مشاهد

5K 117 10
                                    

( المشهد الأول )

أَيا فارسَ الحياةِ المِغوار !
أطَحْتَ مِحن العُمْر بسيفِكَ المسلول ،
سيفٌ لَم يستقرّ في غَمْدهِ قط ، لِفارسٍ لم يَتَوانَ عن أي معركةٍقط ، في صفوف المجاهدين مكانه ، و برَكْبِ الفُرسانِ مَشهَدُه ..
لِوَيْلات الحياة كان حمزةً ، و للابتلاءاتِ أيوبا ..

أيا جُنديّ المعركة !
مَالِي أراك مُطأطئَ الرأسِ ، جاثٍ علي الرُّكبَتَيْن ..
أَشتدت المصائب أم خارت القُوي ...
أرحل الأهل والحِمَي أم إستوحَش الدرب و زاغَتِ الرُّؤيٰ ..
قُلْ لِي بِرَبّك ماذا حلّ بك !!
لَمْ أعهَدْكَ ضعيفاً .. لم أعهدك تَخْضَعُ لأمرٍ هَيّن !!
أَهِيَ الحياة بقسوَتِها المعهودة ، تنحر الهمم وتبيد العزائم ...
.
( مشهد ثان )

أذاكَ اختبارٌ آخر منكِ أيتها الحياة !!
ألَم يكفيكِ ما خُضتُ حتي الآن ،
تأتين إليّ الآن بهذه الصورة الناعمة الرقيقة لِتُسائلينِ إن كان لديّ آخر رمقٍ لِنِزالاتِكْ !!
لكني قد حفظتُ جميع دروبك وغواياتك كلها ، نحنُ المحاربون قد تهيأنا لكِ مذ كُنا في رَحمِ أمهاتنا ، صِرْنا رِجالاً ونحن بعدُ في مَهدِ الصّبا ..
لا يغرنكِ سقوط السيفِ من يدي ، ولا يخدعنّكِ صدري الذي إمتلأ بالرماحِ .. و ظهري الذي إتخذتْ منهُ الطعنات مُستقَرٌ ومُستودَع ..
فهذه جميعاً دلالاتٌ علي أنني عِشتُكِ بكلِّ ما فيكِ ، لَمْ أجْبُنْ ولَمْ أسلُك الطرق المُختصرة كما فعلَ الآخرون ..
.
أيا مُعذِّبَتِي ..
لا تغُرَنَّكِ رُكبتَيّ الجاثتين فما هذهِ إلا (إستراحة مُحارب ) .. وأنا لم أبدأ بعد !!!

(مشهد ثالث )

يا شُجاعَ الزّمانِ لا تُعانِدْ .. فقد أصبَحْتَ صورة مُحارب ليس إلاّ ...
أتُسمِّي هيئتكَ هذه بالإستراحة ، سأصدق إن قُلْتَ أنهاالإستراحة الأخيرة قبل الموت ..
لم يستَطِعَ الشجعان قبلك للصمود أمامي ..
ما أنتم أيُّها البشر إلا حِفنَةً من المتعجرفون العَنْتَريُّون .. حتي أنّكُمْ قد قَبِلْتُمْ أَن تَحْمِلوا أمانَةً لَمْ تَستَطِعْ الجبالُ ولا السماوات و الأرض أن يحمِلْنَهَا وأشفقْنَ مِنها لتحْمِلُونَها أنتم ، صِدقاً إن الإنسان ظَلُوماً جَهولا !!
لِمَ تقبلون حِمْلاً لسْتُم بقادرين عليه ..
ثم تأتون فيمَ بعد وتشتكون من قسوة الحياة وظُلمِها .. أنتم الجاهلون بحقيقة دُنياكُم ..
أنتم الظالمون أنفسكم ..
ثم تأتي أنت بصورتك المُتداعية علي جُدرانِ عُمْرِكَ المُهتَرِئَة وتُخبرني أنكم أصبحتُم رِجالاً وأنتم بَعدُ في رحم الحياة ..
كيفَ .. ولم تلدك أمك إلا وَهْناً علي وَهن !!
..
(مشهد رابع )

أيا صورة الحياةِ الناعمة ،
أراكِ غاضبة علي جنس البشر جميعاً .. أتفقُ معَكِ في عَنْتريّتنا نحنُ البشر فلَوْلَاها لَمَا قَبِلْنا نِزالاتِكَ و ما واضطُرِرنا للعيش في حالة حربٍ دائم .. نحاربُ من أجل العيش ، نحارب من أجل الإستقرار وتكوين أسرة صغيرة ، نحارب من أجل تربية أولادنا وتنشئتهم تنشئة صالحة ، بل نحارب من أجل لُقمة نسدُّ بها جوعنا !
فلا تسخطي علي كبرياءنا البشري فلولاه صِدقاً لما استكملنا الطريق الوعر .. وما وثقنا أننا سنخطو بضعَ خُطُواتٍ في دروبكِ ...
نحنُ أبناءَ آدمَ قد سلمنا أن حياتنا هي حربٌ ضارية نثبت فيها أنفسنا ، وصدق عزائمنا ، فنحنُ قد خُلِقْنَا في كَبَد !!
نحن لم ننسَ هذا أبداً ،
ألاَ تَعلَمين أن النساءَ حين يدخلون الجنة يتفاخرون علي الحورِ هُنالِكَ بما خاضعوا من المعارك فيكِ ،فإن نساء الجنة قد صُمْنَ وأقمن الصلاة وأطاعوا الله في الدنيا ولم تكن للحوريات إلا أنهن خلقن في الجنة ..
نحنُ البشرُ لَمْ نُخلَق للدَّعَةِ والراحة ،
فيا صغيرة الحياة تقبّلِي أنّ مِنّا مَن سيُواجهكِ ولن يتوانَ في دربِه عن نزالاتِكِ لحظةً واحدة ... فالعظماءُ مِنّا لا تَفتُرُ عزائمُهُمْ أبداً ..
.

نحن نِدّا لكِ فتهيّئي !




His Eyesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن