مُحايَدة

14 0 0
                                    

فُتحَ جُفْني و اتسعَ بؤبؤُ عيناي لأرى ذاك المشهد ذاته
أهذا حلمٌ مجدداً؟
أشعرُ بثقلٍ جسدي، نهضتُ صعوبة حتى أوشكتُ على السقوط، أمعنتُ بناظري نحو المكان، أوليس كذلك الحلم؟

شممتُ رائحةٍ حريقٍ تنبعثُ من الداخلُ
و ما إن دخلتُ حتى بدأت نبضاتُ قلبي تتسارع،
و لكن من نسيَ إطفاء هذه؟
نزعتُ وشاحي و حاولت إخمادها حتى بللتُ القماش فوفى بالغرض؛ انهرتُ لأُعاوِدَ أخذَ أنفاسي، يال حظي فقد بات المكان فوضوياً حتى في الحلم.

خرجتُ و أمعنتُ النظر بالآثاث على الرغم من أنه ذو طرازٍ قديم إلى أنَّه جميلٌ بحق، أخذتُ أتفحصُّ بعض الأشياء التي سرقتْ ناظري حتى سمعت صوتاً قد ثقبَ أُذني فرميتُ ما حملته و حاولت الخروج حتى أوقفتني.

ريِّان: سديم، ألا يمكنني طلبُ شيءٍ و لو كان بسيطاً كهذا؟
أعود لأجدَ المطبخ طافحٌ بالرماد هكذا هلُّمي لتنظيفه هيَّا.
ألم أتركها تحت اهتمامك؟
أين عينيك؟
سيأتينا بعض الضيوف عند الساعة الخامسة استدعي الخادمة و غيري هذا الثياب.

******************************************
بدأتْ أتقلُّب حتى أنام، ما الذي أفعله حتى؟
أين يجرُ بي أن أكون أصلاً.

يجدرُ بها أن تكون أمِّي، عندما كنت أتسائل عنها في صغري كانت جدتي تتجاهلني أو تخبرني بأنَّها ذهبت لمكانٍ بعيد لا يمكن إيجاده أمَّا سديم فتقوم بإبعادي عن السؤال و كأنَّها كانت إيماءة لكيلا أسأل مجدداً ففعلت ما أردنه فما كان دوري إلَّا أن أعاود إخبار أخي الصغير بهذا.

و فيمَ حدث اليوم فجدتي عاملتني كالخادمة على مدار اليوم فآلمني كعْبَيِ، لا أذكر بأنَّها كانت تعامِلها هكذا هه!
و كان الوضعُ طبيعياً حتى بدأت في نقاشٍ حاد مع أؤلئك الزوار، و من ثمَّ انتهت الزيارة بنفي تهمة إفتعال الحريق عن رنيم.

تهمةُ الحريق!
لقد بدْت في حالٍ يائسة و عندما سألتها عقدت حاجيبها و أغلقت الباب على نفسها.

أوشكتُ على إغلاق جفناي حتى أشاع ناظري لتلك المذكرة الخضراء، طالما خبئتها خالتي في درج التحف آنذاك، على ما يبدو فقد تملكتها منذ الصغر،
هل أفتحها؟ أم لا؟
لا وقت للقرعة سأفتحها..
في بداية الصفحات توجد خربشاتِ طفولية رنيم و ثلاثة أطفال مع والديهم و بعدها بدأ الرسم يتطور حتى بدأت ترسم كلُّ شخصٍ بمفرده و كان هناك العديد من الأشخاص الذين لم أتمكن من التعرف إليهم كفتاةٍ بشعرٍ مجعد محمر..
و خُتِم الرسمُ برنيم في خلفيةٍ تجسدُّ السعادة تحت نسيمِ ضاحِيتِنا.
و من ثمَّ بدأَت في الكتابة فكان آخِرُها:
لنبقى معاً حتى في آخر بقعةٍ تحوينا، ألم نتشاركَ الأحلام على الدوام! أم أنَّها تبعثرت و اختطفت معها مبادئُنا حتى الوفاءَ منها، أمَّا عنكِ فقد أبهمتي الوفاء كلَّه، و أبهمتني وجودك، فهلَّ تبقى ذكرياتنا لكيلا تتلاشى أيضاً.
*****************************************
عقلي مشوش، الكثير من الأفكار تجول فيه، ألن ينتهي هذا!
خرجتُ لأروحَّ عن نفسي و أتناسى الأمر قليلاً و توجهتُ مباشرةً نحو الاصطبل، مليءٌ بالحيونات و مفعمٌ بالحياة على عكسِه في زمني، أخذتُ بعض القشِ لإطعام الأحصنة حتى سمعتُ أحدهم يهمسُ في أذني..

- أتحتاجين شيئاً آنستي؟

و بلا وعيٍ مني قمتُ بدفعها بقوة.

-ماه! آنسة سديم ما خطبكِ اليوم!

أغصان: اعذريني، أشعر بتوعكٍ في رأسي في حسب.
أنتِ الفتاة في المذكرة!
أأنتِ المسؤولة هنا؟

-أتمزحين!
يبدو بأنَّ ذاكرتِك بدأت في التلاشي؛ لا أَلُومك فقلبي أيضاً يؤلمني، لقد حدثت العديد من الأمور و سقطَ العديدُ من الضحايا بلا ذنب، لقد بدت تصرفات رنيم غريبة في الفترة الأخيرة و لكن لم أتوقع هكذا بل لا يحق لي التصديق.

ابتسمتُ بهدوء و أمعنتُ النظر إليها.
أغصان: لا بدًّ للحقيقة أن تظهر و لو كانت في قالبٍ من الحجر.

-لدَّي أعمالٌ كثيرة اليوم كإطعام الحيونات و التنظيف و جمع الثمار و الترتيب هلَّا ساعدتني كما تفعلينً دائماً.

أغصان:لا بأس.

انتهيتُ من العمل و غدوتُ لأرتاح، الشجرة!
ركضتُ مسرعةٍ نحوها.
ماذا عنها؟ بعد كلِّ تلك المفاجئات.
تسلقتُ للأعلى و أغمضتْ عيناي لأسترخي، حتى الأشجارُ كانت صديقةً لشخصٍ مثلي، انعكس ضوءُ الشمس على أوراقِ الشجر، و في أوراقِ نهاياتِ الجذوع كانت هناك شيءٌ مختلف!
أوراقٌ بيضاء قد رُبِطت بخيطٍ رفيع، التقطتها بصعوبة.
و حينما همتتُ بقراءة أوَّلِها حتى وصلتُ للكلمة الأخيرة و منها أحسستُ بدموعي تبَلْلُّ وجنتاي.

يتبع.

أغصانَ قلبي.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن