الحق ان ترجمة عنوان الكتاب على هذا النحو ليست دقيقة فإن دوستويفسكي يحدثنا عن " منزل ميت : يدفن فيه البشر أحياء ! "
**.. لقي هذا الكتاب إقبالا شديدا و أصاب نجاحا عظيما , إن هذه الأوصاف الواقعية المرة الكاوية التي تصور عالما لم يكن يعرفه القراء من قبل ذلك , عالم الخليط من السجناء , عالم الاشغال الشاقة التي يقومون بعبئها , و المهن التي يتعاطونها و التسليات التي يسرون بها عن انفسهم و المستشفى الكريه الذي يعالجون فيه , و العقوبات الجسمية التي تنزل عليهم . هذه الأوصاف التي يقدمها كاتب موهوب عاش هو نفسه في هذا الجحيم قد أثرت في نفوس القراء تأثيرا كبيرا .
**.. إن هذا الكتاب الذي يفيض بذكريات مروعة رهيبة إنما هو ثمرة تجربة شخصية , إن #دوستويفسكي يتحدث عما عاناه هو نفسه في السجن .
**.. إن الانطباعات الأولى التي يشعر بها دوستويفسكي فظيعة , إفتقاد الحرية , الحياة المشتركة مع قتلة و لصوص و على حد #قوله " كانت المصاحبة المستمرة الدائمة للآخرين تفعل في نفسي فعل #السم , وما تألمت من شيء خلال السنوات الأربع كما تألمت من ذلك العذاب الذي لا يطاق ""
.
**.. #في_السجن , وهو ينظر الى رفاقه , فلا يرى في #أول_الأمر الا رجالا غلاظا أفظاظا ليس فيهم من خجل و لا يخالج ضمائرهم شيء من ندم , و إنما هم #فجرة مستهترون متأهبون في كل لحظة للتشاجر و التشاتم و سرقة بعضهم البعض .
.
**.. وهنا يطرح دوستويفسكي هذا #السؤال :: ما هي الجريمة ؟ و ما هو قدر الإنسان الذي تجاوز الحدود المحرمة ؟
.
** ويهبط دوستويفسكي الى الأغوار العميقة من #النفس_الإنسانية و يسبر كل ما في طبيعة الانسان من أعماق لا يسيطر عليها #العقل و لا يدركها العقل .. و يدرس دوستويفسكي نفسية #الجلاد فيصل الي هذه #النتيجة وهي :: أن خير الناس يمكن أن يقسو قلبه بتأثير العادة فإذا هو يصبح #حيوانا كاسرا و أن الدم و السطو يسكران فيولدان التوحش و الشذوذ و الفساد حتى #ليؤكد دوستويفسكي ان بذور الغرائز البهيمية موجودة في جميع معاصريه من الناس تقريبا !
.
**..غير أن هذه #المشاعر_التشاؤمية لا تتغلب على الكاتب , لقد أخذ يميز بين الأشرار و الأخيار شيئا فشيئا و أخذ يجد بين #السجناء رجالا يمكن تفهم جرائمهم بل يمكن ان تعذر من وجهة نظر الأخلاق .
.
**..ليس المجرمون في كثير من الاحيان إلا #ضحايا #الظروف_الاجتماعية التي تحيط بهم و ليست #الجريمة التي يقترفونها الا مصيبة تنزل عليهم و شقاء يحل بهم .
***.. وقد لاحظ دوستويفسكي ان أكثر السجناء متدينون , و أنهم يصلون و أنهم يتوقون الى رحمة الله و يطلبون غفرانه فإذا هو #يقول " إن في كل مكان أشرار , فمن يدري ؟ قد لا يكون هؤلاء السجناء شر من غيرهم و قد لا يكونون أسوأ من أولئك الذين يعيشون #خارج الأسوار ! ..
.
***... هذه #التجربة جعلت دوستويفسكي مؤمنا , لقد رد السجن له إيمانه بالله , حتى كتب #يقول
" إن الانسان اثناء الحسرات التي يحسها في سجن الأشغال الشاقة , يرتوي بالإيمان كما يرتوي العشب اليابس بماء المطر , إنه يجد #الإيمان أخيرا لأن الإيمان يظهر في ساعات الشقاء أقوى وضوحا و أشد سطوعا .
.
أنت تقرأ
دُوستُويفسكِي || Dostoevsky
Diversos"اخلع ثيابك الحريرية"، قال الشيطان للكاهن،"وضع على كاحليك سلاسل ثقيلة مثل التي يرتديها هؤلاء جع كما يجوع البائسون التعساء. اضطجع على الأرض الباردة القذرة - وبعد ذلك تحدث إليهم عن الجحيم الذي لا يزال ينتظرهم في عام 1849 كتب دوستويفسكي على جدران سجنه...
