** كانت نائمة في فراشها .. ينسدل عليها شعـرها الطويل الأسود .. وتخلخل اشعة الشمس على بشرتــها الحنطية .. تقلبت في فراشها وهي تفتح عينيها الواسعـة ذات اللون البني .. فتحت عينيها وأغلقتها عدة مرات علي صوت ذلك المنبه اللعين ... إعتدلت في جلستها وهي تفرد ذراعيها وتتثاوب .... قامت من فراشها وهي تتوجه ناحية حمام غرفتها .. كانت متوسـطة القامه بجسد هذيل ضعيف .. أغتسلت وأرتدت ملابسها المعتادة .. ملابس الجامعه التي لا تنتهي .. رتبت شكلها وملابسها وخرجت من غرفتـها لتسمع صوت يناديها من خلفها ( مــريم ) ألتفت له مـريم بهدوء وهي تميل رأسها وتخرج نظره من عينيها لا تنُم على خير .. نظرة لا يتوقعها أحد من فتاة هادئة الملامح مثلها .. كانت تنظر لصاحب الصوت بنظرة قاتلة وكأنها تود قتله .. تنظر له بإشمئزاز .. تنظر له بكره .. تنظر له بغضب .. فأصدر ذلك العجوز صوتًا مره أخرى قائلاً ( لماذا لا تُجيبين؟ هل أكل القط لسانك؟ ) نفخت بهدوء وهي تلتفت مره أخرى لتُغادر ليستوقفها صوته ( هل حقاً تُصدقين أنني قتلتُ والدتِك ؟) وقفت مكانها وهي تُدير ظهرها .. كانت تنظر أمامها بنظرة غاضبة حزينة .. لمعت عينيها بالدموع وغادرت سريعًا .. كانت تسير بخطى سريعة وهي تتذكر ماضيها المؤلم .. وتتهم ذلك العجوز الذي يُدعي والدها بأنه قتل والدتها ... قتلها أمام عينيها .. منذ ذلك اليوم ومريم لا تتحدث ابدًا ولم يخرج صوتها حتي نسى الجميع كيف يكون صوتها ..مرت علي تلك الحادثه ثلاث سنوات ولكن مريم مازالت متأثرة بها للغاية ...
دخلت جامعتها وذهبت بخطى سريعة إلى المكتبة ..ملجأها الوحيد ... وقفت تختار الكُتب التي تُريدها وجلست تقرأ بها وهي تُدون ما تُريد من أجل دراستها ..كانت وحيدة غير مرغوب بها، منبُوذة.. لم يكن لها أصدقاء كان الجميع يخاف منها لسكوتها ونظراتها الحادة الغير مُريحة ...
إنتهت من كتابتها وتوجهت لمحاضرتها وجلست في المقعد الأول فـ الآن موعد مُحاضرتها المفضلة .. إبتسمت بهدوء مع دخول الدكتور .. نظرت إليه تفحصته سريعاً وهي تري هل به تغيير أم لا .. هل يشعر بالحزن أم السعادة .. وكل شي يتعلق به كانت تستنتجه من نظراتها له، تُراقبه بشدة بسبب شدة حُبها وعشقها به .. كانت مريم معجبة بدكتورها .. كانت تحبه من قلبها .. ولكن لا أحد يعلم بذلك ولا حتى هو .. كانت تكتمه سرًا داخلها .. تنهدت بعمق وهي تستمع لصوته وكأنه معزوفة بيتهوفن .. مالت برأسها وهي تنظر له بعمق وهيام .. ظلت طوال المحاضره على هذه الحالة وهي تُشبع نظرها وقلبها منه .. فهي لا تراه إلا ثلاث مرات في الأسبوع خلال المحاضرات .. و نادراً ما تراه بالصدفة .. كان هو أيضاً معجب بها ولكن ليس بها شخصياً وإنما معجب بذكاءها وتفوقها الدراسي ..كانت تتميز مريم بالذكاء الداهي .. وكانت دائماً ما تكون الأولى على دُفعتها كاملة .. إنتهت تلك المحاضرة بسلام .. ولكن مريم لم تُشبع نظرها منه .. ولكنها إبتسمت حينما رأت ابتسامته الجميله وهو يقول ( حسنًا طُلابي الأعزاء سيُوضع بدلاً مني دكتور لهذه المادة ) فأجاب البعض بصوت حزين ( لماذا هل أزعجناك بشئ؟ ) هز رأسه بالنفي قائلاً ( لم يُزعجني أحد بشئ ولكن ما في الأمر أنني أخذت عطلة لمدة شهر .. لأن زواجـي سيكون في نهاية هذا الأسبوع .. وسأكون متشرف بحضوركم ) صفق الجميع بحراره وأقبل البعض بالتهاني له .. بينما مريم .. مريم مكانها ثابتة لا تتحرك .. مصدومة .. أو شبه مغمى عليها وليست في الحياة .. هل قال سيتزوج .. وماذا عنها ؟ ماذا عن الأحلام التي حلمتها معه ؟ ماذا عن الأطفال الذين حلمت بأنجابهم منه ؟ ماذا عن الفستان الأبيض الذي أبت أن ترتديه سوي له ؟ ماذا عن كل تلك الأحلام هل ستقع في الأرض هباءًا .. أبتسم الدكتور مازن وهو يعاود التحدث ( وكما تعرفون الإختبارات لم يتبقى عليها سوى إسبوعان لذلك فقط إسبوعان بدوني ) .. بدأ الجميع يهمهم بتفهم بينما مريم مازالت لا ترمش من صدمتها تلك ؟! هل قال سيتزوج .. " لا لا يبدو أنني أحلم ".. هذا ماكان يُفكر به عقلها الصغير .. بينما قلبها يعتصر مكانه ويدق سريعًا.. أقبل جميع الطلاب بالتهاني مرة أخري له بينما هو أكتفى بالإبتسام وتوجه ناحيتها قائلاً بصوت هادئ ( مريم .. أتمني لكِ حظاً موفقًا .. أراكِ فيما بعد يا طالبتي المميزه ) و أبتسم آخر أبتسامه في وجهها وغادر بينما هي ظلت جالسة تستوعب كلماته .. أنه حقاً سيتزوج .. جمعت جميع كتبها وخرجت سريعاً متوجهه للمنزل .. أستغرب والدها قدومها المفاجئ هذا وقبل معادها أيضاً .. فوقف بفزع ( مريم .. ماذا هناك عزيزتي هل أنتِ بخير؟ ) نظرت له نظرة قاتله .. لو أن النظرات تقتل لقُتل مكانه .. صعدت سريعاً لغرفتها وأغلقت الباب خلفها وهي تتوجه لفراشها وتجلس عليه .. كانت شاردة بصورة والدتها المتوفاه .. كانت تميل برأسها وكأنها مجنونة خرج صوتها من حنجرتها كاللهيب ..لم يخرج ذاك الصوت منذ ثلاث سنوات .. واليوم خرج .. خرج صوتاً هادئاً ..خرج صوتاً به ألم .. خرج صوتاً به غضب ..خرج صوتاً لا ينمُ علي خير .. خرج بقولها ( لماذا .. لماذا سيتزوج غيري وأنا من حلمت .. لماذا سيتزوج غيري وأنا من أحببت بقلبي .. لماذا لماذا أمي .. هل أبدو بشعة .. أخبريني لستُ جميلة صحيح؟ ) وقفت أمام المرآة وهي تنظر لنفسها وتتحدث بصوت مرتجف ( هل لأنني لا أهتم لنفسي مثلهن؟ ..) أخرجت أدوات التجميل خاصتها .. وبدأت بالوضع بيد مرتجفة غاضبة ..وضعت مكياج هادئ يليق بها وهي تنظر لنفسها وتُحدث صورة والدتها علي الحائط بجوارها ( أُنظري أمي .. أنا جميلة ) رتبت شعرها بطريقة جعلتها كالأميرات ( أُنظري أملك شعر طويل .. أُنظري أمي أنني جميلة .. ) ألتفت مره أخري لصورة والدتها وهي تنظر بغضب واضح ( سأقتل من تريد اخذه مني ..سأقتلها إلي أشلاء .. أقسم أنني سأقتلها واجعله يتزوجني ) ضحكت بسخرية وهي تقول بصوت مرتجف ( وإذا قتلتها .. لا شئ سيحدث .. لا شئ ) مسحت دموعها وهي تبتسم ببراءة ( لن يعرف أحد بهذا صحيح .. أجل لن يعرف سيكون ذلك سر بيننا أمي ) وضعت اصبعها السبابه علي فمها وهي تقول بصوت هامس ( هوووس .. هذا سر ) وعادت تتضحك بقوة .. انقلب هذا الضحك الهيستيري الي بكاء أكثر هيستيرية ..كانت تبكي بصوت يقطع الحجر الي نصفين ..فما بالك بقلب يسمع صوت بكاءها .. كانت دموعها علي خديها تحرقها .. بل القلب هو من يحترق .. القلب هو من يتألم .. القلب هو من يتقطع .. القلب هو من يموت .. نامت أرضًا وهي تبكي وتضم جسدها إليها وتردد ( لماذا يا أمي لماذا؟؟ ) وصرخت بقوة لتُخرج ما بداخلها من ألم .. كان والدها يستمع لصوتها من خلف الباب وهو يتقطع هو الآخر .. ظلت علي تلك الحاله لمدة لا تتجاوز النصف ساعة .. اعتدلت مكانها وهي تردد ( سأقتلها أقسم .. سأصبح قاتلة لأجله ) دلفت الي حمام غرفتها وغسلت وجها بقوة، تفركه بعنف .. بينما أثر الكحل أسفل عينيها .. وعينيها البنيه تحولت للون الأحمر .. للون الدم والشر الذي تنوي عليه .. أبتسمت بسخرية وهي تنظر لشعرها وتميل برأسها كعادتها لفعل مصيبة .. ذهبت أمام مرآة غرفتها ووقفت أمامها وهي ممسكة بمقص وامسكت شعرها وقصته !!
كان يصل أسفل ظهرها بكثير أصبح بالكاد يصل أخر رقبتها ! ...كان الشعر القصير يليق بها ولكن هل يوجد كالشعر الطويل .. أبتسمت بهدوء وكأن شيئًا لم يكُن، وكأنها لم تكن حزينة او تصرخ الآن .... تركت واقعًا مكانه وتوجهت لفراشها وتدفئ نفسها .. اغمضت عينيها بارهاق وكأن شي لم حدث في يومها !!
أنت تقرأ
مـريم
Short Storyالإهتمام .. من إحدى الأسباب التي تجعلك تقع في حُب شخص أياً كان هو ، يجعلك تعشقه ، تدمنه ولكن مـريم قِصتها مُختلفة مع الإهتمام في بعض الأحيان يكون الإهتمام إحتياج إلي وجود شخص معين بجواره ويعطيه قدر الإمكان من الإهتمام حتي لا يفقده ويجعله بجواره دا...