عودة الابن البار

244 10 3
                                    

تعديل ......تم اضافة كل المشاهد حتى الخاتمة

#ابن عمرى
المشهد الحادى عشر
تضج عينا مهاب بالغضب الشديد وظهرت في نبرتة  الشرسة المدافعة بجنون
( القهوجى دا يبقى ابويا إللى ربانى...ابويا إللى لا يمكن انساه ولا اتنكر لجميله طول عمرى ....القهوجى......
لمس مراد يده فى فخر واضح واكمل جملته ليوصل احساسه لمهاب كاملا
( القهوجى دا هو إللى ربى ابنه وخلاه راجل يعتمد عليه وهو فى السن الصغير دا....لو فضلت طول العمر اشكر فيه انه حافظ عليه وعلمه يدافع عنه بالشكل دا ما هوفيه حقه ....عم فتحى معرفته فخر ومكسب لأى انسان)
تحركت نواجز مهاب فى تأثر شديد وخفض وجهه للأرض خجلا من إطراء والده ودفاعه عن أبيه الثانى ...فى حين اقترب منه خيرت هامسا فى أذنه
( شوف يا ابن عمى...عاوز تعيش فى العيلة دى وترتاح ومعاك عم إللى هو بابا حبيبى يبقى ولا كأنك سامع ...ابعد عن كلامه ترتاح يا مهاب ...بس يا بنى انا اكبر منك بتسع سنين وانت طويل كدا وجامد...ايه يا عم شكل القهوجى إللى بتشكروا فيه متوصى بأكلك مش زى المحروس فخرى بيه ...يموت فى الخناق على الاكل ولازم يوميا اقوم جعان...
صرخ فخرى عاليا
( بتقول ايه يا ولد ...سامع اسمى فى الموضوع)
ابتسم خيرت ابتسامة صفراء وهتف
( بقوله عمك حته سكرة...يتحط على الجرح يشيط اقصد يطيب يا بابا يا جميل انت ...ايه يا عمى فين الفطار والقهوة والحلويات طول عمرك كريم واحنا نستاهل)
سمع صوت يقول من خلفه
( محصلش....متستهلش يا خيرت يا ابن عمى)
ضحك خيرت رافعا يديه للأعلى بطريقة مضحكة وهو يهتف
( العسكرى وصل ...سهيلة هانم بنت عمى وصلت يبقى لا أفطار ولا قهوة ولا حتى كلمة كويسة ...حرام والله سهيلة وفخرى فى وقفة واحدة... ...صبرنى يارب)
تخصرت سهيلة فى غضب طفولى واقتربت من مهاب وهى تهتف  فى غضب
( عسكرى يا خيرت ...عالعموم خلاص الحمد لله متشكرين وصل إللى يرحمك من مشاويرى...اخويا حبيبى مهاب)
عينان ممتلئتان بمشاعر مختلفة ينظران نحوها ...اهتز مهاب طربا وسعادة لشعوره بحب سهيلة وفرحتها  يجد لديها نظرة هناء  حقا...فى حين اسودت نظرات خيرت ونظر للأسفل فى ضيق لعلمه بإقصاء سهيلة له من حياتها تلك المراهقة الغبية كأنه يهتم بوجودها الدائم حوله والبحث عنه ...هز رأسه فى تكذيب لنفسه هامسا
( كداب...انت إللى دايما بتدور عليها وتسخن عمك انها ميصحش تخرج لوحدها وأنها كبرت و...و.... خلاص خلصت يا خيرت يا فرحة ما تمت خدها مهاب وطار...)
صفقت يد بقوة ليسمع صوت ساخر حاد مسمم  بالحقد الغريب
( ايه دا العيلة كلها صاحية بدرى ومتجمعة على شرف البيه الصغير زى ما بتقول دادة...ما علينا ...صباح الخير....مع انه هيجى منين الخير بس ما علينا ...بابا من فضلك محتاجة مصر وفى الجديد علشان هشترى لبس جديد ...عندى حفلة ومفيش هدوم مناسبة )
هز مراد رأسه في هدوء قائلا
( مفيش مشكلة يا سيلا ....طبعا مهاب وسهيلة هيخرجوا معاكِ للشوبينج ونفس المبلغ اللي هتاخديه هتاخده سهيلة ومهاب كمان )
صرخت سيلا فى عنف
( ازاى يعنى هيخرجوا معايا أنا هخرج مع صحباتى علشان ذوقهم متشابه ونلف بنات مع بعض يبقى ازاى ناخد البيه.....
نظر نحوها أبيها فى هدوء شديد
( مفيش مشكله بلاش مهاب لو شلة بنات بس سهيلة تروح معاكم ....وتشترى بنفس المبلغ ...تمام يا سيلا ...
امتقع وجه سيلا وغارت الدماء من وجهها ولم تستطع النطق ..ليقترب منها فخرى هاتفا بمؤازرة
( سيبها على راحتها يا مراد ...دول بنات مع بعض ...وسهيلة ممكن تروح مع مهاب وخيرت يشتروا براحتهم ولا تزعل قمر الكون سيلا هانم)
احتضنت سيلا عمها بحب هاتفة
( حقيقى اكتر واحد بيحبنى وفاهمني انت يا عمو يا قلبي )
نظر نحوها مراد نظرة غامضة وهتف فى هدوء بارد
( صحباتك مين يا سيلا ....لو سمحتى أسمائهم علشان اطمن انك خارجة مع بنات كويسة واياكِ تكونى بتخرجى مع ميريهان اظن كلامى واضح...
شحب وجه سيلا وتراجعت للخلف فى عنف وبدأت فى إظهار العناد والرفض
( بابا أنا لا صغيرة ولا جاهلة علشان تتحدد اصدقائى كمان بلاش خروج اصلا شكل أيامنا هتبقى صعبة وعيشتنا وصلها القرف والتحكم خلاص)
أسرعت بالتحرك سريعا من أمامهم لتلاحقها اعين والدها الغامضة المرتابة فى حين دخلت غرفتها واغلقت الباب فى عنف شديد ...لترسل رسالة سريعة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي وهى تغمغم بكلمات حانقة غاضبة ليرتفع حاجباها فى رعب حين رأت الرد على الرسالة وتهتف فى ثورة مكتومة
( يعنى لازم اتصرف وابعت المبلغ ضرورى..ويعنى اية معنى كلامه الغبى دا وأنى هندم لو متصرفتش بسرعة والمبلغ كان عنده!!)
*******************************************************************
يتحرك فخرى فى غيظ وجنون ناظرا نحو المعلومات التى تحصل عليها وهتف فى شراسة
( يعنى هو فعلا مهاب والتحليل اثبت ...والقهوجى كمان هو إللى انقذه من الموت..........كدا كل إللى برتب ليه ليا عشر سنين هيتدمر ويروح.....لاء مستحيل لازم تصرف سريع ...حته عيل يعمل فيا كدا ....مستحيل)
رفع الهاتف ليسمع صوت مدحت النائم فيصرخ فيه
( اصحى يا فالح يا حلو الملامح ....اصحى يا خيبتى التقيلة وتعالى بسرعة شوف المصيبة إللى حطت على دماغنا....عملت اية مع سيلا)
برقت عيناه ببريق مخيف وهو يستمع لحديث ابنه ويقهقه بصوت عال منتشى هاتفا
( ابن ابوك بصحيح ...عفارم عليك يا ولد ....الصياعة ليها فايدة اهو برضه)
وتعجب الشيطان من مكر الإنسان....
********************************************************
تبسمت فادية فى رقة وحب صادق وهى تضع الطعام امام فتحى الذى ينظر إليها بود وحسرة  وكسرة نفس ..كيف يجتمع الثلاثة لا يعرف ...كم يعز عليه عذابها وتحملها هى وابنائه نتيجة مرضه الذى تمكن منه ولا يستطيع الحركة إلا قليلا ليبقى أسير المرض والعجز ...دمعت عيناه وهو ينظر إلى الطعام أمامه ويهتف فى غصة شديدة
( طبختى لحمة النهاردة يا فادية .....طبعا محدش من الاولاد اخد والمناب كله من نصيب العاجز ...وهم محرومين)
نظرت نحوه فى رضا بالمقسوم وقامت قبلت رأسه فى تراحم وود شديد وهتفت دون كذب
( الحرمان يكون فى عدم وجودك يا فتحى ....المرض من عند الله وربك كريم يرفع عنك ويحفظك لاولادك...كمان النهاردة عملت رز وشوربة والعيال فرحانين متشلش هم حاجة خالص وخليك فى صحتك يا ابو العيال)
نظر نحوها لا يعرف بماذا يرد ....لا يعرف ما الطريقة التي يستطيع التخفيف بها عنهم ....
دخل محمد الغرفة صاخبا سعيدا لتنهره فادية فى صرامة شديدة
( محمد وبعدين ...كام مرة انبه عليك عيب تدخل من غير استئذان.....شفت على عمره ما دخل من غير ما يستأذن )
قبضة باردة اعتصرت قلبها حين ذكرت اسمه وتساءلت عن حاله فى أول يوم له فى عالمه الجديد ....ليقطع محمد حبل أفكارها وهو يصيح فى سعادة
( ماما عم خفاجة البقال طلب منى أساعده فى الدكان الكبير وهاخد كل إللى نحتاجه ببلاش وكمان هيدينى..........
قاطعته امه فى غضب وغيظ
(ومدرستك يا محمد مدرستك..)
مط محمد شفتيه فى عدم اهتمام
( ولا ليها اى لازمة يا ماما ....عادى ...انا مش علي يا ماما مقدرش اشتغل وادرس.....أنا محمد وهسيب المدرسة)#ابن عمرى
المشهد الثاني عشر
استيقظت رضوى ...تشعر انها كانت فى غيبوبة وليس نوما ..كيف نامت كل هذه الفترة الطويلة ...توقعت ان يجافيها النوم بسبب فرحتها برجوع مهاب ..ولكن حالتها غريبة ولا مبرر لها ...لقد نامت كما لم تنم من فترة طويلة للغاية ....تمطت قليلا ونظرت بكسل للساعة الرقمية بجوارها ونادت على أحد العاملين بالمنزل لتحضير كوب من القهوة التى تعودت عليها كطقس صباحى وتحركت سريعا للخارج لتفاجأ بوجود مراد يجلس يتابع بعض أعماله على الحاسوب .تلفتت حولها فى حيرة ليقف مراد مقتربا مبتسما هاتفا فى راحة
( ياااه كل دا نوم...حاجة كويسة ومبشرة يا رضوى ...اخيرا اعصابك هتهدى ونبطل عصبية )
مطت شفتيها فى سعادة وارتياح وهتفت
( الاولاد فين ؟ لسه نايمين طبعا)
ابتسم مراد فى مكر وهتف مغيظا لها
( تؤ تؤ...الاولاد صحيوا من بدرى وفطرنا مع بعض ...سيلا كانت هتخرج شوبينج بس غيرت رأيها وحاليا هى فى اوضتها ......مهاب وسهيلة وخيرت خرجوا من ربع ساعة اهو كويس حد بيصحى بدرى يخرج المسكين ويشتريله لبس جديد ....سهيلة دى أم بالفطرة مش ام تنام للضهر وتصحى تدور على اولادها.)
شحب وجه رضوى بشدة وغارت الدماء تماما وتمتمت فى بوادر انهيار جعلت مراد يشتم نفسه وينعتها بأبشع صفات الغباء لكلامه الغير مقصود خصوصا حين هتفت فى صوت مرتعش مقر بالذنب
( عندك حق ...عندك حق ....أنا منفعش أكون أم ...أنا ضيعته......
قاطعها مراد وهو يحتضنها  فى قوة ويهمس فى حنان
( أعظم ام فى الدنيا انتِ ...بلاش تجلدى نفسك كل شوية يا رضوى ....بلاش تاخدى كل الكلام على اعصابك ...انسى ..رحمة ربنا رجعت لينا مهاب يبقى خلاص نحمد ربنا ونعوضه ونعوض نفسنا عن إللى راح ...يلا يا هانم اتفضلى اشرفى النهاردة بنفسك على الغدا علشان لما يرجع الولاد نفاجئهم بأحلى أكل من ايدين احلى رضوى...
تنهدت فى ارتياح وهى ترتكن متيقنة من زوجها المحب المراعى.....
( اعمل اية من غيرك يا مراد؟ كنت رحت فين وعشت ازاى ..
يا ترى هقدر ارد جميلك ودعمك ليا طول عمرى ...
ابتسم مراد ابتسامة حزينة وهتف بصوت مبحوح
( المفروض مين إللى يرد الجميل للتانى يا رضوى ؟هو أنا ممكن أنسى وقفتك جنبى أنا وأهلى وسدد كل الديون ورحمنا من الفضيحة والأفلاس....مين إللى سايب ماله كامل ولا بيحاسب ولا بيسأل عنه اصلا يا رضوى....مين إللى.......
مدت رضوى يدها لتضعها على فمه برقة صارمة
( ممنوع تتكلم فى الموضوع دا ....ممنوع اصلا تفتحه.....المال عمره ما كان سبب سعادتى...المال وسيلة ومعاك بقى اكتر واكتر وواثقة فيك يا ابو مهاب)
جلجلت ضحكته السعيدة ليرد بخبث مرة أخرى
( تمام يا أم مهاب اتفضلى جهزى الغدا)
**********************************************************
تحركت سيلا فى غضب وحيرة لا تعرف ما الذى تستطيع فعله ....لم تتوقع مطلقا ان يقوم مدحت ابن عمها وشقيق روحها كما يحلو لها ان تناديه....لم تتوقع أن يلتقط لها صور وهى تخرج مع ميريهان ويقوما ببعض التجاوزات البسيطة للغاية من وجهة نظرها وهى من غبائها وثقتها الشديدة اطلعته عليه ...التسكع فى الحانات المبتذلة وزيارة بعض الأماكن المشبوهة لمرة واحدة على سبيل التجربة فقط ....لم تبخل عليه بأى مبالغ طلبها منها ولم تكن لتبخل ولكن بدأ والدها يلاحظ اسرافها الشديد وطلباتها المتزايدة ....تنهدت فى ضيق ..لا تريد لثقة ابيها ان تهتز فقد نبه أكثر من مرة أن تبتعد عن ميريهان بالذات ولا تدرى ما السر وراء الإصرار الشديد ...لا تهتم لأمر مدحت فهى تعلم أن المال فقط مطمعه.....مطت شفتيها وهمست فى خبث
( ما علينا هنضطر نعمل مسرحية صغيرة ونحب فى البيه الصغير على الأقل اعرف اخد الفلوس من ماما حاليا ....ونسيب بابا الفترة دى ...أما مدحت ...فهو الجانى على روحه ابن عمى خيرى....بيلعب مع سيلا )
وانطلقت تضحك لتماثل ضحكة عمها أو ربما تفوقه قوة....
************************************************************
منبهر من كل ما حوله ....كل شئ جميل جذاب سهل المنال ...خيرت طيب القلب ثرثار يماثل سهيلة فى الثرثرة والاحتواء  وتقبل الغير ....تنهد فى حزن وهو ينظر لفستان مطرز بخيوط ذهبية جميلة ....يعلم أنه يناسب هناء للغاية ...يخشى أن اشتراه يجرح شعور والديه ...لا يعرف كيف يتصرف ....
لمس خيرت كتفه فى خشونة مقصودة محاولا ازاحته بعيدا عن سهيلة وهتف فى غيظ
( كابتن مهاب ....لايقة عليك كابتن بعضلاتك دى ...انت بتلعب رياضة ولا حاجة ....ما علينا الفلوس معاك والى الان مشترتش حاجة وأنا تعبت وسهيلة كمان تعبت وحضرتك لازق فيها كدا ليه وسع شوية يا كابتن عاوزاها تختار طقم ليا كمان )
ازاحه مهاب بنفس الخشونة وهتف فى قوة
( انسى يا كابتن سهيلة تختارلك....أنا اختارلك يا سلام شايف الطقم الكحلى إللى هناك دا لايق عليك يا ابن عمى بسرعة وإلا هنختار الطقم الأسود إللى جنبه....بالنسبة للرياضة فطول عمرى يوميا برفع أثقال وكمان بلعب كورة وفى بعض الأحيان بلعب صلح تعرفها دى بنضرب إللى يضايقنا بالكف على قفاه يا ابن عمى.....انجز الكحلى صح )
كادت أن تسقط سهيلة من شدة الضحك وهى تراهم يتنقاران كالديوك وكم اسعدها هذا تعلم طيبة قلب خيرت وواضح قوة شخصية أخيها الصغير... تطلعت إلى الفستان الذى كان يثبت نظره عليه منذ قليل لتتساءل فى حيرة من المحظوظة التى يفكر فيها مهاب فى هذا الوقت.....
استغفر الله العظيم رب العرش العظيم واتوب اليه#ابن عمرى
المشهد الثالث عشر
يتحرك احمد فى ثبات وحزن واضح متجها نحو عمله فى المقهى....يعترف ليس بقوة علي ...ليس لديه القدرة على تحمل كل هذا التعب يوميا ..ابتسم بحزن ..انه يوم واحد ولمدة ثلاث ساعات فقط وجسده انهك للغاية ..يتعجب من قدرة اخاه على تحمل كل هذه المسئولية ...دخل المقهى بظهر محنى والألم يكاد يفتك بجسده الصغير لينهره صاحب المكان فى قسوة
( شوف يا أحمد ..أنا قبلتك مكان علي علشان العشرة يا بنى وأبوك كمان راجل طيب وعمره ما قصر مع حد فينا ..لكن شكلك مش هتقدر على الشغل ...خدها بكرامتك يا بنى وشوف شغلانة اسهل من كدا ...بلاش تضر نفسك وتضرنى الله لا يسيئك)
غصة من الدموع داهمت الصبى ليحاول النطق بتأتأه وانكسار
( هو أنا قصرت فى حاجة يا معلم ...بشتغل اهو على اد ما أقدر ويوم ورا يوم اتعود بأذن الله )
تنهد صاحب المقهى فى طيبة شديدة وأشار له ليدخل ليكمل عمله ...اسرع أحمد محاولا إظهار قوته وسرعة عمله ..ليمر ساعة كاملة من أحضار الطلبات للزبائن والجرى فى أنحاء المقهى محاولا توصيل الطلبات بسرعة وإتقان...لم يلحظ أحمد العين الحاقدة الحاسدة التى تتحدث بحرقة مع أحد الجالسين معه
( هو دا أخو علي صح ؟ امال المحروس إللى عامل فيها حامى الحمى راح فين ؟يضرب ابنى مرتين ليه ان شاء الله؟ )
رد عليه جاره فى مداهنة ونفاق
( ما ابنك غلطان برضه يا مصطفى يا اخويا ..علطول واقف لهناء فى الرايحة والجاية..دول عيال مهما كان  وبيضربها كل ما يشوفها و ياخد شنطتها ويكسر اقلامها ...بس برضه ميصحش إللى عمله علي فى ابنك دا شرحه وعلمه الأدب)
انعقد حاجبا مصطفى فى ضيق وتذكر رفض ابنه الخروج من المنزل لفترة بسبب علي ليقترب أحمد وهو يحمل عددا من الأكواب الفارغة لينقلها لداخل المقهى ..أبتسم فى خبث وشر ليمد قدمه على حين غرة معرقلا سير احمد الذى سقط بالفعل محطما كل ما يحمله ليرتعش أحمد ويصرخ فى ضعف وانكسار.....
******************************************************************
صوت ضحكات سهيلة يعلو معلنا عودتهم من الخارج لتقف رضوى متأملة وجه مهاب فى حب واشتياق وعدم تصديق وتتنهد في عنف عندما خفض مهاب عينيه فى حرج كأنه لا يعرف ما التصرف الصحيح وكيف يتعامل معها ...كالعادة كسرت سهيلة الحرج واسرعت نحو والدتها ممسكة بيد مهاب وهتفت فى صوت صاخب
( عارفة يا ماما ...مهاب اشترى قميص واتنين تيشرت وبنطلون واحد وعامل يقول ايه التبذير دا كله ....وتمنهم كلهم بالضبط تمن البلوزة إللى أنا اشترتها معلش يا ست الحبايب البلوزة غالية حبيتين تلاته اربعة ..)
سمعت صوتا ساخرا مهينا رغم محاولتها التقليل من سخريتها
(معلش ...عادى فى ناس كدا متقدرش تعيش فى العز ...اتعودت على الفقر ...عادى ممكن نعلمها ...البيئة برضه ليها تأثير وال.......
قاطعتها امها بصوت صارم حاد
( سيلا ...خدى بالك من كلامك ...عادى البيئة ممكن تتغيير فى لحظة والمميزات الإنسان ملوش يد فيها ...يعنى تخيلى نفسك بدون مميزات ولا مصاريف كدا ...إللى حضرتك فيه مش بفضل ذكاء سيادتك مثلا ...عادى كان ممكن تضيعىانتِ فى أى وقت)
ابتسمت سيلا فى خبث وارتمت في حضن والدتها هاتفة فى رقة
( ربنا يخليكِ لينا يا ماما ....ومصاريفنا تزيد وتزيد من ايدين ست الكل ...ايه دا مهاب عاوز اتفرج جبت ايه ؟  اخدت سهيلة وكمان خيرت معاك ....غلطان انا بكرا هخرج معاك وتشوف سيلا هتشترى ليك ايه ؟ ازيك يا خيرت اخبارك ....
رد عليها خيرت فى أدب واحترام
( اهلا يا سيلا اخبار دراستك ايه كلها كام شهر وهتكونى ثانوية عامة ...شدى حيلك يا بطلة )
مطت شفتيها فى عدم اهتمام وهتفت
( الغدا جاهز يا خيرت ..ناوى تتغدا معانا كالعادة ولا هتروح لأول مرة في التاريخ مثلا)
ضحك خيرت فى طيبة شديدة ولم يهتم لما خلف الكلمات وأجاب فى سعادة
( لاء هتغدا معاكم وبعدها هنلعب انا ومهاب صلح ...اتفقنا يا ابن عمى )
*************************************************************
يجلسون جميعا حول مائدة العشاء ...تضحك سهيلة وهى تحدث مهاب الذى يتجاوب معها هى فقط ..فى حين تحتار نظراته لأمه التى ترمقه بحنان جارف ...تقسو نظراته احيانا عندما تطوف بنظرات والده ...ويظهر التعجب والخوف الغريب علي طبعه حين تلتقى نظراته بنظرات سيلا الماكرة ...
تنهد مهاب فى اشتياق شديد وهتف فى خفوت
( رضوى هانم احم اقصد ماما محتاج من حضرتك خدمة)
غصة وقفت فى حلق مراد الذى اسرع بشرب كوب من الماء لتتسع عيناه وتضطرب انفاسه ودقات قلبه حين سمع مهاب يكمل فى حرج شديد
( وكمان محتاج خدمة كبيرة من حضرتك يا........بابا واكون شاكر لو قدرت تحققها ليا)
أسرعت رضوى بالوقوف لتقبله على رأسه هاتفة والدموع فى عينها تهدد بالهطول الشديد وتهتف فى توتر وتسرع
( اطلب يا مهاب ...اطلب إللى يعجبك يتحقق فى لحظة ...قول كلمة ماما دى حقى حقى والله يا مهاب حقى)
خفض مهاب رأسه للأسفل وهو يعلم أن ما يطلبه ليس سهلا كما تظن أمه ليسحب نفسا عميقا ويقول فى صوت متوتر لكنه حاد قوى
( محتاج ازور أمى واخواتى على الأقل ساعة يوميا ...يومهم عدا ازاى دا هيجننى)
ورفع عينيه نحو رضوى واكمل بصوت مس قلبها ودغدغ مشاعرها المتلهفة للكلمة
( هتجنن من بعدهم يا أمى)
ثم ابتلع ريقه ورفع نظره نحو مراد وهتف مترجيا
( محتاج شغل يا والدى ...أنا محتاج اشتغل ضرورى ...واوعدك دا لا يمكن يأثر على دراستى أبدا أبدا يا والدى)
استغفر الله العظيم رب العرش العظيم واتوب اليه#ابن عمرى
المشهد الرابع عشر
يتحرك مراد فى غيظ وعنف ويهتف صارخا مؤنبا
( ليه ؟ليه يا مهاب ؟تشتغل ليه ؟أنا قصرت معاك طلبت حاجة وأنا قلت لاء ...اذا كان على عم فتحى أنا هتكفل بكل مصاريفهم...هعملهم مصروف شهرى حتى من غير ما عم فتحى ي.........
قاطعه مهاب فى صوت مهيب قاسى حاد كالصخر
( لا عشت ولا كنت لما ابويا وامى يقبلوا صدقة وانا عايش ....شاكر الافضال يا ......بابا....بس طلبى واضح ...شغل اى شغل ميهمنيش ومرتب ثابت ...ارجوك تفهمنى ارجوك حاول مرة واحدة تفهمنى....
اغمض مراد عينيه واستغفر ربه عدة مرات حتى يهدأ أعصابه الثائرة ...لا يدرى ما التصرف الصحيح وكيف يقنع مهاب ...حقا يفتخر به وبعقله ورجولته المبكرة جدا ...ولكن كيف يقبل أن يعمل وهو لم يكمل الثالثة عشر من عمره ..........
ابتسمت سيلا فى مكر ودهاء شديد ووقفت تنقل نظراتها ما بين أبيها واخيها وهتفت فى بساطة
( سهلة يا بابا ...إياك تزعل مهاب اخويا حبيبي...دا حتى احنا ما صدقنا انه يكون لينا أخ انا وسهيلة فأنا عندى اقتراح يشتغل مع مدحت ابن عمى فى معرض العربيات...مهاب شكله وسيم وسهل يتعلم ماركات العربيات ويتعامل مع الزباين بسهولة ودا طبعا بسبب طبيعة وظيفته الاولانية....هوبس مقصدش اى تجريح مهاب....
برقت عينا مراد فى شدة وإعجاب بفكرة سيلا دون أن يري بريق عينيها المخيف هى الأخرى ليهتف فى قبول
( عندك حق يا سيلا ...يروح المعرض ساعتين تلاته بالكتير يتعلم ماركات العربيات والموديل والاسعار ولا يتعب ولا حاجة ويحدد المرتب ولا اقولك نفس مرتب مدحت ....مبسوط كدا يا مهاب )
ابتسم مهاب ابتسامة مرتعشة واقترب فى توتر شديد من والده لينحنى مقبلا يده ....تجمد مراد واقفا لم يعرف كيف امتلأت عيناه بالدموع وربت على رأس مهاب فى سعادة وحب ....اقتربت سهيلة ورضوى فى سرعة ليحتضنا الاثنان فى سعادة وهتفت سهيلة فى غيرة طفولية لذيذة
( ايه يا عم مهاب هتاخد حضن بابا ودعوات ماما وانا اروح فين يا ابنى احترم مشاعيرى انا اكبر منك بسنتين...واللى اكبر منك بيوم يعرف عنك بسنة وانا كمان بعرف نص ماركات العربيات وهساعدك وهعلمك ومش هتعبك ولا......
ضحكت رضوى واحتضنت سهيلة هاتفة فى مرح
(هى بس هتسببلك صداع نصفى من كتر الرغى والزن وهتشبط فيك ولا اجدعها عيله تلت سنين فى أخوها...
مطت سهيلة شفتيها فى ضيق مصطنع وهتفت فى تعاسة زائفة
( يا خسارة ...تخيل لما مامتك إللى هى مامتى برضه تقول الكلام دا على أختك إللى هى أنا ....يرضيك كدا يا بابانا كلنا)
ضحك الجميع فى صخب وسعادة ولم ينتبهوا لسيلا التى نظرت إليهم فى سخرية شديدة غير مبالية وعادت تكمل طعامها فى هدوء وعدم اكتراث والخطة داخل رأسها تكتمل والضحكةالشيطانية ترتفع وتملأ الأجواء بريح ثقيل يكتم الأنفاس الطيبة.....
********************************************************
يجر أحمد قدميه المتورمتين ليدخل بيته بعد يوم عمل شاق لا يظن أنه يستطيع أن يكرره مرة أخرى....استقبلته امه وهناء بنظرات كلها شفقة وحنان وحسرة لتهتف هناء وهى تنظر لتعبه الواضح وقدميه اللذان تشققا :
( أحمد اعملك أكل بسرعة وهجيبلك ميه دافية تحط فيها رجليك)
صرخ بها أحمد فى عنف جاعلا اياها تنكمش فى خوف
( لاء لا عاوز اكل ولا ميه سخنة ....اسكتى انتِ بس ...رايح انام.....مقدرش اروح المدرسة بكرا يا ماما ...محدش يصحينى...)
