فصل الأخلاق الذميمة تحجب عن المعارف

29 1 0
                                    


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

1 ) القلوب كلأواني فإذا كانت مملوءة بالماء لا يدخلها الهواء

فالقلوب المشغولة بغير الله لا تدخلها معرفة الله و حبه و انسه و إلى ذلك أشار نبي الأصمة (ص وآله) بقوله: ((لو لا ان الشياطين يكونون على قبو ببني آدم لنظروا إلى ملكوت السماوات و الارض)).
____

2 ) ((إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها))

فكل إقبال على طاعة و إعراض عن سيئة يوجب جلاءا و نورا للقب يستعد به الإفاضة علم يقيني ، و لذا قال سبحانه  ((و الذين جاهدة فينا لنهدينهم سبلنا))
____

3 ) (( من عمل بما عمل ورثه الله علم ما لم يعلم ))

فالقلب إذا صفى عن الكدورات الطبيعية بالكلية يظهر له من المزايا الإلهية و الإفاضات
الرحمانية ما لا يمكن لإعاظم العظماء كما قال سيد الرسل ((ان لي مع الله حالات لا يحتملها لا ملك نقرب و لا نبي مرسل))

وكل سالك إلى الله إنما يعرف من الألطاف الإلهية و النفحات الغيبية ما ظهر له على قدر إستعداده ، وأما ما فوقه فلا يحيط بحقيقته علما لكن قد يصدق به إيمانا بالغيب كما نؤمن بالنبوة و خواصها و نصدق بوجودها و لا نعرف حقيقتها كما لا يعرف الجنين حال الطفل و الطفل حال المميز و المميز من العام حال العلماء و العلماء حال الأنبياء و الأولياء.

فحصول هذه اللطائف الإلهية و النفحات الغيبية موقوف على تصقيل مرآة القلب و تصفيتها عن الخبائث الطبيعية...

فلا تحجب الأنوار العلمية الأسرار الربوية عن قلب من القلوب لبخل من جهة المنعم تعالى شأنه عن ذلك ، بل الاحتجاب إنما هو من جهة القلب لكدورته و خبثه و اشتغاله لما يضاد ذلك.

وقال الإمام علي (عليه السلام) في الراسخين من العلماء ((هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة و باشروا روح اليقين و ستلانوا ما استوعره المترفون و أنسوا بما إستوحش منه الجاهلون و صاحبوا الدنيا بأيدان ارواحها معلقة بالمحل الأعلى)).
____

4 ) (( الطهور نصف الإيمان ))
المراد به: طهارة الباطن عن خبائث الأخلاق ، وكان النصف الآخر تحليته بشرائف الصفات وعمارته بوظائف الطاعات.

____

5 ) قال الحبيب (ص وآله): ((بني الدين على النظافة))
وأيضا قوله: (( لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب )) فإذا كان بيت القلب مشحون  بالصفات الخبيثة التي هي الكلاب النابحة لم تدخل فيه الملائكة القادسة...

____

6 ) إن العلم الذي يحصل من طريق المجادلات الكلامية والاستدلالات الفكرية ، من دون تصقيل لجوهر،  النفس ، لا يخلو عن الكدرة و الظلمة ، و لا يستحق إسم اليقين الحقيقي الذي يحصل لنفسة الصافية فما يظنه الكثير من أهل التعلق بقاذورات الدنيا أنهم على حقيقة اليقين في معرفة الله سبحانه و تعالى خلاف الواقع ، لأن اليقين الحقيقي يلزمه _روح_ و نور و بهجة و سرور ، وعدم الالتفات الى ما سوى الله ، و الاستغراق في ابحر عظمة الله ، وليس شيء من ذلك حاصل لهم ، فما ظنوه يقينا أما تصديق مشوب بالشبه ، أو إعتقاد جازم لم تحصل له نورانية و جلاء و ظهور و ضياء ،  لكثرة  قلوبهم الحاصلة من خبائث الصفات.

والسر في ذلك أن منشأ العلم و مناطه هو التجرد  كما بين في مقامه ، فكلما تزداد النفس تجردا تزداد إيمانا و يقينا ، ولا ريب في أنه ما لم ترتفع عنها استار السيئات و حجب الخطيئات لم يحصل لها التجرد الذي هو مناط حقيقة اليقين فلا بدة من المجاهدة في التزكية و التحلية حتى تنفتح أبواب الهداية و تتضح سبل المعرفة كما قال سبحانه و تعالى: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا.

سورة العنكبوت ، الآية: 69

____

إلى اللقاء في الفصل القادم...








لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 26, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

جامع السعاداتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن