6

885 84 7
                                    

... . وانتهبوا رحله وإبله وأثقاله وسلبوا نساءه .

قال حميد بن مسلم : فوالله لقد كنت أرى المرأة من نسائه وبناته وأهله تنازع ثوبها عن ظهرها حتّى تُغلب عليه فيذهب به منها.

قال : ثمّ انتهينا إلى عليّ بن الحسين عليه السلام وهو منبسط على فراشه مريض ، ومع شمر جماعة من الرجّالة، فقالوا : ألا نقتل هذا العليل ، فقلت : سبحان الله أتقتل الصبيان ! إنما هذا صبيّ ، وإنّه لما به ، فلم أزل بهم حتَى دفعتهم عنه .

وجاء عمر بن سعد فصاح النساء في وجهه وبكين فقال لأصحابه : لايدخل أحد منكم بيوت هؤلاء النساء ، ولا تتعرّضوا لهذا الغلام المريض ، فسألته النسوة أن يسترجع ما أخذ منهنّ ليستترن به ، فقال : من أخذ من متاعهنّ شيئاً فليردّه ، فوالله ما ردّ أحدٌ منهم شيئأ، فوكّل بالفسطاط وبيوت النساء وعليّ بن الحسين عليهما السلام جماعة ممّن كانوا معه ، فقال :احفظوهم .

ثمّ عاد إلى مضربه ونادى في عسكره : من ينتدب للحسين فيوطئه فرسه ؟ فانتدب عشرة، منهم : إسحاق بن حيوة، وأخنس بن مرثد، فداسوا الحسين عليه السلام بخيولهم حتّى رضّوا ظهره لعنهم الله .

وسرح عمر بن سعد لعنه الله برأس الحسين عليه السلام من يومه ـ وهو يوم عاشوراء ـ مع خولي بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم الأزدي إلى عبيدالله بن زياد لعنه الله ، وأمر برؤوس الباقين فقطعت وكانت إثنين وسبعين رأساً، فسرّح بها مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الأشعث وعمرو ابن الحجاج لعنهم الله ، فاقبلوا حتّى قدموا بها على ابن زياد لعنه الله، وأقامه وبقيّة يومه واليوم الثّاني إلى الزوال ، ثمّ نادى في الناس بالرحيل ، وتوجّه نحو الكوفة ومعه بنات الحسين عليه السلام وأخواته ومن كان معه من النساء والصبيان ، وعليّ بن الحسين عليه السلام فيهم وهو مريض بالذّرَب (35) وقد أشفى (36).

فلما رحل إبن سعد خرج قوم من بني أسد ـ كانوا نزولاً بالغاضريّة ـ إلى الحسين عليه السلام وأصحابه ، فصلّوا عليهم ، ودفنوا الحسين عليه السلام حيث قبره الآن ، ودفنوا ابنه عليّ بن الحسين الأصغر عند رجليه ، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين صُرعوا حوله حفيرة ممّا يلي رجله وجمعوهم فدفنوهم جميعاً معاً ودفنوا العبّاس بن عليَ في موضعه الذي قتل فيه على طريق الغاضريّة حيث قبره الأن .

فلما وصل رأس الحسين عليه السلام ووصل ابن سعد من غد يوم وصوله جلس ابن زياد في قصر الإمارة وأذن للناس إذناً عاماً، وأمر بإحضار الرأس فوضع بين يديه فجعل ينظر إليه ويتبسّم وبيده قضيب يضرب به ثناياه ، وكان إِلى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وهو شيخ كبيرٌ ـ فقال : إرفع قضيبك عن هاتين الشفتين ، فوالله الذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ما لا اُحصيه تترشفهما . ثمّ انتحب باكياً، فقال له ابن زياد : أبكى الله عينك ، أتبكي لفتح الله ، والله لولا أنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك . فنهض زيد بن أرقم وصار إلى منزله.

قصة الامام الحسين عليه السلام  من خروجه حتى مقتلهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن