فحضرت صلاة الضهر فصلى الحسين عليه السلام وصلى الحر خلفه فلما سلم أنصرف الى القوم وحمد الله وأثنى عليه وقال: أيخا الناس إنكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله عنكم له يكن أرضى لله عنكم ، ونحن أهل بيت محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم ، والسائرين فيكم بالجور والعدوان ، فإن أبيتم إلاّ الكراهة لنا، والجهل بحقّنا، وكان رأيكم الآن غير ما أتتني به كتبكم ، وقدمت به عليّ رسلكم انصرفت عنكم ».
فقال له الحر: أنا والله ما أدري ما هذه الكتب التي تذكر!
فقال الحسين عليه السلام لبعض أصحابه : «يا عقبة بن سمعان اُخرج الخرجين اللذين فيهما كتبهم إليّ » .
فأخرج خرجين مملوءَين صحفاً فنثرت بين يديه ، فقال له الحرّ: لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك ، وقد اُمرنا إذا لقيناك أن لا نفارقك حتّى نقدم بك الكوفة على عبيدالله .فقال له الحسين عليه السلام : «الموت أدنى إليك من ذلك » ثمّ قال لأصحابه : «قوموا فاركبوا» فركبوا ، فقال : «انصرفوا» .
فلمّا ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف فقال الحسين عليه السلام للحرّ: «ثكلتك اُمّك يا ابن يزيد».
قال الحرّ: أمّا لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل الحال التي أنت عليها ما تركت ذكر اُمّه بالثكل ، ولكن والله ما لي إلى ذكر أمّك من سبيل إلاّ باحسن ما نقدر عليه.
فقال الحسين عليه السلام : «فما تريد ؟»
قال : اُريد أن أنطلق بك إلى الأمير عبيدالله .
قال : «إذاً والله لا أتّبعك » .
قال : إذاً والله لا أدعك .وترادّا القول ، فلمّا كثر الكلام بينهما قال الحر: إنّي لم أومر بقتالك ، إنّما اُمرت أن لا اُفارقك حتّى أقدم بك الكوفة، فتياسر ههنا عن طريق العذيب والقادسيّة حتّى أكتب إلى الأمير ويكتب إلى عبيدالله لعل الله أن ياتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن اُبتلى بشيء من أمرك .
فسار الحسين عليه السلام وسار الحرّ في أصحابه يسايره وهو يقول له : إنّي أذكرك الله في نفسك ، فإنّي أشهد لئن قاتلت لتقتلن .
فقال الحسين عليه السلام : «أفبالموت تخوّفني ؟ ! وساقول ما قال أخو الأوس لابن عمّه وهو يريد نصرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فخوّفه ابن عمّه وقال : إنّك مقتول فقال :سأمضي وما بالموتِ عارٌ على الفتى * إذا ما نوى حقّاً وجاهدَ مسلما
واسى الرجالَ الصالحينَ بـــنفسهِ * وفارقَ مثبوراً وودّعَ مجرما»فلمّا سمع ذلك الحرّ تنحّى عنه .
قال عقبة بن سمعان : فسرنا معه ساعة فخفق عليه السلام هو على ظهر فرسه خفقة ثمّ انتبه وهو يقول : «إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، والحمد لله ربّ العالمين » ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثاً، فأقبل إليه عليّ بن الحسين عليهما السلام على فرس فقال : يا أبه فيم حمدت الله واسترجعت ؟
أنت تقرأ
قصة الامام الحسين عليه السلام من خروجه حتى مقتله
Historical Fictionمختصر من قصة الامام الحسين ع)