الحلقة 23
يوم جديد ---------- قد يكون جديدا في حياة من لا يزالون علي قيد الحياة ولكن هناك اثنين كانوا بالامس علي قيدها اما اليوم فلم يعد لديهم يوما جديدا كان الامس هو اخر يوما لهم في الحياة
لتخرج سيارة الاسعاف من المشفي ويخرج معها ( هشام وهيثم وعصام واخيرا حازم ) علي بعد خطوات كانت فريدة ومحاسن يراقبوا خروج السيارة
فريدة اليوم تبكي ---------- تبكي ناسية تماما ان القلق والبكاء يزدان التجاعيد ، تبكي بفرط حزن علي ما تراه امام عيناها علي نيرة التي كانت تشعر انها مثلها ولكنها اليوم صدقا لا تعرف أهي تبكي الغافلة التي رحلت دون توبة اما تبكي الغافلة التي لاتزال علي قيد الحياة تعاند وتكابر وتقسو وتتجبر ناسية ان النهاية قد تكون قاب قوسين او ادني دون ان تشعر ، أتبكي علي نيرة ام تبكي علي فريدة لحظات تقدمت شريفة ونفيين لتري كل منهم المشهد الاخير لسيارة الاسعاف و تخرج خارج المشفي باتجاه احدي المساجد لاداء صلاة الجنازة ، لتنظر نفيين الي من اراد الغدر بها نهارا ثم رأي غدر الزمان به ليلا ، لتري ان من اراد قتل حمل اختها شرب نفس الكأس وقتل نفسه ، لتذيقه الحياة كل المعاني التي اذاقها يوما لكل من كانوا حوله بل واكثر خاتمة سوء بلا توبة
غادرت السيارة واختفت بعيدا عن باب المشفي لتهوي فريدة بين الواقفين فيصرخوا
محاسن صارخة علي من سقطت ارضا : فريدة هانم
نفيين وشريفة بفزع : فريدة ---------- مدام فريدة
لتدخل فريدة الي المشفي فاقدة الوعي علي اثر ما رأت ، ويلتف حولها من كانوا معها بل واحلام التي كانت قد جاءت لتطمئن علي ندي
------------------------------------------
علي الاعناق محمولين وليس علي اقدامهم داخلوا المسجد ولاول مرة ، اثنين من المسلمين كل علاقتهم بالاسلام انهم مكتبون في بطاقتهم هكذا في خانة الديانة ، لم يكونوا يعرفوا ان هناك صلاة تصلي لانهم لم يصلوها يوما ، اليوم يصلي الناس عليهم ، دون حول منهم او قوة تقدموا الصفوف ولكنهم تقدموها داخل النعوش
ليتقدم امام المسجد هاتفا في الحاضرين : صلاة الجنازة ان شاء الله
ليترص الصف الاول ويتوسطه من كان صوته ينحب نحيبا مريرا بالبكاء ، انه هشام ، لم يكن يعرف الي هذه اللحظة كيف هو واقف علي قدمه ولكنه كان يبكي بشدة ولوعة ، لم يكن حازم او عصام افضل منه حالا ، كانوا هم ايضا يبكون وبشدة ربما يبكون ظلمهم لها وربما يبكون ظلمهم ابتداءا لانفسهم ، انهم اليوم امام الحقيقة المجردة بدون زيف ، امام لحظة النهاية التي ستأتيهم يوما ما لا محالة ليكتمل الصف بمعتز وعمر و هيثم وربما اخرين من رفقاء السوء الذي لم يلهثوا سويا الا وراء استمتاعهم بالحياة ، تلك الحياة التي لا تسوي عند الله جناح بعوضة ، قتلوا هم انفسهم من اجل بعوضة لا بل من اجل فقط جناحها .
ليرفع الامام صوته بالتكبيرة الاولي من اجل قراءة الفاتحة ثم التكبيرة الثانية من اجل قراءة نصف التشهد الثاني ثم التكبيرة الثالثة من اجل الدعاء للميت ثم التكبيرة الرابعة ليقول ( اللهم لا تحرمنا اجره ولا تفتينا بعده ) ليدعو مرة اخري للميت وجميع المسلمين ثم يسلم الامام معلنا ان صلاة الجنازة قد انتهت
لتخرج النعوش خارج المسجد ليرفع نعش اشرف معتز وعمر واثنين اخرين اما نعش نيرة فحملوا هشام من ناحية وحازم من ناحية وعصام من ناحية واخيرا هيثم ليحملوا الاربعة اوزارهم علي اكتافهم لا بل ليحمل الاربعة نيرة علي اكتافهم
لتمشي الجنازة باتجه المقابر
جنازة من ماتوا بلا توبة ، جنازة من صدقا قيل فيهم
( كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ - وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ - وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ - وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ - إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ - فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى - وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى - ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى - أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى - ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى - أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى )
صدقا انحسب في هذه الحياة اننا خلقنا عبثا ، انحسب في هذه الحياة اننا سنترك سدي
خطوات كانوا يخطوها وكل منهم يتذكر الماضي ويبصره امام عينه ، كل منهم كان امامه الماضي وافعال الاثنين معه ليعود هشام ابتداءا الي الوراء ويتذكر ويعود حازم الي الوراء ويتذكر ويعود عصام ايضا
----------------------------------------------
ليعود هشام الي الوراء الي ذلك اليوم الذي كان جالسا في غرفته
امام حاسوبه وهو كلما حاول الايقاع بفتاة فشل ليبقي بين اصدقائه محط السخرية ، جلس يشاهد احد الافلام والتي كانت بطبع قذرة ، ليبتلع ريقه ويتصبب عرقا وهو لا يستطيع الا تعليق بصره بما يري ، لحظات كانت حينها نيرة نائمة في غرفتها لتشعر وهي في نومها بايدي تتلمس جسدها وتحاول -----------------
فتستيقظ بفزع لتصرخ في اخيها
نيرة بفزع : انتي مش ناوي تبطل سفالة يا هشام
هشام بغيظ : انتي كل شوية تقوليلك الكلمتين دول انا معملتش حاجة فيكي انا كنت بغطيكي
نيرة بعصبية : كنت بتغطيني ولا العكس ، طب والله لما بابا وماما يرجعوا من السفر لاقولهم علي تصرفاتك وعلي المخدرات اللي انت ----------------
ليضع يده علي فمها ليسكتها : خلاص بلاش فضايح الناس نايمة ،كفاية انا غلطان اللي دخلت اوضتك
زفر بشدة ليخرج ولكن كيف تستطيع هي ان تعود للنوم مرة اخري ، ومن ان الي اخر يدخل اخاها غرفتها متحرشا بها
ليستشعر هشام الالم يضرب صدره ، فتعود فتبكي عينه كان اول شخص ينهش اخته
---------------------------------------
ليعود عصام ليتذكر يوما اخر
علي وقع صوت الهاتف يرن استيقظ لينظر الي رقم المتصل وتعلو الابتسامة علي وجهه
عصام مبتسما وهو يجلس علي سريره : صباح الخير يا حبي
نيرة مبتسما : انا صحيتك
عصام : وايه يعني دي احلي حاجة عملتيها اني اصحي علي صوتك
نيرة : يعني وحشتك
عصام : طبعا انتي عندك شك في كده
نيرة : تؤ تؤ ------------ والا مكنتش وافقتك علي الجواز العرفي
عصام : انا سبق وقولتلك ان ده وضع مؤقت لحد ما اهلك يرجعوا من السفر ، عارفة بعدها انا ناوي علي حاجتين طبعا الدنيا كلها تعرف انك مراتي ، الحاجة التانية ----------
نيرة : ايه بقي
عصام : ناوي اخبيكي ، مش عايز حد يشوفك غيري
لتلو الابتسامة وجه نيرة وتتنهد ثم ترد : انت عندك شغل انهارده
عصام : لسه قدامي شوية عقبال ما انزل
نيرة بدلال : عموما انا عملالك مفاجأة
عصام : ايه هي بقي
نيرة : ما انا لو قولتلك متبقاش مفاجأة عموما اقفل دلوقتي وانا حارجع اكلمك ، سلام
ليتنهد عصام وهو يقوم من سريره متجها الي الحمام ، لحظات وطرق الباب ليخرج باتجهه ليفتح
عصام باندهاش وقد علت الابتسامة وجهه : نيرة
نيرة بدلال : صباح الخير
جذبها من ذراعها الي الداخل واغلق الباب ثم اسندها علي الباب وهو ينظر اليها بابتسامة : مش ناوية تبطلي شقاوتك دي ، بت انتي انا مش قدك
لتلف ذراعها حوا عنقه وهي تهمس في اذنه : طب حنشوف دلوقتي مين فينا اللي مش قد التاني
ليغلق عيناه لتنزل دموعا اكثر امام الذكريات ويستشعر عصام شيئا من الندم في نفسه
---------------------------------------------
اما حازم وذكرياته التي كانت في يوم اخر كان يومها عيد ميلاد نيرة
ليستيقظ حازم علي محاولة دادا محاسن ايقاظه
محاسن : حازم بيه ------------ اصحي يا حازم بيه
حازم بتثاقل وهو يفتح عينه : صباح الخير يا دادا
محاسن : صباح الخير يا حازم بيه
حازم وهو ينزل من السرير : ماما وبابا صحوا
محاسن : صحوا وفي اوضة السفرة يبفطروا
ليسحب حازم المنشفة باتجاه الحمام ، ثم يخرج ليبدل ملابسه متأنقا كعادة كل يوم ثم يتجه الي غرفة السفرة
حازم وهو يقبل خد فريدة : صباح الخير يا ماما
فريدة : صباح النور يا حازم
يسحب كرسيه ليجلس الي جوار ابيه : صباح الخير يا بابا
رفعت بضيق : صباح النور ، انت رجعت امبارح الساعة كام
حازم باستعباط : امبارح ، ايه ده هو انا خرجت امبارح
رفعت بضيق : حازم ، بلاش استعباط ورد عليا
حازم بضيق : كنت مع اصحابي
رفعت : وناوي تشوف شغلك امتي
حازم : ما البركة في حضرتك ثم انا من وقت للتاني باجي الشركة ، ولا انا لازم ابقي موجود علي طول
ليسحب رفعت المنديل المجاور له ويمسح فمه ثم يزفر وهو يضعه بضيق مناديا محاسن : محاسن
محاسن : ايوة يا رفعت بيه
رفعت وهو يترك غرفة السفرة ويتجه الي مكتبه : عايز قهوتي في المكتب
لينظر حازم الي والدته وهو يكمل فطوره غير عابئ : ماما ، انا عايز فلوس ضروري
فريدة باهتمام : ليه
حازم : انهاردة عيد ميلاد ناني وعايز اجبلها حاجة تضرب كل الهدايا اللي جايلها
فريدة وقد علت الابتسامة وجهها : عايز كام يعني
حازم : انا ناوي اجيب كوليه وغالي
فريدة باضطراب : مش كتير كده يا حازم انت كده افورتها اوي
ليقوم من مكانه ليجلس الي جوارها : انا عايز اجيب حاجة تليق بحازم الصاوي ولا ايه
فريدة بعد ما علم حازم مدخلها ليبدو انها موافقة : طب بس بردوا مبقاش غالي اوي
حازم : اوعدك اني ححاول ، ممكن الفلوس بقي
فريدة وهي تقوم من مكانها باتجه غرفتها : حاديك الكريدت بتاعتي بس راجعهالي فيها فلوس
لتتعالي ابتسامة حازم من شافتيه وهو يقبلها : يا سلام عليكي يا فري ، اهو هو ده الكلام واوعدك اني مش حافورها
بينما كان مسعي حازم هدية ثمينة كانت عصام يبحث بشغف عن هدية لنيرة لكن اشرف والذي عرف ان عصام ونيرة متحبين كانت هديته اكبر بكثير خصوصا لفرط شعوره بالغيظ وذلك بالتأكيد لسببين الاول احساسه بالعجز والثاني احساسه بالغيرة فلقد كان واحدا من من يحبون نيرة
--------------------------------------------