في آواخر سورة آل عمران جاء قوله تعالى: {ولله ملك السموات والأرض والله على كل شيء قدير * إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} (آل عمران:189-190).
ذهب الصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه ليؤذن الفجر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد الرسول صلى الله عليه وسلم يبكي في المسجد.
فقال له بلال ما يبكيك يا رسول الله؟
فقال صلى الله عليه وسلم يابلال لقد أُنزلت عليَّ الليلة آية ويل لمن قرأها بلسانه ولم يتدبرها قلبه وهي قوله تعالى ( إنَّ في خلقِ السمواتِ والارضِ وإختلافِ الليلِ والنهارِ لآياتٍ لأولي الالباب)
.
.
من مناسبة الآيه لما تقدمها من آيات، أنَّ فيها رد على اليهود، الذين قالوا: {إن الله فقير ونحن أغنياء} وفيها أيضًا بيان لهم ولسائر خلقه، بأنه سبحانه هو المدبر لهذا الكون، والمتصرف فيه، وَفْقَ إرادته ومشيئته؛ لا رادَّ لمشيئته وقضائه، ولا معقِّب لحكمه وإرادته، وأن الإغناء والإفقار إليه وحده، وبيده مقاليد الأمور كلها، لا شريك له في ذلك: {ألا له الخلق والأمر}الاعرافوفيها دليل على أن هذا الكون الواسع الشاسع كتاب مفتوح، يحمل بذاته دلائل الإيمان وآياته؛ وإشارة أيضًا إلى أن ثمة وراء هذا الكون قوة قاهرة تدبره بحكمة وانفراد، وتسيِّر أمره بانتظام واقتدار؛ وفيها كذلك ما يوحي بأن وراء هذه الحياة الدنيا حياة أخرى، غير هذه الحياة، وحسابًا وجزاء دونهما أي جزاء. لكن لا يدرك هذه الدلائل، ويقرأ هذه الآيات الكونية، ويرى هذه الحكمة الربانية، ويسمع هذه الإيحاءات إلا {أولوا الألباب} الذين فتح الله أبصارهم للهدى والإيمان به، وأنار بصائرهم لمعرفة الحق واتباعه.