11

8.5K 277 22
                                    

_من حفر حفرة _
---------------------------------------

أخذت تسير جيئةً وذهابًا وهي تفرك كلتا يديها ببعضهما في قلق.. إلى أن رأته قادم إليها وهو يسألها بثبات:
"جلنار.. ماذا حدث؟ "
فأجابت عليه بضيق:
"لقد غضب مني تيم.. وعاتبني وأنا لن أتحمل غضبه مني.. هذا أخي يا أوار.. ماذا أفعل؟ "
تنهد "أوار " بضيقٍ وهو يهتف بحدة:
"ماذا فعلتِ ليغضب؟؟ "
فقالت بخفوت:
"عاملتها بجفاء ".
"أنتِ مخطئة جلنار ولم أتفق معك على ذلك.. "
"ولكن يا أوار... "
قاطعها بصرامة :
"هذا هو الحل صدقيني جلنار... "
"اسمعينا جيدًا يا جلنـــار"!
كانت هذه العبارة لـ "روكسانا " التي جاءت من خلف أخيها تهتف هي الأخرى بعدائية:
"أوار محق فيما يقول.. وهذا الحل الأمثل لطرد هذه اللئيمة من القصر وخروجها من حياة أخيك تماماً ".
صمتت "جلنار" وهي توزع نظراتها عليهما في خوف.. بينما يُواصل "أوار " بخبث:
القرار يرجع أخيرا لكِ حبيبتي.. أنا أود أن أبدأ معك حياتي دون أي نزاع وخروج هذه من حياتكم سيفرق كثيراً.. "
بينما تردف "روكسانا" :
"هل اتفقنا جلنار؟ "
هزت رأسها مرغمة وقالت :
"اتفقنا "..
-------------------------------------------

تحت أشعة الشمس الذهبية كانت تمشي بين الأشجار والحدائق تشب على قدميها وتقطف حبات المانجو..
تأكل منها بنهم وتلذذ بينما تلطخ وجهها وثيابها كعادتها.. لكنها لا تهتم.. لقد تحدث معها الملك البارحة.. أن تكون متزنة أكثر من ذلك... أن لا تكون عفوية إلى هذا الحد.. لقد أصبحت حرمه.. أصبحت الملكة "فنار" فلتتعامل على هذا الأساس..
كانت عيني "قسمت" ترقبانها عبر النافذة والغيظ يشتعل بها كالنيران.. ماذا تفعل؟ 
أهذه زوجة ابنها؟؟ 
لا تُصدق.. لا تصدق.. لقد خذلها وجاء بهذه البلهاء زوجة له وجعلها ملكة! 
بينما شعرت بـ "تيجان" يقف خلفها وهو يهمس بشراسة:
"هل رأيت الفضائح يا قسمت؟ "
"رأيت.. وسأموت.. حتماً سأموت "
"لا.. بل هي.. ستموت "
نظرت له بصدمة وهي تقول
"هل مازلت تنوي قتلها؟؟ "
فقال والشر يتطاير من عينيه :
"نعم... سأقتلها ونستريح.. "
"ماذا.. ستفعل يا تيجان؟ "
تابع وقد صر على أسنانه بقوة:
"سأحفر لها حفرة.. ستقع بها وستموت.. كأن قدميها انزلقتا وهي تركض كعادتها.. لا تخافي لن يعرف تيم شيئا أنا قد رتبت كل شيء "
"احذر يا تيجان.. ان علم تيم سيحدث ما لم تتوقعه "!
-----------------------------------------------

مازالت "فنــار " تمشي بين الحدائق تلعب مع الفراشات التي تتراقص فوق الأزهار بحرية.. كانت الابتسامة ملء شدقيها وهي تقفز بلا وعي منها غافلة عن عيني "تيم" المتابعتين لحركاتها.. أثارت غضبه وغيظه لكنه لم يستطع منع ضحكته الخافتة.. لا يعرف ماذا تفعل به.. انها تضحكه بشدة دائما حتى وهو غاضبا منها ويريد قتلها من تصرفاتها المجنونة..
أخذ يقترب منها ببطء.. وهي مازالت تلهو مع الفراشات..
"ما هذا؟؟؟ ".
تجمدت أوصالها وكأنها تصلبت مكانها عقب أن سمعت صوته الجهوري الذي بدا وكأنه رعد يدوي في أذنيها.. أغمضت عيناها بشدة وهي تلتفت له وتقول بلا مقدمات:
"أنا آسفة.. لن أفعل هذا الهراء مجددًا "
اقترب منها أكثر وراح يمسح على ثغرها بإبهامه بواقي المانجو التي أكلتها.. بينما يقول باقتضابٍ :
"إذن أنتِ تعلمين أن هذا هراء!! .. ماذا قلت بالأمس فنار.. هل هذه تصرفات ملكة؟؟؟ "
ابتلعت ريقها وهي تجيب بأدب :
"لا.. "
"لماذا فنار.. لماذا لم تسمعي كلامي "؟!
"سأسمع.. أعدك سأسمع دائماً "
مضى يتأمل ملامحها بعينين براقتين تتوهجين عشقا جارفا.... كم يحبها تلك السمراء.. كم تأسر قلبه النابض..
"حسنا.. سأصدقك.. هيا أريني كيف تسير الملكة "!
ابتسمت بثقة وسارت أمامه قبيل أن ترفع رأسها وذقنها كما علمها.. وتقوم بفرد ظهرها وكتفيها كما علمها أيضًا.. وتسير هكذا القدم اليمنى أولا ثم اليسرى.. 
سار خلفها وهو يكتم ضحكته بينما هي تسير ببطء حتى لا تسقط.. إلى أن اصطدمت بشيء ما.. فاضطرت لأن تنظر أرضا لتجده "رعـــد "!!!
اتسعت عيناها وانتفضت خائفة وركضت خلف ظهر زوجها لتحتمي به... لكنه ضحك بيأس وهو يجذبها من ذراعها ويجبرها على الوقوف بجانب الأسد.. ثم يهتف بنفاد صبر :
"هل كنت أحدث نفسي فنار... لا تخــافي هل تفهمين؟؟ "
راح الأسد يتمرغ بها ويدور حول ساقيها بينما هي متسعة العينين بذعر وتهمس بتلعثم:
"س سيدي.. إنه يلتصق بي "!
انفجر ضاحكا وهو يخبرها ببساطة :
"هذا يعني أنه أحبك فنار.. لذلك هو يتمرغ ويلتصق بكِ هكذا.. لا تخافي وتعاوني معه"
بدأت تهدأ تدريجياً مع تشجيعه لها واطمئنانه.. وبدأ الائتلاف يكتمل بينها وبين الأسد.. تجرأت ومسحت على ظهره.. ما إن يزأر تبتعد.. ثم تقترب وتبتعد.. إلى أن استطاعت التعامل معه بحب.. وابتسامة..
ابتسم "تيم" وهو يقول بجدية:
"هكذا أفضل أليس كذلك يا قهوتي؟؟ "
أومأت برأسها في ارتياح ثم قالت :
"نعم.. نعم سيدي.. أحببته "
"سأتركك معه وأذهب إلى حجرة عملي لأنهي بعض الأعمال "
ترددت وهي تقول بخوف قليلًا :
سآتي معك.. سي...."
"ابقي مع رعد.. "
أومأت في طاعةٍ.. بينما مال إليها قبل أن يسير وهمس بأذنها :
" كفى تدليلا فنارتي.. "
ثم همس بشيء اخر في اذنها الأخرى جعلها تحمر خجلًا وتركها على ذلك ورحل.. ابتسمت بسعادة وكادت تقفز لكنها وقفت مكانها وهي تهمس إلى نفسها بحزم:
"هذه أفعال ملكة؟؟ "
ثم نظرت إلى "رعد" وقالت بتوتر:
"حسنا يا رعد.. أنت لست جائع.. صحيح؟.. إياك أن تشعر بالجوع الآن "!
استدارت لتسير ببطء وابتعد عنها "رعد " ليتجول هو الآخر بالحدائق.. ظلت تنادي عليه تارة وتتركه تارة وقد صاحبته تماما ووجدته رائعا كصاحبه الملك...
---------------------------------------------

مملكة الأسد، بقلم فاطمة حمدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن