4

1.8K 92 9
                                    

كانَت نظراتهُ تمتزِج بِها الخيبة , وعلامات التساؤل ! , فَلَم يصعب عليها أنْ تقرأ ما يجول في خاطِرهِ فعيناه تتحدَّث نِيابة عَن لِسانه , ولكِن بالرغم مِن ذلِك تساؤل :

-روح !

لِتصمت روح منتظِرة ما سيقول حتَّى النِهاية , فهِي الى الأن لا تدرِك سبب خيبته , فقد حقَّ له أن يقلق عليها مَثلا , ولكِن لِماذا الخيبة ؟ , لِيقول معاوِية :

-لِماذا لم تأتِي ؟ حتَّى اتِّصالاتي لم تجيبي عليها !

تساؤلت روح عن جميع ما قاله له , لِتقول باستغراب :

-ماذا تقصد بِلم أتِي ؟ واضافة الى ذلِك مِن الفروض أن يكون هاتِفي مغلَق ؟

ابتلَع معاوِية رِيقه خوفا مِن نِسيانها لِلقاءه ايَّاها , فهذا سيجرَح كثيرا مِن كبرياءه وكرماته , فانْ فَعلت حِينها سيقسِم على الابتِعاد فهو لن يسْمَح لِأحد أن يجرحه بتِلك الطريقة , لِيقول لها ودقَّات قلبهِ السريعة كانَت مسموعة اليه :

-لقد اتَّصلت بِكِ قبل أسبوع ونِصف , وأخبرتكِ على أن نلتقي في مكاننا المعتاد , ولكنَّكِ لم تأتِ !

توسَّعت عينا روح بِصدمة :

-ما الذي تقوله ؟ وهل أنا أجبت على الهاتِف وتحدَّثت ؟

-فقط أجبتِ على الهاتِف , ولم تتحدَّثِي .

ابتَلعت روح ريقها , حينما استنتجَت بِكون والِدتها هِي مَن أجابت على الهاتِف , فقد ظنَّت هِي بِكونها قد قرأت بعض الرسائِل , ولكِن ما يحزِنها بِكون والِدتها ما زالَت تراقِب هاتِفها لِكونها لم تغلِقه مِن الأساس  فهِي لم تفعلها مسبَقا, فقد كانَت تثِق بِها والأن هِي لا تفعل ...

لاحَظ معاوِية دهشتها لِيقول لها :

-هل هنالِك أمرٌ ما ؟

حَمحمت روح , قائِلة بِتوتر :

-لستُ أنا مَن أجاب على الهاتِف .

عقد معاوِية حاجبية باستغراب :

-اذا مَن ؟

-والِدتي .

لِتتنفَّس روح بِارتِباك , مخبِرة ايَّاه كلَّ شيئ عن خيبة والِدتها مِنها , وعَن عَدم قبولها لِأن تحادِثها , وبِكون الهاتِف قد صادرته والِدتها مِنها ...

لِيزفر معاوِية بارتِياح , فهِي لم تتناسى كما ظنَّ وتوقَّع , لِيقول لها مبتسِما :

-روح أنا ...

لِيقاطِعه صوت نِداء والِدة روح الحاد , لِتغمض روح عيناها بِحزن فهِي الأن لَن تثِق بِها والِدتها مطلَقا لِكونها قد رأتها تقِف معه , لِتلتفِت روح الى والِدتها , راحِلة اليها , بينما والِدتها كانت ترمق معاوِية بِحدَّة كما لو أنَّها تحذِّره مِن الاقتِراب مِن ابنتِها , لِيقرِّر حينها معاوِية أن يخطو خطوته في سبيل الحُب , فالحُب للشجعان , لا حبَّ للضعفاء الذين لا يقاتِلون بسبيل الدفاع عن حبِّهم .. لِيقترِب مِن والِدتها مرتسِما ابتِسامة مزيَّفة على ثغريهِ , لِيقول لها بِنبرة مزيَّفة بالهدوء :

-أعلم بِكونكِ قد رسمتِ الأفكار السيِّئة عَنِّي , وأعلم بِكونكِ تظنِّين بِكوني أستدرِج ابنتكِ الى قفصي ومِن ثمَّ اتركها خاوِية مِنِّي , ولكِن أرجوكِ لا تظنِّ , فَأنا أحبَذ ابنتكِ كحبِّ العاشِقين بِحق دون كذبٍ وادِّعاء , وأتَمنى أن توافِقي على استِقبالي فِي نهاية الأسبوع طالِبا وردتكِ مِنكِ , التِي قد أراها ذبِلت بِحرمانها مِن أمومتكِ التي تخفيها في داخِل روحكِ , حيث تقبع الأمومة في عيناكِ ظاهِرة , فلا تخفيها أرجوكِ , فأنتِ تتعذَّبين , وتعذِّبين مَن سكنت في أحشائكِ منذ الصغر , فكيف تتخلِّين عنها فِي الكِبر ؟ ...

أغمضت أم روح عيناها , محاوِلة أن تمسِك الدمعة التِي كادت تفر مِن مقلتيها , ومن ثمَّ فتحتهما قائِلة بنبرة مغلَّفة بالحِدَّة المزيَّفة :

-أراكَ فِي نِهاية الأسبوع اذا , تحديدا يوم الجُمعة ..

قالَتها ومِن ثمَّ سحَبت روح التي كانَت متوسِّعة المقلتين مِن أثر الصَدمة , أيحِبُّها حقا ؟ , هَل فِعلا هو يَفعل , يا الهي انَّها لا تصدِّق , لقد طلبها مِن والِدتها , لَقد أخبرها بِكونهُ يُريدها , هل ستصبِح زوجته ؟ , هل ذاكَ الشخص الذي يشبِهها بالروح , ويختلِف عنها بالشخصية سيصبح فِي المستقبل زوجها , يا الهِي كَم هِي سعيدة , يا الهَي كَم ترغب أن ترقص هكذا فِي العلن , وتغنِّي بِكلمات قَد غنَّتها فيروز :

 أنَا لَحبيبي , وحبيبي الِي

يا عصفورة بيضا لا بقى تسألي

لا يعتب حدا ولا يزعل حدا

أنا لحبيبي وحبيبي

                      ********

الجزء الاخير لهذهِ القصة ... سينزل بعد ساعة تقريبا 💙

الروح التي تشبهنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن