خُزَامَىْ... ~

222 12 66
                                    


يحصل الموتى على زهور أكثر من الأحياء، لأن الندم أقوى من الإمتنان.

- آن فرانك

.
.

جدارٌ ثخينٌ من السحب الرمادية غطى السماء هذا الصباح، استمرت السحب في التراكم طوال الليل لتكيد للشمس عند موعد طلوعها، ولكن سهام الشمس الذهبية أبت إلا أن تُبلغ رسالتها للسكان، ليخترق بعض من نورها ذاك الجدار المتين معلنةً حلول الصباح، و أن الظلمة لا يمكنها حجب النور،

في ذاك الصباح الباكر، بينما كانت الشمس تحارب السحب في السماء، جلست هي أمام شاهد القبر تضم قدميها إلى صدرها، تتأمل الشاهد الصخري كما لو كان هُو ، ندف الثلج البيضاء غطت شعرها البني وكذا معطف الصوف الرمادي الطويل الذي كانت ترتديه، ولكنها لم تأبه للثلج ولا للبرد، كانت تبدو شاردة الذهن، نظراتها نحو الشاهد حملت الكثير مما لم تستطع كلماتها صوغه، لكن الندم كان أكثر ما يظهر على تعابير وجهها المُترَحة ،
بدت كدقائق مليئة بالصمت والهدوء، بينما كان داخلها عبارة عن فوضى عارمة، أفكار عن ندم، حزن، عتاب ،شوق، أسى، وندم مجدَّدًا
أعادت تنظيم زهور الخزامى البنفسجية التي كانت على القبر قبل ان تستقيم واقفة، ألقت نظرة أخيرة على الاسم المحفور هناك، لتخرج من المقبرة متجهة نحو أقرب محطة للحافلات،
رن هاتفها فور جلوسها على كرسي الانتظار لتخرجه من جيب معطفها وترد دون أن تنظر للاسم،

" صباح الخير سِيرا "

قال بلهجته الحيوية المعتادة لترتسم ابتسامة صغيرة على وجهها

"صباح النور "

" لديك محاضرة صباحية اليوم صحيح؟"

" أجل، لما ؟ "

" جيد، أنا أيضًا لدي محاضرة بعد ساعة، سآتي لاصطحابك كوني مستعدة! "

" أنا في محطة الحافلات بالفعل وستصل الحافلة بعد قليل"

قالت لينطفئ حماس إيلاي ويقول بشيء من الحزن لم يلبث ليتلاشى

" لما انت مبكرة اليوم؟،،، لا بأس فقط انتظريني هناك، سأخرج من المنزل بعد قليل "

" ما الخطب؟ "

" سأتصل بك عندما أصل، وداعًا "

قال لينهي المكالمة تاركًا علامات الاستغراب تحتل تعابير سيرا، نظرت للهاتف قليلا ثم أعادته إلى جيبها، رأت الحافلة آتية من بعيد، لتنهض و تعدل من حقيبة ظهرها البيضاء، صعدت إلى الحافلة بعد أن فُتح الباب لتقلها إلى الجامعة،
،
،
،

Don't Fade Away! |~لَا تَتَلَاشَىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن