كأن الطريق الذي بدى أبديا انتهى، وكأن الخلاص حل على أسير الحرب مبتورة الراء، على طرف رمشها زاره مشهد اصطدام كومة الحديد تلك بجسدها النحيل، ابتسامتها الأخيرة في وجه من يقف بالجهة الأخرى وراء زجاج المقهى، ثم انهيارها على مرمى من عينيه، مر ذلك المشهد أمامه كشريط فيديو درامي عفى عنه الزمن.
"غاردينيا".
هو همس باسمها حين حاوطه دفئها، عيناه كانت مشدوهة في الفراغ كأنه رأى المدينة الفاضلة، اشتدت ذراعاها على جسده فاستجاب مغرقا إياها في حضنه، بدى مظهرهما مبهجا للنظر كاختلاط لونين متكاملين، هو التمس من اصفرار الشمس المشرقة الكثير، وهي نافست زرقة المياه في هدوئها وصفائها.
اختارا حديث الأرواح بدل الألسنة، فدام التحامهما الذي فصلته هي بضع لحظات، أمسكت يده ونهضت تقوده نحو طاولتهما المعتادة بخطوات بطيئة، أما هو فقد كان منصاعا لجسده الذي يتبعها دون إذنه، كأنه بحار ضائع بدون بوصلة لا يملك إلا أن يتبع الرياح.
ظل الصمت سيدا للمكان، بينما عبير الشوكولاته الساخنة يغمر الجو، لا يسمع أحدهما شيئا رغم كل الأصوت التي تتردد في المحيط كأنهما داخل عالم مواز لا يعرفه غيرهما، فقط يحدقان ببعضهما بهدوء، الشعيرات المتساقطة على جبهتها تتحرك بخفة، بينما هو يحفظ ملامحها التي بدت أكثر نضجًا حيث أشعة شمس الصباح الدافئة انعكست على وجهها الذي لم تسرق من جماله السنين شيئا.
"أهذه أنت حقا؟".
"أجل، بروح جديدة ربما".
غاردينيا كانت قد عادت من الموت المحتم، نظراتها لم تعد نفسها، هي بذاتها كانت تشتاق لنفسها، لا تدر هل كسر قناعها التنكري لحظة سقوطها أم أنها ارتدته لأول مرة بعد استيقاظها، لم تعد تعلم أيهما غاردينيا الحقيقة، وكما أخبرته في أحد لقاءاتهما بعد ذلك اليوم:
"بدا لي الأمر وكأني انسحبت من الحياة ثم عدت اليها تائهة خالية الوفاض لا أذكر كيف كنت أعيشها."لكنها في تلك اللحظة التي عزفت بجانبه على البيانو علمت أنها لم تستطع العودة لحياتها لأنها لم تعد له، فهي انسحبت من الحياة ومنه، وحين عادت لم تعد إلا لها ناسية أنه والحياة وجهان لعملة واحدة.
~وكأنني عدت للوطن~
السلام عليكم❤️
مر وقت طويل، أتمنى أن يكون الجميع في أفضل حال، لم أكن أنوي نشر الفصل حاليًا لكني فضلت ذلك بينما أعتبرها ختامًا لمرحلة وبداية لأخرى جديدة، كبداية غاردينيا التي عادت وأخيرًا لحياتها، وهوسوك الذي عادت له الحياة بعدها، والآن يمكننا القول أن مقهى الذكريات قد انتهت.
لا أدري كيف أرتب هذه الكلمات لكني فقدت جدتي في فترة غيابي، دعواتكم لها، رحم الله موتانا وموتى المسلمين أجمعين.
رافقتني هذه القصة لأكثر من عامين لم يكونا من أفضل سنين حياتي، لكنها كانت خير مهرب لي من الحياة، شكرا لكلماتكم الداعمة التي لطالما عدت إليها، وأتمنى أنني كنت عند حسن ظنكم.🧡
دمتم بخير إلى لقاء آخر في عمل قادم بإذن الله❤️
أحبكم🥰
أنت تقرأ
مقهى الذكريات
Teen Fiction"نحن كائنان فرقتهما مبادئ القدر، فجمعتهما شظايا الكأس الدافئ" الغلاف من تصميم المبدعة: @FatimaKhayali جميع الحقوق محفوظة لي كـ كاتبة ولا اسمح بالنقل او الاقتباس من كتابي