سارت بخطواتها السريعة وهى تعبر حديقة منزلها، نظرت حولها بحذر شديد قبل أن تخرج من باب جانبي بالحديقة ثم بدأت بالسير بسرعة نحو الشارع الرئيسي قرب منزلها، أشارت بيدها وأوقفت سيارة أجرة وجلست بالمقعد الخلفي وأعطت السائق العنوان المتجهة اليه، بعد ربع ساعة توقفت السيارة أمام مركز التسوق، طلبت من السائق أنتظارها بالخارج وقد اتفقت معه أنها ستدفع له كل ضعف ما يطلب، ترجلت من سيارة الأجرة بسرعة ودخلت مركز التسوق وتجولت لمدة ساعة عند المتاجر حتى تأكدت من أنها أبتاعت جميع احتياجاتها وخرجت من مركز التسوق، نظرت إلى الساعة بيدها وتنهدت براحة حيث كان الوقت مبكرا وما زال هناك وقت كافي لوصولها، بعد ثلث ساعة وصلت مكانها المنشود، طلبت من السائق أن يركن سيارته بالطرف الثاني من الشارع وينتظرها هناك، ترجلت من سياره الأجرة بسرعة وهى تنظر إلى مقر الشركة العملاقة أمامها بفخر كبير قبل أن تدخل المبنى بخطوات سلسة وهى تعبر من ممر إلى آخر، كان من الواضح أنها كانت تعرف جميع مداخل ومخارج الشركة، كان تصميم وبناية الشركة فريد جداً من نوعه ولا مثيل له وتم تصميمه على يد أفضل المهندسين، كان المبنى خالياً من الموظفين حيث حرصت على أن تسبق وصولهم إلى الشركة بموعد وصولها المبكر جداً، أستقلت المصعد حتى الطابق السابع وعبرت ذلك الممر القصير حتى وصلت إلى مكتب الإدارة، كان في إنتظارها فتاة في منتصف العشرين وهى سكرتيرة صاحبة الشركة والتى يبدو أنها تعرف كل شيء عنها وعن سبب مجيئها، وقفت أمامها بسرعة ورحبت بها بتحية سريعة وبأحترام وقالت: صباح الخير يا آنسة، لقد أتيت في وقت قياسي، هيا حاولي أن تنهي كل شيء بسرعة قبل أن تصل الرئيسة والموظفين.
_ " لا تقلقي سيرين، تعلمين إنها ليست المرة الأولى، لن أتأخر.
فتحت باب المكتب بنسخة المفتاح الخاصة بها وأغلقته خلفها بسرعة وإحكام، كان مكتباً أنيقاً مرموقاً وواسع للغاية، وقفت بمنتصف المكتب وهى تلتفت حولها عدة مرات بنظرات تفحصية مبهمة، أول شئ فعلته فتحت النوافذ وأزاحت الستائر لتجديد الهواء ودخول اشعة الشمس للمكان، قامت بتشغيل جهاز التكييف وتنفست مطولا بعمق دلالة على أستمتاعها ببرودة المكتب المنعشة وطراوته، أنزلت الحقيبة عن ظهرها ووضعت كيس مشترياتها بالأرض وأخرجت كل الأغراض التى تحتاج إليها، بدأت أولاً بترتيب طاولة المكتب المليانة بالأوراق والملفات ونظفت سطح المكتب بملمع خاص بالاثاث، قامت بتشغيل جهاز الحاسوب الموجود بسطح المكتب واتطلعت على كل المواعيد الخاصة بصاحبة الشركة وقامت بطباعتها بسرعة بشكل قائمة وقامت بتسليمه إلى سيرين في مكتبها، فتحت خزانة المكتب المصقولة بالزجاج وراجعت كل الملفات داخلها ورتبتها بنظام شديد في الرفوف الأولى ووزعت كل ملف حيث التواريخ والاسماء أما بقية الرفوف فاكتفت بتأملها بنظرة إعجاب كبيرة فكانت مزينة بعدد لا يحصى من الجوائز الفخرية وأهمها جائزة عبارة عن كرة من الذهب وتمثال فضي من البرونز وكانوا تحف حقيقية بحق، دلفت غرفة داخلية موجودة على اليسار مخصصة بالاجتماعات واللقاءات الشخصية، كانت مصممة بديكور من اللونين الأبيض والرمادي وتتوسطها طاولة مستطيلة حولها أربع ارائك، رتبتها بشكل سريع وحملت سماعة التلفون وطلبت من سيرين تحضير كوب القهوة وإحضاره للمكتب بعد عشرة دقائق من الوقت، قامت برش معطر الجو برائحة المسك بأرجاء المكتب وبغرفة الاجتماعات أيضاً، ووضعت آخر لمساتها وهى عبارة عن باقة زهور طبيعية نسقتها بعناية في آنية زجاجية راقية باللون الذهبي ووضعتها على سطح طاولة المكتب وباقة أخرى في غرفة الاجتماعات، جلست بعدها بتعب على الأريكة وأنفاسها تتصاعد بعد المجهود الجبار الذي انجزته في أقل من ربع ساعة فحسب وكانت راضية جداً عن كل التغييرات الجميلة التى صنعتها في المكتب، كانت لا تزال غارقة في تأملاتها حتى سمعت فجأة صوت طرق على باب المكتب مما جعلها تنهض من مكانها بارتباك وهتفت قائلة: هذه بالتأكيد سيرين، لابد أن أحدهم قادم".
جمعت أغراضها بسرعة وأدخلتهم بحقبيتها ومحت أي أثر لوجودها بالمكتب وفتحت الباب ووجدت أمامها سيرين وهى تتحدث بتوتر شديد: لقد وصلت الرئيسة وهى بداخل المصعد الان في طريقها إلى هنا.
_" حسناً، تمالكي أعصابك ولا داعي للذعر، سوف سأتصرف وبالطبع أنت تعرفين ما ستفعلين تالياً.!!
_ نعم، بالطبع، من المستحيل بالنسبة لي أن أذكر أسمك، ولن المح إلى أي شخص مجرد تلميح بأنك كنت هنا.
_" جيد، سأذهب على الفور، وداعاً"
وضعت الحقيبة بظهرها وأغلقت خلفها باب المكتب بالمفتاح وركضت بأقصى سرعة ناحية السلم المقابل للمصعد وهى تدعو في سرها الا يُفتح باب المصعد، هبطت درجات السلم إلى أن وصلت للطابق الأخير وخرجت من الشركة بأكملها، ركبت في سيارة الأجرة وعادت إلى منزلها وصعدت غرفتها بسرعة ورمت بنفسها على سريرها وأغمضت عينيها لعدة لحظات وهى تناشد الراحة لكن سرقها النوم ما أن لامس رأسها الوسادة، ولم تستيقظ ألا عند شعورها بحرارة الشمس على جفونها وملئت الغرفة بأشعتها، أنتفضت بسرعة ونهضت من السرير حين تذكرت أنها تأخرت كثيراً على مدرستها، أخذت تجوب بالغرفة وهى ترتب أغراضها المدرسية وأرتدت ثيابها في غضون ثواني وخرجت من المنزل، أدارت سيارتها وتولت قيادتها بنفسها فهى كانت متأخرة لدرجة انها لا تستطيع انتظار مجيئ سائقها الخاص رغم أنه يعيش في ملحق صغير بمنزلها، أنطلقت بالسيارة بأقصى سرعة وهى تخرج من المنزل، كان من الصعب عليها القيادة إذ كانت تشعر بآلام حادة في قدميها بعد مغامرة اليوم لكن حاولت أن تتناسى شعورها بالتعب ورسمت ابتسامة صغيرة على وجهها وهى سعيدة جداً أن مغامرتها أنتهت بسلام.
أنت تقرأ
حكاية جود
Randomوراء مظهرها البارد الهادئ، كان يكمن رجل واحد والذي سرعان ما وقعت في غرامه، وأنزوى قلبها بين جدران سجنه القاسي وقُضبانه، قلبهُا العذري ذاك الذي لم يرأف عليه بكذبه وانتقامه.