الفصل الرابع

24.7K 688 9
                                    

رواية عذاب قسوته بقلم آية محمد و أم فاطمة الفصل الرابع

كم أنت قاسى إيها الفراق على المتحابين، فحينما نودع الحبيب المسافر فإنه يأخذ القلب معه لأنه ينبض فقط لوجوده..
أخبر "فريد" والدته فى ليلة السفر بقرار سفره، خشية من ردة فعلها فقالت ببكاء الحاجة_كده يا "فريد" ،هان عليك أمك تسافر وتسبها ، طيب لو مكنتش غالية أنا عليك، طيب بنتك هتقدر متشفوهاش ده كله، ومراتك اللي مستحملة طبعك وعشتك ، ليه بتزود عليها كمان الفراق ؟ ليه ده كله يا ابنى ؟ حرام عليك نفسك وإحنا كمان معاك .

ألهبته كلماتها فهو يعلم قبل مواجهته بمقدار صعوبة ما سيواجه ولكن ما باليد حيلة، كان يجب عليه الأقدام على هذا السفر لوضع النقاط على الحروف وليعلم حقيقة مشاعره نحوها، أراد إعطاء نفسه فرصة للتفكير بدون قيود ليسيطر على مشاعره الجياشة نحوها وأيضا لإحساسه بالذنب نحو وزوجته الراحلة فقال متحاشياً النظر إليها_يا أمى أرجوكِ متتغطيش عليا أكتر من كده ، أنا فعلاً محتاج السفر ده ضرورى بجد .

الحاجة "زينب."_ ما الأمور يا ابنى بقت واضحة زى الشمس ، ولا فاكرنى مش واخدة بالى ، أنت رغم كل اللي بتعمله ده ، بس عنيك فضحاك ، أنت حبيتها بس مش قادر تواجه نفسك .
قبل يدها بحنان ليقول بصوتٍ هادئ _ يا أمي، أنا عارف كل اللي بتقوليه ده ، بس أنا محتاج أبعد شوية فمعلش سبينى أحدد انا محتاج إيه وأوعدك إن شاء الله مش هطول .
قالت بنفاذ صبر_أعمل اللي يريحك يا حبيبي ، المهم راحتك .

ودعها وبالكاد كان يخفى عبراته ثم التفت ليجدها تحمل إبنته ووجهها يفصح عما فى قلبها ، أخذ منها الصغيرة ليحتضنها بحنان طابعاً قبلاته على وجنتها بحنان، تناولتها منه والدته لتشير لربهام بمكر _وصلي جوزك لبرا يا بنتى.

توجهت "ريهام" معه للخارج ومع كل خطوة كاد قلبها بأن يتوقف عن الخفق؛ فتحاملت على ذاتها وتحلت بالثبات إكتفت بالنظرات فقط التى لا تكفيها الكلمات .
وضع الحقائب بالسيارة وعيناه تراقبها بأهتمام، وجدها تلتزم الصمت حتى أنها إستدرات لتعود للداخل بعدما إنتهى من حزم الحقائب فقال ببسمة مهلكة حد وسامته_مفيش حتى ترجع بالسلامة .

كانت كلماته هذه كفيلة بترميم مشاعرها المجروحة،كأنه منحها إذنٍ بأن تفعل ما يملاه هذا القلب غير عابئة لقانون قسوته المميتة، فأرتمت فى أحضانه تبكى وتنتحب ،فأهتز جسده على أثر إحتضانها المفاجأ، شعر بحبها يتغلغل بداخل قلبه الغامض ولكن كيف عليه بمواجهة عقله الذى سيقتله من فرط الإحساس بالذنب ، أبعادها عنه برفق هذه المرة ثم قبل جبينها ورتب على كتفيها بحنان بالغ قائلاً بهمس كلماته الساحرة_ أنا مش مسافر العمر كله..

رفعت عيناها التي يكسوها الدمع والذهول بأنٍ واحد فرفع يديه يحتضن وجهها بمشاعر متلخبطة ليخرج صوته أخيراً _عايزك تسامحيني علي معاملتى وأسلوبي معاكِ
رفعت يدها بأرتباك من أن يتبدل لطوفانه القاسي، مررت يدها على أصابعه التي تحتضن وجهها قائلة بصوتٍ باكي _عايزنى أسامحك؟
حركتها أثارت مشاعره الجياشة فأغلقها بقوة ليستعيد إتزانه مجدداً _أكيد.

عذاب قسوتة.. بقلم آية محمد و أم فاطمة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن