جريمة بحق الأم العطوف !

91 12 9
                                    

"أمي !!.. ماذا فعلت بها يا أبي ؟!.."
صرخت بها الفتاة وقد احتقن وجهها غضبا وانهمرت دموعها حارة كالحمم على خديها . لم تكن تدري ماتصنع ، ولا تعي ماتفعل .. كانت تجوب الأرض جيئة وذهابا ، تتلمس بكفها الصغير وجه أمها المشوه بالكدمات ، التي اتخذت مكانا في جبينها . أما شفتيها الورديتين فقد تلطختا بلون الدماء !
راحت الفتاة تمسح وجه أمها بمنديل مبلل وهي تردد :" لم ياأبي فعلت هذا ؟! ألذي الدرجة أنت قاسي ؟! أتنهال عليها بالضرب ثم تتركها كجثة هامدة وترحل ؟!!". كانت تحس بانقباض في صدرها .. بضيق في تنفسها .. بغصة في حلقها .. بغضب اتجاه والدها !
كانت تريد أن تصرخ "كفى " !! لكنها صرخات مكتومة ، صرخات حبيسة نفسها ، لأنها لو تجرأت وتكلمت سيلقاها مالقي أمها وربما أفضع !!
      وهي راجعة من الدوام كانت تحس بقلق مريب !يزداد كلما اقتربت من مكان سكناها ، كان كل ماتخشاه أن تصل البيت وتجد أباها قد عاد سكرانا كالعادة ! فيطلب من أمها المغلوبة مالا ثم يشبعها ضربا حين تخبره أن ليس لها حتى مايكفي لسد الرمق ! لكن ماخشته حصل !
     جرت الفتاة أمها جرا للسرير ، وراحت تبحث لها عن زجاجة عطر تفيقها بها "أمي .. حبيبتي .. هيا .. أفيقي .. قد عدت .. لا تخافي ! .. لن يفعل شيئا .. لقد رحل .. أمي .. هيا .. "لكن الأم لا تستجيب . وبحركة مضطربة من الفتاة ، وبيد مرتعشة وضعتها على صدر أمها .. صرخت ببحة :"القلب .. لا .. ينبض !" ،لتدخل في هستيرية بكاء :"لقد ماتت .. لقد قتلتها !.. أمي ماتت .. بسببك أنت .. أبي .. قتلتها .." وراحت تجري في الشوارع ، تصرخ بكلمات متقطعة .. بصوت غاضب .. بوجه اختلطت فيه كل المشاعر ، الغضب .. الحزن .. الألم .. الغصة .. والإدانة ! أجل انها تدين والدها السكير .. لقد قتل أمها وماعلم أنه قتل فؤاد الصغيرة ، وقضى على روح جسدها !
      تلك الفتاة لم تعد للمنزل ! وإنما أدخلت لمستشفى المجانين !وبعد تمكنها من الهروب صارت الآن تجوب الشوارع ليلا ونهارا !وبين الفينة والأخرى تصرخ بكلام لاذع :"قتلوا أمي .. قتلها .. اقتلوه ..أنه مجرم .." ثم تصمت متذكرة ماضيها ، وتبكي لذكرى أمها ، ثم تضحك وكأنما تدغدغ جرحها ! ..
   لقد فقدت الجميلة عقلها ، ومابقي مخزنا في ذاكرتها سوى يوم مقتل أمها ! فتبا لك أيها الأب السكير ماذنب البراءة ؟!

هل أنت قاسية يا أمي ؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن