#1

46 4 1
                                    

أنا لا اذكر شيء فقط ايامي القليلة الأخيرة مع هذه العائلة الغريبة

أضع كوب النيسكافيه على الطاولة و يكاد راسي ينفجر ، أشعل سجارتي الاولى والثانية تليهما اخواتهن من تلك العلبة ، العلبة التي أحبها رغم كل مافعلته بي ..مع تشغييل  بعض عزف البيانو الذي اعتدت الرقص على ايقاعه و التمايل على الحانه ، تلك الالحان التي طالما عانقت حزني لتأنس به و تجعله جزء مني لا يمكن الانفصال عنه
،اشعر بالاختناق، ولا دخل لسجائري العزيزات بذلك  .. أنا اشعر بالاختناق كلما فكرت فيما حدث و فيما قد يحدث .. فيما يخباه القدر أو الاصح قول ما يخباه البشر ،اشعر وكان ايادي من العدم خلقت و بدأت تتشبث بي و تتمسك بعنقي الهزيل .. وفي حين تكاد عيناي تغمض و تتنازل روحي عن جسدي لتريحني من هذا العذاب ، تتركني تلك الايادي و تستغني عني ،كأن روحي بمرارة قهوة النيسكافيه خاصتي حتى لا تهتم لها تلك الايادي. دنيئة لكي لا تخلصني منها .. جسدي، لم يعد يروق له التفاعل مع تلك الموسيقى . لم يعد ينجذب لمعانقة حزنه ..لم يعد يحبب طعم النيسكافيه ،لم يعد كما عهدته
أنا فقط اقتل نفسي بعلب السجائر و ازعم انها تساعدني على تخطي هذا الشعور و التفكير المفرط ..
أنا هكذا منذ اربعة ايام مع تلك العائلة الغريبة
لسبب مجهول أنا لا اذكر شيء ، شيء سوى أنني أدعى بيل وأنا راقصة باليه .. و أنني هنا منذ اربعة ايام مع عائلة مجهولة

فقط عويل و نحيب تلك المرأة هو ما يتعاقب على مسامعي منذ اليوم الأول لي هنا .. في الأصل ليس هي فقط بل العشرات منهم ، اذكر يومها كان السابع من شهر جانفي ، حيث كانت الامطار تهطل بغزارة كانها تتباكى رحيل تابوت ذلك الميت مثلهم جميعا ، فلا أظن ان المتوفي محبوب لحد ان يودعه ذلك العدد في رحلته الأخيرة ، الجميع هنا أساتذة مسرح أو سينما ، أنا متاكدة ، بداية بذلك الرجل الطويل ذو المعطف بلون الكابتشينو و نهاية بالجدة العجوز التي رغم حزنها ، بانت الشرارة من عينيها ... و لوهلة نسيت لما أنا هنا عندما لمحت العائلة المصغرة لذلك الميت و حالتهم المرعبة ، العائلة تتالف من ثلاث أشخاص ، رغم الحشد تستطيع تمييزهم بسهولة.. فقط لأنهم الوحيدين الذين لا يستعملون براعتهم التمثيلية الفطرية .. شدت انتباهي صورة المرأة الثلاثنية تلك، التي هزت مشاعري و جعلت عيناي تذرف الدموع لحالتها ، و هي تحاول الاستناد على أحد الجدران كي لا تفقد وعيها و قد بانت على وجهها آثار الصدمة و جفاف قطرات الدموع على وجنتيها و أنا متاكدة انها قد بكت لحد نفاذ عيونها من ذلك السائل و من السهل التاكد من ذلك أثر رؤيتها لا تقدر على فتح عيونها ألا بصعوبة تامة
على الجانب الآخر في اخر الشارع بالكاد استطعت لمحه و هو قد اختلى بنفسه يغطي وجهه بكفيه كطفل صغير بريء ضاعت لعبته و ما بمقارنة بين فقدان لعبة ، و موت احدهم كان ذلك الأخير يبكي بحرقة مع عزل نفسه عن العالم و اختلائه بنفسه في أخر الطريق اتضح ان اسمه تايهيونغ سمعت نداء احدهم له و هو يعانقه و يربت على ضهره و لو أستطاع التربيت على الامه و تهدئتها لكان ذلك أفضل بكثير .. في الجهة المقابلة رأيت رجلا رغم بنيته القوية ألا انه قد بكى الميت مع شهقاته وكانه ثكلى فقدت عزيزها بين يديها ايام الحرب ..و كم أكره الموت فبالنسبة لي هو اسوا شي قد يحدث في هذه الحياة ..   أنا لا اذكر أنني فقدت احدهم من قبل و لكن لسبب ما أنا اشعر بالحنين و الفقدان ، فهل فقدت احدهم سابقا ؟و هل لي علاقة بهذا المتوفي ؟هل أنا الآن بصدد فقدان احدهم ؟ يا اللهي لما أنا لا اذكر شيئا !!

       
⁦❄️⁩⁦☁️⁩⁦☁️⁩⁦☁️⁩⁦☁️⁩⁦☁️⁩⁦☁️⁩⁦☁️⁩⁦☁️⁩⁦☁️⁩⁦☁️⁩⁦☁️⁩⁦☁️⁩⁦⁦❄️⁩
رايكم . نقدكم . توقعاتكم

كونوا بخير
🌸

نيسكافيهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن