أمور تحدث

225 10 1
                                    

كان يُثرثر لمُدة تجاوزت الاربعين دقيقة؛ دون أن أُقاطعه بكلِمة واحدة
مع انِي أُعاني من صعوبة امتِصاص أحاديثه، شعرت انها كالسِهام الحارَّة التِي تتطاير من فمه الىٰ اذناي، فتحرقها بِفظاعة
انه يُحاول باستِمرار؛ الَّا يُشعرنِي ان فحوىٰ أحاديثه انذارًا لِي
وسدودًا تمنعني من الوصول اليه
في الرمق الأخير، قاطعته بالموسيقىٰ، بات الأمر واضحًا الآن
لقد ضجرت، و لم أعد أحتمل أكثر
•شُكرًا شُكرًا
- ....
•هل أطلتُ في الكلام؟
-لا
•حدّثيني عن يومك
-لا شيء جديد، اليوم كالأمس الذي يُشبه ما قبله
•يهمني الَّا تشعري بانزِعاج، أو تعتقدي لمُجرَّد اعتِقاد اني اعنيك فيما قلته آنِفًا
-اطمئِن لم أعتقد شيء
•لا أظن!
- .....

كنت أشتمه في داخلي، لقد أزعجني ما قاله، أستغرب كيف له الَّا يلحظ استيائي وامتِعاضي
كانت الموسيقىٰ فقط تتحدَّث، انه علىٰ الخط، كنت أتوق الىٰ احتِضان أنفاسه المُتصاعدة
و ركل كلِماته الشنيعة الجافَّة جدًا
أحيانًا أستشعر هُتافات قلبه لِي، ما يوشك عقله أن يصفعنِي وسط معمعة الشعور والحِس المُرهف الرقيق
من المُشين حقًا؛ أن تقع امرأة مُكابرة في حُب رجُل جاف
يصعب علي الاستطراد في شخصيته، بين الفترة والأُخرىٰ
يُشعرنِي انه شريكي بالرقص، يتفنن في تدويري بكُل رشاقة
وكأني فراشة، أُرفرف عند بتلات زهرةٍ تتهاوىٰ مع نسيم الربيع اللطيف
هٰذا غير انه كالأرض الخصبة، التي تجذّرتُ بكل ثِقة داخل أحشائِها
واللذيذ فيما يحصل بين صديقين، تِلك الأُلفة والوِداد، والرونق المُنسجم في تضاريس الاختِلاف المُعتَّق بالصدق
لٰكنه فجأة يتصرَّف كما لو كنت جلَّاد، أو حتىٰ ضابط شرطة سيحكم عليه بالسجن المُؤبَّد، ويحرمه من لذّة الحُرية والعربدة..
يُصبح غير عادِل، ويُفسِّر روحانيتي معه بِطريقة سمِجة

•أنتِ غاضِبة؟ هٰذا ما أستدل به من صمتك
-ماذا أقول؟
•تحدّثي عن يومك
-لدي تفاصيل كثيرة، قد تبدو تافِهة
•أُحب التفاصيل
-دارت بيني و بين صديقاتِي حوارات مُتفرِّقة
•هل تعرفيهن منذ زمن؟
-قليلًا

لستُ مُستعدّة بعد لِتغيير المِزاج، ليته لا ينتهك حُرمة صمتي، كيف أُخبره اني منزعجة وغاضبة؟
الكارثة انه يشعر نوعًا ما، ويختار أن يتجنَّب الصِدام معي
فيسأل اسئلة ساذجة عشوائية، علىٰ أمل تبديد غيمة الغضب التي تعتريني

-صدّقني الحوارات تافِهة للغاية
•أصدقيني القول فقط
-بشأن ماذا تُريد مصداقيتي؟
•بشأن ما تحدّثت عنه قبل دقائق، هل أُكمِل؟
-يُمكنك الاكمال
•واثقة انه لا يُزعجك؟
-لا يعني لي اي شيء حتىٰ أُعطيه انفِعالا
•انها حِكمٌ حياتية، اظنها مُلائمة لنا، حتىٰ نتصرَّف جيدًا

تبًا انه مُصر علىٰ ازعاجي! حسنًا لايُهم فليُثرثر وحده، علىٰ ايةِ حال لن أهتم، ليتني لم أُطلعه علىٰ اهتِمامي، أو أُشعره بِوهج عاطفتي
ها هي الدقائق تمر بِبُطء وصعوبة، في حين انه يُثرثر بِصوته الثقيل
عجبًا! كيف يُصبح صوت الرجُل ثقيل داخل مسامع امرأة فُتنت به من قبل؟ اظنّه بِسبب ما يتفوّه بِه، النِساء تستنكر ما يُقال ان كان مُنفِرًا
فتكره الصوت والكيان بأكملِه، هل نحن أنانيات الىٰ هٰذا الحد؟
في أثناء ثرثرتي عنه داخل عقلِي؛ انفجر ضاحكًا فجأة؛ تِلك الضحكة التِي تقلب كيانِي وأستلِذ بِنبراتها

أضغاث أحلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن