حملتُ آخرَ رسالة لآخذ نظرةً أخيرة قبل إحراقها
"رنيم: في النهاية لم يبقى لي سوى ذلك الخيار، أتمنى أن يجد أحدٌ ما هذه الرسائل و توَّضحُ الحقيقة فحسب، لقد سارتْ أيَّامي كالحلمِ، حاولتُ العملَ بما اجتهدته و بما أملى عليَّ ضميري و لكنْ لكُلِّ شيءٍ ثمن، دمتنَّ بخير"
رميتُها في اللهب و بعدها أطفئتها، و أقررتُ الكتمانْ فلا حيلة لدَّي أمام هذا، و لكن على الأقل لقدَ تغيرَّ الكثير منذ هذه اللحظة، لقدُ عرفتُ أمِّي و عَرِفتها سديم، شعورٍ محايدٍ يملؤني ما بين السعادة و الحزن!
******************************************
ألاحقُ شيئاً ما بين الأشجار حتى وقفت فجأة لألتَّف و أمعنُ النظر إلى المشهد فألوانُ الغروبْ المتداخلة تلك تدِيبُ القلب، تنهدتُ لآخُذَ نفساً عميقاً حتى فتحتُ عيناي و رأيتُ رنيم تحدِّق نحوي بأعينٍ متعبة.
-هل سَتُسامحينَنِي؟
هلاَّ يكونُ عذري مقبولاً؟
لقد كان طمَعاً منِّي تركُكِ آنذاك، لا أدري كيف طاوعني قلبي فعل ذلك، ربَّما لم أكن نفسي حينها.
لقدْ كنتنَّ دائماً أغصان قلبي، أولا تصدِّقينَني؟عانقتُها هذه المرة و بدأ شهيقُ بكائي يرتفع.
أغصان: أحبُّكِ أمَّي!
أينما كنتِ أحبُّك كثيراً.************************************
فتحتُ عينايَ ببطئ، إضاءةٌ خفيفة..
توجدُ العديد من الأنابيب أحسُّ بها تغرِزُ جسدي مع جهازِ التنفس ذاك.أشعرُ بتعبٍ شديد...أكملتُ التحديق نحو السقف و تَذكر بعضِ ما حدث...
و من ثمَّ بدأتُ إدراكَ الوضع عندها اشتدتِ الإضاءة.في حديقة المستشفى زُرِعت الكثير من الزهور و البتلات على حافة الممشى لإنعاش المريض و بالفعلِ قد أنعشتْني.
سديم: لقد خفتُ عليكِ كثيراً...خلتُ أن أفقدك، منذ ذلك الحادث لقد وقعتِ في غيبوبةٍ استمرت لسنة!
أغصان: و هل ستخصمُ هذه السنة من المدرسة؟
أم أنَّني سأعُيدُها؟سديم: هه لا تشغلُي تفكيركَ بشيءٍ كهذا الآن، كلُّ ما يهمُّ هو سلامتُك.
أغصان: أتعلمين؟
ما كان الجزء الأخير من القصة؟سديم: أيَّةُ قصة؟
أكانت في منامك؟أغصان: كلَّا...بعد رحيل رنيم لتلك البلدة ما الذي حلَّ بها؟
سديم: و ما أدراكِ بهذا؟
أغصان: شخصٌ ما..أخبريني فحسب.
سديم: لقد توفِّيت بعدَ إنجابِ أخيكِ إلياس، قال والدكُ بأنَّها أصيبتْ باكتئاب في ذلك الوقت...و بعدها رحلت.
أغصان: و ماذا عن والدي؟
سديم: فُقِدَ بعدما سلَّمنا وصيَّة الحضانة.
أغصان: و ما كانت آخرُ كلماتها؟
سديم: لطالما...لطالما كنتنَّ أغصانَ قلبي.
إلتفتُ و رسمتُ البسمة على وجنتي حتى رأيتُ إلياس قادماً برفقة أصدقائه حاملينَ الكثير من الحلوى و الورود.
حاولتُ الوقوفَ و أبى حتى وقعتْ و أخذت خالتي بكتفي.
الآن قد تلتئِمُ بعدَ توَّعُكِها.
أنت تقرأ
أغصانَ قلبي.
Romanceلنبقى معاً حتى في آخر بقعةٍ تحوينا، ألم نتشاركَ الأحلام على الدوام! أم أنَّها تبعثرت و اختطفت معها مبادئُنا حتى الوفاءَ منها، أمَّا عنكِ فقد أبهمتي الوفاء كلَّه، و أبهمتني وجودك، فهلَّ تبقى ذكرياتنا لكيلا تتلاشى أيضاً.