الغيوم الرمادية الكثيفة غطت سماء المدينة الواسعة مانعة اشعة الشمس الدافئة من التسلل اليها، الثلج قد توقف عن التساقط منذ بضع ساعات ولكن الجو كان باردا حد التجمد، يمكنك ان ترى بوضوح ذلك البخار الكثيف يتصاعد من أفواه كل من يتحدث أو يتنهد كاشفا مقدارا من هموم اثقلت قلبه،
اسرعت اقدام الجميع نحو منازلهم بعد ان كانوا يحتفلون في الامس بليلة رأس السنه ، البعض يخبؤون أيديهم في جيوبهم والبعض الاخر يفركونها ببعضها كلهم يبحث عن الدفء، إلا هو ...كان يمشي وحيدا يتنقل بعينيه الرمادية بين الأضواء الصغيرة التي جملت الشوارع، و المنازل والمحلات المزينة بأبها الحلل، حاملا كاميرا احترافية بين يديه، رفعها قليلا ليضعها في محاذاة بصره ويضغط على زر التصوير، ابتسم برضى ليستريح على مقعد انتظار الحافلات مرجعا خصلات شعره السوداء القصيرة للخلف، نظر بعدها الى أصابعه التي بدأت بالتجمد ، ليشعر أخيرا بالبرد في أطرافه ، نهض من المقعد متجها نحو مقهى في الشارع المقابل ،
كان مقهى بسيطًا ذو طابع هادئ ومريح يبعث على الدفء،
جلس على الطاولة الخشبية الاقرب للمدفأة ، أتته النادلة بابتسامة لطيفة ارتسمت على وجهها لتسجل طلبه وتذهب بعدها تاركة إياه يتفحص الصور التي قام بالتقاطها منذ ليلة البارحة و حتى اللحظة، فلا بد أن سهره بالأمس هو السبب في وجود هذه الهالات السوداء حول عينيه، او ربما قد كان لعدة ليالي ماضيه؟
عطس بقوة " تبا لقد اصبت بالزكام! "
تمتم ماسحا انفه بمنديل اخرجه من جيبه ليعيده مره اخرى و يكمل تفحص صوره بابتسامه سعيدة على شفتيه
وضعت النادلة الطلب على طاولته ليحتضن الكوب الساخن بكفيه واضعا كاميرته جانبًا، حدق بالأضواء الصغيره التي انعكست على سطح مشروب الكاكاو الساخن سارحا بأفكاره للبعيد، لم يدم ذلك طويلا حتى يعيده لأرض الواقع صوت رنين هاتفه ليخرجه من جيب معطفه الأسود الثخين ، ظهرت تقطيبه صغيرة على جبينه فور رؤيته الاسم على شاشة الهاتف ليرد على مضض- ماذا هناك ؟
= أتمنى أنك لم تنسَ موعدك في تمام الثامنة صباحا
قال من بالطرف الآخر بينما كان صديقنا يرتشف من الكوب امامه ليضعه بشيء من القوة على الطاولة ويقول منتحبا
-تبا، لا أريد!، ألا يمكننا تأجيله؟ اليوم عطله رسميه كما تعلم!
تنهد المتصل ليقول بضجر= لا يمكنك ذلك "أُوز" السيد "جونسون" زبون مميز جدا، وليس كأنك تأخذ هذا اليوم عُط...
- ألغه، سأعتبره كذلك اليوم!
قال مقاطعا ليتمطى بعدها بكسل بينما صمت الآخر لوهله ليرد بنفس نبرته الهادئه
= لا يمكنك ذلك أيضا أخبرتك انه زبون مهم و...- أنا الأكثر أهمية هنا "هيلواي"، لن أقوم بجلسة التصوير تلك، فأنا متعب و من حقي ان ارتاح قليلا.
أنت تقرأ
Don't Fade Away! |~لَا تَتَلَاشَى
Romance"هِيَ" في تلك الليلة علقت ناظريها بالسماء تشاهد الألعاب النارية وهي تنشر ضوءها البهيج في سماء الليل حالكة السواد، بدا المنظر بديعا حقا، تلك الاضواء جعلت السماء السوداء تبدو جميلة! مما جعلها تفكر، "هل لهذه الأضواء أن تزور حياتها ولو قليلا وتجعلها...