-12-

35 6 2
                                    

بغداد ١٩٨٥
ظلت مشكلة زوجة عمي حسين عالقة بين الطرفين بين من يريد اخذها وبين من يريد اخذ اولادها لكنها تشبثت بيد ابنائها ووقفت بوجه عائلتها من اجلهم .
- يمة خليل شلون تخلص هاي السالفة انت تدري بية مااخلي الجهال يطلعون من البيت .
~ لا يمة ما يطلعون انتي ارتاحي ولا تفكرين بهاي السالفة هواي محلولة ان شاءالله .
- اكول يمة اريد اكلك شغلة واتظل بيني وبينك .
~ كولي يمة شعندج.
- اني اكول شنو رأيك لو تزوج مرة اخوك وبهيج اتظل ويانا ومتروح لا هي ولا جهالها.
~ هذا شلون حجي يمة صدك تحجين تريدين ازوج مرة اخوي الشهيد ، اسكتي يمة فدوة اروحلج ام حيدر اختنة وصارلها بالخمس سنوات ويانا .
- يمة ليش اسكت لا هو حرام ولا هو عيب مرة اخوك وصار سنتين من اخوك استشهد واحنة نريد انحافظ ع الجهال يمة ميروحون من ادينة.
~ حجية الجهال بعيونة وانحافظ عليهم واذا اضطريت كلش ناخذلها بيت بصفنة وتكعدين انتي وياها .
- بس اني مااكدر اعوف بيتي هذا واطلع منة ع تالي عمري وابوك ويظل وراي .
~ حجية هاي اذا اضطرينة كلش واهلها ظلو معاندين انطلعها لبيت وحدها هسة بس لا تلومين هواي .

في عصر يوم السبت من سنة ١٩٨٥ كانت جدتي تقيم عزاء لولدها حسين في وسط الدار وكان يجلس الى جانبها جدي وبينما كان الجميع مجتمع من حولها ومنشغلين بالبكاء والنحيب على ما تعانيه جدتي بفقد ولدها حينها سمعتُ الباب تطرق ولم ينتبه لها احد من اول مرة وبعد ان تكرر الطرق على الباب قمت لرؤية من يقف خلف الباب وما ان فتحت الباب رأيت ذلك الرجل الشاب ذو ذقن عالً وشعره الكثيف ووجه الحزين ، كانت في عينيه دمعة لا اعرف السر وراءها لكن ما ان ألقى التحية حتى رأيتُ الدمع يسقط على خديه ، لم استطع التعرف الى تفاصيل وجهه لأنني لم اراه من قبل او لعل الزمن اخذ منه مأخذه :
-السلام عليكم ابني .
~ وعليكم السلام عمو ، اتفضل .
- اكو احد موجود بالبيت.
~ اي عمو اتفضل المن رايد ، منو حضرتك .
- انت اكيد ابراهيم ابن خليل مو صح .
~ اي صح انت منين تعرفني ، وانت شرايد عمو اصيحلك والدي .
- لا بس بيبيتك ام خليل موجودة بالبيت .
~ اي موجودة قابل وين تروح هي وين تكدر تطلع .
- اني عمك إسماعيل .
ما ان نطق اسمه حتى قفزت لاحتضانه ، كنت اراه لاول مرة ولا اعرفه لكني احتضنته دون ان اشعر بشئ لكني شعرت لوهلة انه سيكون السبب في اسعاد جدتي وادخال السرور على قلبها الكسير منذ وفاة عمي حسين .قمتُ بأدخاله الى المنزل حيث كانت جدتي وعائلتي تجلس للبكاء والنحيب فما ان وقف أمامهم حتى سكت الجميع وساد الصمت اجواء المجلس وكأنهم صدموا لرؤيته ولم يصدقوا  ما يحدث أمامهم ، كان حال جدتي ليس بأفضل من حال الاخرين الذي استقبلته بالبكاء والصراخ والعويل :
- ولك يمة اسماعيل هيج تكطع بية وتعوفني ولك يمة كسرت كلبي عليك .
بدموعً حارقة وحسراتً طويلة أجابها عمي :
~ سودة علية عليج يمة مااعوفج بعد واروح لاي مكان بس لاتبجين وامسحي دموعج . ( بيده يمسح دموعها )
- ولك اخوك حسين راح من ادينا وما يرجع بعد .
~ سمعت بالخبر الله يرحمة كسر ظهري اخوي حزام ظهري .
• حمدلله على سلامتك ابني ليش هيج تكطع بينة لا حس ولا خبر .
~ يابة اعتذر والله انشغلت وبعد ماكدرت ادزلكم رسالة بيد احد وظليت حاير .
سأله والدي :
* اكلك خوية اسماعيل ، سهيل رجع وياك لو اظل بالاردن ، لان خطية امة مريضة وتريد تموت علي .
~ اي خوية رجعنة كلنة احنة بينة خمس نفرات عراقيين كلنة رجعنة.
• اي الحمدلله لان الناس خطية ماتو على ابنهم الوحيد عافهم وراح وامة خطية اتمرضت وراه .
استقر حال جدتي بعد عودة عمي اسماعيل الى احضانها ، لم يُنسيها ابنها حسين ولكنه خفف من وطأة الحزن عليها الذي خلفه حسين على حياتها .

بعد شهرين على عودة عمي اسماعيل بدأت جدتي تخطط لأمر ما بعد ان تفاقمت الازمة بين عائلتنا وعائلة ام حيدر زوجة الشهيد حسين ، بعد ان ظلوا يحاولوا أخذ أبنتهم وأطفالها لكن جدي وجدتي لم يقبلوا بالأمر حتى انهم فرضوا على ابي ان يعطي لابنتهم واطفالها ميراثهم من حصة البيت الذي نسكن فيه على ان نبيعه ويتقاسمون الارث فيما بينهم لكن جدتي رفضت ذلك رفض قاطعاً :
- يمة حجي حسن يريد ياخذ شروق وجهالها واذا ماكو ننطيهم حصتهم من البيت ويطلعون ابيت وحدهم يعيشون ويجي واحد من اخوتها يكعدون وياها .
~ ماكو هيج حجي ، البيت ما ينباع والجهال ميطلعون منا ، اني استحي احجي ويا حجي حسن بس ما اقبل بهذا المخطط مالتة.
• حجية والحل شنو احنة انظل هيج يومية مشكلة ويا بيت حجي حسن وهذا ابنهم عبد ماينحمل ويدور مشاكل ، خل انأجر الها بيت بصفنة وتكعد بي واحنة نكعد وياها .
~ هاي الناس ماعدها رحمة ولا انسانية يريدون يحرمونة من جهالنة شلون بله .
- يمة هم حقهم يخافون على بتهم .
بعد ذلك قامت جدتي بأخبار والدي بخطتها على ان يتم الامر بعد موافقة جميع الاطراف .
- شوف يمة خليل اني فكرت بشغلة واريد اخذ رأيك بيها قبل لا اسويها.
~ اي حجية كولي شغلتج شنو .
- اني فكرت انزوج ام حيدر لاسماعيل شكلت .
~ لا سماعيل يمة.
- اي شبيها هو هم مزوج وعايش وياها ومثل اختة مثلك .
~ والله يمة هي خوش فكرة بس منو يكول هي لو اسماعيل راح يقبلون .
- احنة انقنعهم وحتى انحافظ على الجهال يمنة ، وانت يمة تدري هذا الولد حيدر مريض وهسة عمرة اربع سنوات وهو بعدة ميمشي وانت تركض بي بالمستشفيات شلون يروح من عدنا منو الة.
~ والله يمة هاي بقت يمج انتي قنعيهم وبعدين منو يكول اهلها راح يقبلون بهذا المشروع.
- لازم يقبلون هم مو حجتهم يخافون عليها بعد اذا صارت بعهدة رجال شنو عذرهم بعد وهم مجبورين يقبلون لان احنة جهالنة ممنطيهم .
- الله كريم يمة يصير خير .
ظلت جدتي تحاول اقناع عمي اسماعيل بالزواج من زوجة اخيه الشهيد للحفاظ على احفادها بالقرب منها لكنه ظل رافضاً للأمر وبعد إلحاح جدي وابي على الأمر وافق عمي اسماعيل على ذلك لكن زوجة عمي الشهيد هي من اعترضت هذه المرة وظل الامر معلقاً بينها وبين اهلها الرافضين للزواج ايضاً ثم تدخلت امي بالأمر محاولةً اقناعها ايضاً :
- شوفي دادا ام حيدر اني اشوف لو توافقين على هذا الزواج احسن الج والنا .
~ يعني دادا شلون ازوج بعد وشتكول علية الناس ما صدكت رجلها مات .
- مايكولون الناس لان انتي مو اول وحدة تزوج بعد رجلها هواي نسوان هسة ازوجن من ورا الحرب .
~ بس اني اختلف مو نفس باقي النسوان عندي جهال اريد اربيهم .
- احنة على مود الجهال نريد منج تزوجين لان الجهال بعدهم اصغار ويحتاجون لابو يرعاهم ويقوم بواجبهم واسماعيل عمهم احن واقرب الناس الهم .
~ والله يختي مدري شكول صعبة واهلي شلون بيهم منو يكول يقتنعون .
- لازم يقتنعون لان هم يريدون يحافظون عليج وعمتي ماتنطي الجهال لاي احد ، اني وياها نروح على امج ونحجي وياها بالموضوع .

يتبع....

امرأة في جحيم الحرب ( مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن