خطاب إلى العقل:
أتوسّل إليكَ، تلك المرّة السابعة بعد الخمسين التي أرجو منكَ عمل شيء مهم، حاول أن تقتاد الدفّة هذه المرّة دون إغراقي في محيط الحُرمات، لمَ لا نتكاتف ونصل لإجابة حتميّة معًا جنبًا إلى جنبٍ؟ أو نيأس ونقفز في بئر الجهل من غير تردّد، إذا أضحت كلّ تلك الأمور واهية من صنع عقولٍ حكيمة تمكّنت من صناعة أعظم نظرية زائفة عِشناها قرونًا عديدة دون البحث وراءها، لكن دعني اُذكّرك، تريّث قبل التمحيص والإجابة على الأسئلة، لذا تأهب.
هل الإله موجود حقًّا فوق السماء السابعة على عرشه تحفه الملائكة من كل حدبٍ وصوبٍ يخدمونه ويساعدونه؟
هل لإله قوي قادر على كل شيء يقول للشيء كن فيكون يحتاج معاونين لمساعدته!
ولمَ جعل الشر وهو يعلم -سبحانه وتعالى- أنّه شيء يتفاقم بداخلنا وينتشر كالطاعون؟
هل بالفعل خلق الجان وسخّرهم، والتسخير في المعجم معناه المعاونة؟ هل ذلك معناه أنهم يعاونُ الإله على الشر!
إذًا شأنهم كشأن الملائكة؟
إذا كان للرجال حور عين، لمَ ليس للنساء أيضًا نصيب؟ ماذا يحدث لامرأة ماتت قبل أن تتزوج؟ هل يغدق لها الرب زوجًا من الملائكة! بالطبع لا.
هل الإ...
- دكتور جابر، عُذرًا على الإزعاج.. لكن وقت المحاضرة قد حان" أومأتُ له برأسي أن نعم فانصرف مغادرًا.
مرّةٌ أخرى لا أجد إجابات تسدُّ تلك الأسئلة في ذهني منذ كنت شبلًا صغيرًا يعيش في كنف والده المتعصب دينيًا، يلوك كلمة (حرام) كلّما سألته عن شيءٍ بخصوص الإله، حتى صرت دكتور فلسفة حضارات، وما زالت لديّ أسئلة لم أحصل على إجابتها بعد، أقْبل الطلاب اليوم من جميع الأقسام حتى يجلسوا أمام دكتور وفيلسوف انحرف عن طريق الدين وانساق في الميتافيزيقا والكينونة، اعتنق مذهب الإلحاد جهرًا من دون أن يرتعب مما سوف يؤول له، أعداد الحاضرين من الصعب إحصائها.
"هل شعور اللادين جيّد؟"
عرجتُ بقدمي إلى المسرح بخطواتٍ مثقلة، أُرتّب ما سألقيه اليوم، الكثير متوجسين لسماع كلماتي عن سبب خروجي عن الدين، جُرحت صورتي عند الكثير، إلا أنّي أعدهم أن أضمدها مرّة أخرى إن لم أُقتل.
أستطيع أن أرى من خلف الستائر ما يعتمل بداخلهم من وجوههم التي أسفرت عن تساؤلات كثيفة. احتدمت همهمات الحاضرين في المسرح لتصل عنان السماء بلا صادٍّ لها. انتصفت المسرح خلف الستائر في انتظار إشارة من عقلي بتأهبهِ، اليوم إما اُقتل، أو أنجح في لمس عقولهم وتغيير جمودهم الفكري، علينا التدبر في كل شيءٍ حولنا، لا بدّ مراجعة كل معلومة قبل تخزينها، عدم التسليم لأيّة معلومة دون إخضاعها لجهاز كشف الكذب في العقل.
أنت تقرأ
إلحاد مؤقت (وان شوت)
General Fictionجابر، دكتور فلسفة حضارات في جامعة (...)، يفجّر مفاجأة إذاعة حقيقة إلحاده، واكتشاف نفسه الجديدة بعيدًا عن إدّعاءات الأديان، ومحاولات إحياء كائن انقرض في الأساطير الدينية -الشيطان، وفرارًا من سد عالي رسّب مجرى شهوات البشر حتى فاضت. ولنُبله الشديد، أعد...