حين يميل القلب لشخص لا تسمع كلمة للعقل بعدها وليس له حق فالتدخل حتى لو أدرك بأنه سيكون سبب ذله واستضعافه فالقلب هو سيد الانسان في الحب المفرط...تخيل أن يكون هذا الميل من أم...!
في عام 1990 ولد طفل هزيل ضعيف البنية صغير الملامح يحتاج لرعاية شديدة ليتمكن من العيش والده قد توفيه بعد ساعة من ولادته لم يتمكن من رؤيته ومناغاته ومداعبة اطرافه الصغيرة ...
(الولد المشأوم) هكذا ناغته امه وهكذا استقبلته بعبارة سلبية قادر على محو شخصيته من الان لم تقل حتى أرضاعه فمن جهلها قالت بأن مجيئه سبب موت والده لم تراعي فيه اوامر الله سبحانه وتعالى ولا وصايا رسوله الكريم. كل الممرضات يومها في صدمة أيعقل أن أما بهذه القسوة على غير عادة الامهات فالأم جنة خلها الله لأطفالها فما بال هذه الأم تسمع بكاء طفلها فلا يرف قلبها له...
اخذة احدى الممرضات الطفل وابقته تحت عنايتها لخمسة ايام وامه لا تزال تنفر منه ولولا اللوم المتكرر لها لما حملته الى منزله. له أخت في الرابعة من عمرها لم تدرك قساوة الحياة بعد وله أخ أكبر في السادس من عمره كان المفضل والمدلل وامه تترقب أي كلمة من فمه لتقوم له بالسمع والطاعة .الان وبعد مرور 20 سنة حسام شاب فالعشرين لا زال يتلقى نفس المعاملة الذليلة حاول بكل الطرق الدخول في عين امه دراسيا كان متفوق وفي المراتب الاولى. يعمل ليل نهار لينهض بنفسه ماديا. يحب امه لدرجة كبيرة رغم كرهها له فهو داىما يقول في نفسه (أمي يؤلمني تعبها يكسرني حزنها حتى نسمة الهواء لا اريدها ان تمسها بضر...دائما استودعها الله فهو خير حافظ لها).
الاخ الاكبر لا زال ذو سلطة عليا وامه لا زالت تلبي له كل ما يطلب رغم معاملته المهينة لها إلا إن قلبها بحبه متيم قرة عينها الاولى . لم يكمل دراسته يعمل بأعمال محرمة من الربا والمعاملات التجارية الباطلة. اراد الزواج بفتاة من المدينة معروف بعدم أستقامتها ومجالستها الرجال دائما. لم يتقبل حسام هذا الأمر وقرر الخروج عن صمته ومواجهة اخيه بحقيقة المراة التي يريد الزواج بها فهي لا تناسب اسم عائلتهم وستنكس روؤسهم بافعالها المشينة. وهنا طبعا الأم في صف الاكبر رغم علمها ويقينها بسوء هذه الزوجة إلا انها منعت حسام من التدخل وهددته بطرده لو اعترض على ما سيحدث...
وكعادته حسام بالاحسان لامه يقول ( أمك...ثم الباقي تعوضه الايام)
تزوج السلطان من تلك الفتاة التي عارض الجميع زواجه منها لكن حبه لها قد أعمى قلبه وصم أذنه عن كلام الناس. بعد اشهر من الزواج حاولة هذه المرأة التقرب من حسام تدخل غرفته من غير إستئذان وتتصرف معه بتودد لكي يميل لها ولكنه لم يتجاوب معها ولا للحظة ولم يبد أي إهتمام.
في إحدى الليالي تسللت لغرفته حين تأخر زوجها وكعادة حسام حين ينتهي من صلاته يتمدد على سريره ويقرء الكتب. دخلت دون استئذان وحاول حسام اخراجها وطردها من غرفته فأخذة بالصراخ حيث دخل زوجها بنفس اللحظة ورأها وهي تنزل عن السلم مسرعة صارخة فضن ضن السوىء باخيه ولم يقبل السماع له وطرده من المنزل في نفس الليلة وامه تراقب ما يحدث دون تدخل .
جلس حسام عند باب المنزل يناجي ربه( رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)(رب لا تذرني فردا وانت خير الوارثين)
نهض يتمشى الى دكان يعمل فيه في اول الشارع لرجل كبير في السن له بنت واحدة وهي من الشرف والعف ما يشهد له كل من في المدينة.
فتح حسام الدكان وبات تلك الليلة هناك وفي الصباح جاء صاحب الدكان فوجد عامله قد نام في مكان عمله وتفاجئة بذلك وسأئله عن السبب فاخبره بما حدث فقال له الرجل لا تخف يا بني فان كان لك حق سيضهره الله ولو بعد حين ما دمت مظلوما فالله ينصرك وتلى قوله تعالى (( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنون ))
عبارات الرجل كان لها وقع كبير وأثر نفسي على حسام أحس لاول مرة بوجود أب يسانده أب يسمعه من الكلمات أحسنها وكثرها تشجيعا على الصبر والتحمل لمر الحياة التي يعيشها...
واستمر حسام بالمبيت في ذلك الدكان والرجل العجوز يزوره في بداية الليل فيجدة قد أفترش سجادته وتوجه لربه بالصلاة والدعاء فاعجب به كثير لما رأه عليه من علامات الايمان فقرر في نفسه أن يزوجه أبنته بعد أن يشاورها بالامر. وفعلا بعد يومان جاء الرجل لحسام وقال له: انا رجل قت خارة قواي وضعف بدني ولا اعلم في اي ساعة يباغتني الموت وأريد الأطمئنان على أبنتي ما دمت حيا واود ان ازوجك إياها فلا أحد يستحقها أكثر منك. تفاجئ حسام من الامر وقال: يا عم كيف تامنها مع رجل لا مسكن له ولا ملجئ غير هذا الدكان...! فقال الرجل: انا اريد رجلا لابنتي وما سوى ذلك هين فمنزلي كبير وهو ارث لها ستسكن معنا إلا أن يوسعها الله عليك.
قبل حسام وفعلا تزوجها وأقام له أهل المدينة عرسا لم يشهده أحد ابنائها من قبل .
ام حسام وأخيه لم يحضروا هذا الزواج ولم يباركوا له به على العكس تماما حاولوا افساده باخبار الناس عن سبب طرد حسام من المنزل ولكن احد لم يصدقهم لعلمهن بمن هو حسام ومن هي زوجة أخيه فلم يؤثر كلامهم بأحد بل جلبوا العار والفضيحة لانفسهم اكثر .
سكن حسام مع زوجته في بيت والدها وكانت فتاة مطيعة كسبت حب زوجها باحترامها له واهتمامها به وهو أيضا كان يعاملها معاملة طيبة جعلت الحب يقوة بينهما اكثر فاكثر وحملت بطفل بعد فترة قليلة من زواجهما وحسام يحمد الله ويشكره على فضله وتعويضه بهذه الزوجة الصالحة وهذه الحياة الكريمة بعد كل ما عانه طوال العشرون عام الماضية.
مساء يوم جلس حسام يسامر زوجته ويغازلها بالقصائد الشعبية:
صح بالبداية تعذبة بس الله ارحم بيه....من تالي عوضوني بمره تسوى الكرة الارضية... بت شيخ شيخة معدلة...بالملكة فازة علنسا وتنكط عزوبية.الاخ الاكبر سلطان قلب والدته لم ينجب اولاد واكتشف بانه عقيم وكرهته زوجته لذلك ولسبب اخر هو خسرانه لامواله فمال الحرام لا يدوم لصاحبه وامه تتألم حين تراه يخسر زوجته وامواله رغم معاملته السيئة لها احيانا كان يضربها ويذلها امام زوجته وهي تتقبل ذالك بكل رضا ودعاء له بالهداية
بينما ولدها الاخر الصالح المستقيم لم تذكره ولو لمرة واحد في دعائها وما زالة تسميه بالولد المشأوم.
(يعجب لامرها حقا أهنالك ام بهذا الميل وبهذا التفريق بين ابنائها أهنالك أم تحمل ابنها سبب موت والده وتتركه بهذا الجحيم لسنوات )توفي والد زوجة حسام بعد 4 اشهر من زواجهما وقد كتب المنزل والدكان بأسم حسام وبموافقة ابنته لما أيقنوه فيه من الخير ولم يعلم حسام بذلك إلا بعد وفاة الشيخ بأشهر.
ام حسام جالسة تنتظر ولدها حتى ساعة متاخرة من الليل عاد والسكر قد غلب على عقله فأستقبلته امه بكل حنان إلا انه دفعها فأوقعها مغمى عليها وتركها ممدة امام الباب فرأها بعض المارة ونقلوها الى المشفى القريب واخبروا حسام بالأمر ...قال:( اللهم احفظ لي امي وأملأ قلبها رضا وسكينه) وتردد في الذهاب إلا أن زوجته اخبرته بأن الله يرضا لرضا الأم ويغضب لغضبها وان الجنة تحت أقدامها وشجعته ليذهب ويزورها. وعندما استيقضت لم تجد فوق رأسها إلا حسام الولد المشأوم هنا احست بالندم قليلا وبدأ ضميرها يؤنبها لما فعلته بهذا الولد وأخذت تتذكر كل موقف سيء فعلته معه وكيف طرد من المنزل وهي لم تحرك ساكن حينها. ولكنها لم تبدي ذلك الندم امام حسام ضننا منها انه سيشمت بها على عكس حسام الذي ضن ان هذه فرصة للتقرب من امه كما كان يحاول دائما ...
أراد حسام اسطحابها الى منزله ولكنها رفضة ذلك ولا زالة مصرة بأن اخاه سيعود لرشده وسيصلح حالة وهي لن تترك منزلها ابدا.الساعة العاشرة مساء حسام جالس مع زوجته التي اوشكت على الولادة. يسمع صوت سيارة الشرطة وصفاراتهم وهي تقتحم الشارع الى بين اخ حسام وتلقي القبض عليه بتهم أخلاقية محرمة الربا والخمر وحتى المخدرات وامه تولول وتنوح لما حصل لولدها لكنه شتمها وبسق بوجهها عند خروجه متهما إياها بكل ما حدث له.
هنا لم يبقى لها ملجئ إلا حسام لن يستقبلها احد سواه فتوجهة إليه والندم يعلو وجهها وطرقة بابه وفتحت زوجته الباب وهي مندهشة من قدومها وطلبت منها الدخول ولكنها رفضت ذلك وطلبت منادات حسام لتتحدث معه.
استقبلها حسام بوجه مبتسم وهي تلوم نفسها وتقول ليتني لم افعل كل ذلك بك قد غلب الشيطان على امري وحال بيني وبينك ليتني أهتممت بك واخذتك الى حجري دون اخيك العاق ليت الأيام تنطوي وتعود الى ذلك اليوم الذي ولدت فيه فأضمك إلى صدري وأشمك وأقبلك وأكون لك اما وابا بعد رحيل اباك...ليسامحني الله على ما فعلت وأطلب منك السماح إيضا فقد كرهتك وليتني لم أفعل واحببت أخاك وليتني لم افعل أضعت نفسي بتمييزي له واضاع نفسه بافعاله المحرمة.
قبل حسام رأس امه وادخلها الى منزله وطلب من زوجته ان تجهز لها الطعام وتجهز لها غرفة خاصة وهي لا تزال خجلة من ولدها لما فعلته به وما يفعله هو لها الان لا تستطيع رفع راسها والنظر في وجهه من سوء افعالها.
زوجة حسام تسأله: كيف يمكنك المسامحة والنسيان بهذه السهولة حقا أن امرك عجيب؟ فقال لها:
ارض تدوس أمي بالأقدام رملها...اموت فيها وأدفن في رمالها.الحب أمر مقدس في كل حالاته الحب الذي يجلب لك الذل وكسر الكبرياء والكرامة فلا داع لاستمراره في قلبك...أترك وسيعوضك الله بعوضه الجميل يهديك شخصا يضع الدنيا بين كفيك شخص يغنيك عن الكون بأسرة. فلا تبحث عن شخص تتمنا فيجعلك عبدا بل أبحث عن شخص يتمناك فيجعلك ملكا...
أصواتكم☺