مقدمة

8.8K 310 34
                                    

كان جالسًا على مكتبه يقلب في الأوراق التي بين يديه بتركيز، فتارة يُمسك القلم ليعلم تحت كلمةٍ ما وتارة يقلب صفحة الكتاب ويطالعه بتركيز،

فهو على هذا الحال منذ الصباح والساعة الآن قد وصلت إلى العاشرة ليلًا،

كان من المفترض أن يذهب مع عائلته إلى المزرعة اليوم لكنه آثر البقاء والمذاكرة لأجل إمتحاناته التي ستبدأ قريبًا في الجامعة رغم كون الجميع قد ترجاه ليأتي لكنه اعتذر مبررًا أن السنة الثالثة في كلية الطب هي أصعب سنة مرت عليه حتى الآن.

قطع صمت غرفته تلك صوت هاتفه الذي رن مُعلنًا عن اتصال من رقمٍ مجهول، 

ترك قلمه والتقط الهاتف ثم استقبل المكالمة باسمًا "مرحبًا ؟ "

آتاه صوتًا غريبًا من الجهة الأخرى " زين جواد مالك ؟ "

تلاشت ابتسامته تدريجيًا ولم يعلم لماذا شعر بقلبه ينقبض بداخل صدره ثم أردف " نعم. "

" أنا آسف لكن والدتك ووالدك وعمك وزوجته قد انقلبت بهم السيارة منذ الساعتين على الطريق السريع .. "

تصنم في مكانه وسقط الهاتف من يده بعد أن شعر بأوصاله تتجمد والدموع قد تكونت في عينيه 

" آسف، لم ينجُ منهم غير الفتاة الصغيرة .. إنها منهارة في البكاء ولا يستطيع أحدهم السيطرة عليها .. نحتاجك في مشفى سانتوس لتخليص إجراءات الوفاة ولكي تستلم ابنة عمك الآن. "

كان يسمع صوت الرجل من الهاتف والدموع تنهمر من عينيه بصمت، نظر نحو الهاتف ثم مد يده المرتعشة ليلتقطه مرة أخرى ومسح على عينيه محاولًا إيقاف البكاء ثم أردف بنبرة متحشرجة 

" أنا قادمٌ. ".

بعد ساعة إلا ربع من قيادته للسيارة بتخبط وصل إلى المشفى، هرول نحو مكتب الاستقبال ومسح بعض الدموع عن عينيه ليسأل بأنفاسٍ لاهثة " عائلة جواد مالك ؟ "

رمقته الممرضة بنظرة متأسفة ثم أجابت " إنهم، في الثلاجات .. لكن تاليا جواد مالك في غرفة رقم أثنين وعشرون. "

كان يشعر بغصة في قلبه وهرول بسرعة نحو الغرفة، وقف على بابها .. سمع صوت البكاء والصراخ القادمين من الداخل .. تاليا تبدو منهارة بشكلٍ سيء .. كيف لا وهي طفلة في التاسعة من عمرها رأت عائلتها كلها تموت أمام عينيها 

مسح الدموع عن عينيه وحاول التماسُك بكل قوة لأجلها، يجب أن يُهدئ تلك الصغيرة وإلا ستُصاب بصدمة نفسية

قرع الباب ودخل محاولًا رسم ابتسامة مزيفة على وجهه، لكن فور وقوع سوداوتيها عليه قفزت عن السرير وهي تحاول الإفلات من يد الممرضة

" زين، أمي وأبي وعمي وخالتي .. أريدهم .. أين هم ؟ " كانت تصرخ من بين بكائها والممرضة تتمسك بها بشدة

سقطت ابتسامته المزيفة وسقطت دموعه مرة أخرى ثم هرول نحوها ليحتضنها بعد أن تركتها الممرضة

" لقد صعدوا إلى السماء صغيرتي، إنهم ينظرون لكِ الآن .. ويقولون لكِ توقفي عن البكاء تاليا .. "

" لكن أنت أيضًا تبكي زين ! " شددت على عنقه أكثر فرفع يده المرتعشة ومسح دموعه ليردف " أنا قد توقفت، توقفي أنتِ أيضًا .. حسنًا صغيرتي ؟ "

" أريد أبي .. أريد دادي .. " أكملت بكائها فشدد عليها أكثر وهمس " ناديني دادي صغيرتي. " .

__________________________________________

كان نفسي أقرأ قصة دادي تكون واقعية مش متخلفة ومش مليانة +18 ومشاعر مراهقة وسادية ومازوخية وأمراض نفسية، بس مالقيتش

فقررت إني أكتبها بنفسي.

Mango | مانجوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن