في غياهب الخيال

243 18 64
                                    

لذا قررت الرحيل، هجرة هذا الميتم الذي يمثل الماضي الأسود بذكراياتي، فخرجت أمشي مرفوقا بحاقبتي وأنا منغمق في زوبعة من الأفكار المتلاشية، حتى بلغت أكمة عالية ألبستها الطبيعة جمالا سحريا أخذ بروحي إلى عالم أسمى و أوسع تعانق فيه الروعة الجمال مكونة راحة واسترخاء خففا القليل من كربتي

وقفت أتأمل المكان لوهلة، حتى استلف ناظري رجل كهل مبهم الملامح مرتديا أطمارا بالية وفوق رأسه الإهليليجي قبعة خش كالفزاعة التي تتوسط حقل الذرة في أفلام الرعب، وفي يده قنينة نبيذ زجاجية، يتمايل يمينا وشمالا وتارة إلى الخلف، متوجها نحوي، ثم حرك أجفانه الذابلة صوبي ، فابتسم في محياي ابتسامة غامضة توحي إلى الكثير من الخبايا والأسرار

فجأة انحنى على ركبتيه التي اندثرت تحت أقدام الدهر وأوشكت على الفناء ، ثم أخرج من قب جلبابه المخملي رزمة حبكت بخيوط حريرية طمرها بجانب شجرة صفصاف شامخة ، رمت بأغصانها إلى الأفق ولوحت بأوراقها في عنان السماء

بغتة إنقشع العجوز وتوارى عن الأنضار، واختفى في رمشة عين كالخيال لما يتبخر ويتصاعد نحو ما وراء الشفق الأحمر

فأسرعت متلهفا والفضول يخامرني للتفقد ما تخبئه الرزمة وما تحمله من غموض ، فإذا بها فارغة كالعدم مما ٱثر حيرتي و استغرابي مما يقع حولي فإذا بطيف منير ينزل من السماء

صراع الحياة ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن