سار الفتى عشرات الأيام قبل أن يصل إلى القصر المبني على قمة الجبل الذي يسكن به الحكيم الذي هو ذاهب إليه .. وحين وصل وجد جموعا من الناس في القصر ، انتظر الشاب حتى يصل دوره ليكلم الحكيم فيما جاء لأجله .. أستمع الحكيم إلى الشاب بكل انتباه وبعد استماع الحكيم للشاب ، قال له : إن الوقت لا يستع الآن سأطلب منك طلبا تنفذه وتعود لي بعد ساعتين ، أعطى الرجل الحكيم للشاب ملعقة فيها بضع نقاطٍ من زيت ، وطلب منه ان يحملها طوال جولته بالقصر ، امسك الشاب الملعقه ، فأضاف الحكيم ، إياك ان توقع الزيت منها ، أريدك ان تعود بالمعلقة كما سلمتك اياها . انطلق الشاب حاملا الملقعة جائلا بارجاء القصر ، حتى انقضت الساعتين فعاد للحكيم من جديد ، انهال الحكيم عليه بالأسألة ، -هل رأيت غرفة الطعام ؟ هل اعجبتك الزخارف فيها ، والشمعدانات الذهبية ؟ -هل رأيت السجاد الفارسيّ في الممرات ؟ وهل رأيت الثريات المعلقة في الأسقف ؟ ارتبك الشاب ، وخجل واعتقد أنه يهين الحكيم إذ انه لم يرى أي شيء مما سأله عنه ، اعترف بذلك للحكيم، وقال له : لم أرى شيئاً فلقد كان كل همي أن لا أخذلك واوقع نقاط الزيت من الملعقة ، كل تركيزي كان على نقاط الزيت والرجوع قبل أن ينتهي الوقت !! قال الحكيم : عد لجولة اخرى وتعرف على معالم القصر وما فيه . .. ذهب الفتى جولة أخرى وهو ما يزال حاملا ملعقة الزيت ، وجعل ينظر في انحاء القصر وما فيه ، وذهل من جماله وروعة تصميمه . وعندما عاد إلى الحكيم استرسل يروي له ما رأى . سأله الحكيم : أين قطرات الزيت التي كانت في الملعقة ؟!! نظر الفتى إلى الملعقة فوجد انها انسكبت فقال الحكيم : هذه هي التي استطيع أن اسديك إياها . الحياة يا بني فيها الكثير من الاحداث والكثير من المسؤوليات ، عليك أن تواكب أحداثها وتعيشها دون ان تنسى نفسك وتفقد تركيزك ، عليك يا بنيّ أن تكون كامل الوعي كامل الإدراك والرؤية وتستمتع بحياتك في كل لحظة .