أخيرة ثم أقفلت الباب خلفها وذهبت على الفراش تنام عليه بعدما نزعت الوشاع عن رأسها وقد ذهب الظمئ لحال سبيله ، بينما جاد مازال يقف أمام الباب وبسمته مازالت على شفتيه ، وذلك الوميض مازال يتراقص بعينيه!.. .

***

بصباح اليوم التالي ، بالمطبخ ، كانت تقف أمام الموقد وتطهي طعام الإفطار عليه ، وعلى ثغرها ترتسم ابتسامة مليئة بالسعادة والأمل لأول مرة تشعر بهما ،
فهي لم تستطع النوم إلا بعد أداء أول فريضة لها بطهارة ، كانت تنتظر تكبيرات الفجر بفارغ الصبر كي تصليه بوقته وتشعر بالراحة والسكية الذاتية الذي يتخدثون عنها.. .

أتت فتاة من خلف أسيف ترتدي جلباب أسود يشبه جلبابها وأخذت صحون الطعام الزجاجية وخرجت من المطبخ متجهة لغرفة للخارج حيث الحديقة ، فقد قرر حمدي أن يكون الإفطار بالحديقة حيث الهواء النقي والضوء الإلهي.. .

وبينما هي تضع الصحون على الطاولة الخشبية نظر حمدي لكل من يجلس أمامه من أفراد عائلته وإحدى كفوفه تحتوي على " مسبحة " - خضراء اللون ، - تركزت نظراته على جاد الناظر بهاتفه دون أي اهتمام بمن حوله ، فأبعد نظره عنه ونظر لمعاذ الذي حدثه بهدوء :

- جدي أريد اخبارك بشيءًا ما حدث أمس.. .

أومأ برأسه بهدوء يحثه على إكمال حديثه، فقال معاذ :

- لقد جعلت أحدهم يعمل هنا.. .

كسى الإستنكار معالم وجه حمدي يسأله :

- أنت!.. .

أومأ معاذ بهدوء يخفي خلفه توتره يقول :

- نعم ، فهي لا تملك مكان تقيم به وبحاجة للعمل.. .

- إن كان فتاة فلا مشكلة ، فنحن معنا نساء ولا نرضى عليهم ذلك.. .

لوت ريماس شفتيها يسخرية مما قاله بيننا أومأ معاذ له، فرأى حمدي أسيف آتية نحوهما حاملة صحون الطعام وبجانبها الفتاة الأخرى ، رفع جاد نظره عن هاتفه ونظر أمامه فرآها مقبلة عليهم بطلتها البسيطة ، وللعجب لم تكن بالنسبة لجاد بسيطة بل غاية في الجمال ، فهذا الجلباب الأسود الفضفاض التي ترتديه والحجاب السماوي جعلاها أنثى بعينيه! ، وضعت أسيف الصحون على المائدة وعيناها لا تجروء على النظر لمن حولها ، كادت تذهب لكن أوقفها صوت جاد الذي قال :

بين الماضي وعشقيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن