خطبة علي بن الحسين في الكوفة وهي خطبة ألقیها علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب في أهل الكوفة بعد معركة كربلاء وبعدما سيق نساء أهل بيت الحسين وصبيانهم ومرضیهم سبايا الى الكوفة حيث مقر عبيد الله بن زياد وواليها من قبل بني أمية، وقد خرج الناس للنظر إليهم.ورأى علي بن الحسين أهل الكوفة يضجّون ويبكون، وفي عنقه الجامعة ويده مغلولة إلى عنقه، فخاطبهم قائلًا: «أتنوحون وتبكون من أجلنا!؟ فمن قتلنا!؟»» ووقف علي بن الحسين أمام الحشود الكثيرة في الكوفة وخطبهم
وجيء بعلي الحسين على بعير ضالع، والجامعة في عنقه، ويداه مغلولتان إلى عنقه، وأوداجه تخشب دماً فكان يقول
يا اُميّة السّوء لا سقياً لربعكُمُ يا اُمّة لَم تراع جدّنا فينا
لَو أنّنا ورسول الله يجمعنا يوم القيامة ما كنتم تقولونا
تسيّرونا على الأقتاب عارية كأنّنا لم نشيّد فيكم ديناثمّ ، أن زين العابدين عليه السلام أومأ إلى الناس أن اسكتوا ، فسكتوا ، فقام. قائماً ، فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي بما هو أهله فصلّى عليه ، ثمّ قال :
« أيّها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي : أنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أنا ابن المذبوح بشطّ الفرات من غير ذحل ولا ترات ، أنا ابن من انتهك حريمه وسلب نعيمه وانتهب ماله وسبي عياله ، أنا ابن من قتل صبراً وكفى بذلك فخراً.
أيّها الناس ، ناشدتكم الله هل تعلمون أنّكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه وخذلتموه ؟! فتبّاً لما قدمتم لأنفسكم وسوءاً لرأيكم ، بأيّة عين تنظرون إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله اذ يقول لكم : قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمّتي ؟! ».
فقال. رحم الله امرأً قبل نصيحتي، وحفظ وصيتي في الله وفي رسوله وفي أهل بيته، فإن لنا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسوة حسنة.
قال الراوي : فارتفعت أصوات الناس من كلّ ناحية ، ويقول بعضهم لبعض : هلكتم وما تعلمون.
فقالوا بأجمعهم : نحن كلّنا يابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك ، فأمرنا بأمرك يرحمك الله ، فإنّا حرب لحربك وسلم لسلمك ، لنأخذن يزيد ونبرأ ممّن ظلمك وظلمنا.
فأجابهم علي بن الحسين عليه السلام : « هيهات هيهات ، أيّها الغدرة المكرة ، حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم ، أتريدون أن تأتوا إليّ كما أتيتم إلى أبي من قبل ؟! كلّا وربّ الراقصات ، فان الجرح لما يندمل ، قتل أبي صلوات الله عليه بالأمس وأهل بيته معه ، ولم ينسني ثكل رسول الله صلّى الله عليه وآله وثكل أبي وبني أبي ، ووجده بين لهواتي ، ومرارته بين حناجري وحلقي ، وغصصه تجري في فراش صدري.
ومسألتي أن لا تكونوا لنا ولا علينا ».
ثمّ قال :
« لا غرو إن قتل الحسين وشيخه
قد كان خيراً من حسين وأكرمافلا تفرحوا يا أهل كوفان بالذي
أصاب حسيناً كان ذلك أعظمابالذي
قتيل بشط النهر جزاه الذي اراده
روحي فداؤه نار جهنماثمّ قال عليه السلام : « رضينا منكم رأساً برأس فلا يوم لنا ولا علينا ».