نظرت نحوه فادية فى حزن شديد دون أن تنطق ليقترب منها أحمد دامعا حزينا
( أنا احمد يا ماما ...عمرى ما هعرف أكون علي ...غصب عنى ....حاولت حاولت وتعبت من أول يوم ...صاحب القهوة طردنى بعد ما كسرت دستة كوبيات كاملة ورفض يدينى يومية لشغلى وقال تمن الكوبيات اكتر من الفلوس إللى ليا ....آه يا ماما آه....
وإرتمى فى حضنها صارخا متألما شاكيا كطفل يشكو ضياع امانه وكل أحلامه ليسمع صوت جرس الباب فتسرع هناء لتفتح الباب وتصرخ فى فرح جنونى
( علي ....علي رجع ...علي رجع يا بابا يا ماما علي رجع )
واجهشت فى البكاء المرير ليحتضنها علي فى رفق ويربت عليها فى حب ليدخل ويصطدم بهيئة أحمد
احمرت عينا علي واقترب من أخيه وهتف فى صرامة
( مين إللى عمل فيك كدا ...انطق بسرعة ايه إللى حصل ...اية يحسبوا انى ضعت ولا راجع خلاص ...انطق يا أحمد ايه إللى بهدلك كدا ؟ورب الكعبة ما هيعدى الليلة إلا وواخد حق اخويا ...اخلص ..ايه إللى حصل ؟)
***********************************************************
يتحرك خيرت فى سعادة مدندنا أغنية ما ليصطدم باخيه مدحت الذى هتف به ساخرا
( ايه بتحب يا طيب يا حنون يا ابو قلب حنين ورقيق؟)
هز خيرت رأسه فى صمت محاولا عدم الدخول فى محاورة كلامية سخيفة معه كالعادة ليهتف مدحت مستهزئا به:
( ايه بتحب الهبلة سهيلة طبعا ...حقيقى ما جمع إلا ووفق ...بس لا أعتقد أنك هتقدر تملى قلبها وعقلها علشان خايب....لاء واية كمان بتجرى تخرج مع حتة عيل طلعلنا فى البخت ...غبى طبعا مش عارف وجود العيل دا هيضرنا ازاى ....عمك سايب اكتر من نص ثروته تحت اشرافى انا وانت. ولسه لما أخطب سيلا....
قاطعه خيرت ساخرا هو هذه المرة
( تعرف يا مدحت ...حقيقى محدش غبى وعبيط غيرك يا اخويا يا ابن امى وابويا ....سيلا هدمرك سيلا دى فعلا طالعة لابوك وبكرا افكرك....ابعد عنها دى مش سهلة وانت لا يمكن تقدر عليها)
ضحك مدحت فى صوت عال واشاح بيده بعدم اكتراث ليسمع صوت خيرى ينادى عليه ليتحرك ناحية والده وهو مازال يضحك ....
أغلق خيرى باب المكتب ليجلس ويشير لمدحت بالجلوس ويخرج ملفا غريب الشكل ويلقيه أمامه فى حقد هاتفا
( دى كل المعلومات عن عفريت العلبة ...لازم نتصرف وبسرعة يا مدحت وإلا كل اللى تعبنا فيه سنين طويلة هينكشف ويضيع ...لازم يختفى وبسرعة هو واهله كمان إللى كان عايش معاهم )......#ابن عمرى
المشهد الخامس عشر
يجلس علي سعيدا بجوار ابيه فتحى ويسرد فى مرح كيف مر عليه اليوم لتدمع عينا هناء فى غيرة طفولية وهتفت فى غيظ
( يعنى خرجت مع اختك التانية .....وانا يا علي هتخرج معايا امتى وهترجع المدرسة ولا خلاص صحيح هتروح مدرسة تانية)
ابتسم علي ومد يده يقرص خدها فى رقة وهتف مؤنبا
( يعنى عمرى ما خرجتك يا ست هناء ..يخونك الفسحة فى الجنينة إللى على اول الشارع ولعب الكورة كمان)
مطت شفتيها فى غضب هاتفة
( زمان دا كان زمان لكن انت خرجت من أول يوم مع اختك اسمها معرفش ايه دى ؟)
ابتسم علي فى رقة هاتفا
( اسمها سهيلة وهى كان نفسها تزوركم...المرة الجاية ان شاء الله هتيجى معايا)
ثم لم يلبث أن اقترب من فادية هاتفا مترجيا
( ماما انتِ مش بتكلمينى ليه؟ انتِ زعلانة منى يا أمى ؟ أنا آسف انى شخطت فى أحمد ونبهت عليه ميشتغلش تانى بس أنا خايف عليه وهشتغل يا أمى و........
قاطعته فادية وهى تحتضنه بقوة باكية فى مرارة وحزن شديد وهتفت
( ازعل منك وانت عمرى يا علي....ازعل منك علشان رجعت فى أول يوم وطمنت قلبى عليك يا حبيبى دا كلام يا علي)
قبل علي يدها وأعلى رأسها وهتف فى تأثر
( كنت هتجنن طول اليوم وأنا بعيد عنكم يا أمى ؟إن شاء الله هزوركم يوميا ساعة عالأقل غير اليومين إللى اتفقت مع ماما رضوى عليهم )
أغمضت فادية عينيها في قوة وألم لا تحتمل الكلمة ...ليس من حقها ولكن ماذا تفعل فى قلبها والذى أحب علي مثل إخوته تماما ....
ربت فتحى على ظهر علي وهتف فى ضعف شديد
( وصيتك اخواتك وأمك يا علي ...خلى بالك منهم يا ابنى انت اخوهم الكبير وسندهم...ملهمش حد فى الدنيا بعد رحمة ربنا غيرك يا علي)
ارتعش علي خوفا واقترب من أبيه والذى اصبح جسدا ضئيلا هزيلا للغاية واحتضنه هاتفا
( ربنا يخليك ويبارك في عمرك يا والدى ....هتفضل وسطنا ونتحرك حواليك كدا ونتعلم منك يا أبويا )
أسرع محمد بالتساؤل فى تعجب
( هو انت لابس القميص الغريب دا ازاىيا علي....وشه زى قفاه كدا ليه؟ )
ضحك علي وعيناه تدمعان خوفا من القادم ولم يستطع الرد مطلقا عليه...
****************************************************************
امسك مدحت بيد سيلا فى قسوة هاتفا فى غضب
( يعنى ايه مش هتدينى باقى الفلوس يا سيلا ...احنا متفقين على المبلغ دا ووصلنى نصه علشان اقدر افتح مشروع خاص بيا واتقدم ليكى واكون من مقامك ووالدك ميعترضتش....الفلوس تكون عندى وإلا........
ضحكت سيلا فى شر وعدم اكتراث بكل كلامه الحاد وهمست فى فحيح الثعابين
( اسكت انا غيرت رأى وقررت مفكرش فى الارتباط دلوقتي...فالحمد لله انت غير مجبر تعمل المشروع علشانى وتتعب يا مسكين وبالنسبة لموضوع إلا دا ....
قطعت كلماتها فى مكر مدروس وهى تخرج من حقيبتها ورقة صغيرة مطوية بعناية وطوحت بها أمام مدحت وهتفت ساخرة
( حاليا إلا عندى انا يا ابن عنى ....تعرف الورقة دى فيها ...فيها نوعية العربيات إللى دخلت المعرض من شهرين ....طبعا الماركة مختلفة والسعر مختلف ...عيبك يا ابن عمى انك بتظن ان عمك وبنت عمك إللى هى أنا شبه بعض ودا محصلش يا مدحت ....فأية...تلم نفسك وتسمع إللى هقولك عليه ....مهاب هيبدأ الشغل معاك من بكرا ...عاوزاك تعلمه كل حاجة فى الشغل ...فى بحر اسبوع عاوزاه يعرف الماركة من صوت الموتور ....فاهم يا ابن عمى....
صرخ مدحت فى غيظ وجنون
( بتقولى ايه ؟شكلك عقلك ضاع ....عاوزانى اسلمه شغلى وأسرار المعرض كدا بالساهل واطلع انا برا الحسبة خالص)
ضحكت سيلا ضحكة صاخبة غير مبالية وهتفت فى سخرية شديدة
( هفضل لأمتى اعلم فيك يا مدحت ......اسمع وافهم هنعمل ايه بالضبط والمعرض كله هيكون فى ايديك ...يلا نعمل الخير ونرميه البحر ....
استمع إليها مدحت وعينيه تذداد اتساعا مع كل كلمة ليدق ناقوس الخطر داخل رأسه وترن كلمات خيرت بقوة صارخة تكاد تزهق روحه
( سيلا لا سهله ولا عبيطة ....انت إللى عبيط يا اخويا يا ابن امى وابويا )
استغفر الله العظيم رب العرش العظيم واتوب اليه#ابن عمرى
المشهد السادس عشر
يتثاءب مهاب بقوة وهو يكاد يسقط من شدة النوم لكنه عطش للغاية ولا يستطيع النوم بسبب شدة العطش ...اقترب من الثلاجة الموجودة فى المطبخ الرئيسى بالمنزل ليفتحها ويتثاءب مرة أخرى ليسمع صوتا غريبا كأنه خربشة او احتكاك شئ صلب بشئ خشن ليتلفت حوله باحثا عن الصوت وقلبه يدق بعنف ..يتساءل وعقله يفكر بسرعة البرق .هل يوقظ والده ؟يخشى أن يكون الأمر بسيط ولا يستدعى هذا القلق ويظهر بمظهر الجبان فى ثان يوم له فى هذا العالم الذى لا يعرف أن كان يحبه ام يخشاه بشدة ...تحرك فى حذر ليتأكد أن صوت الخربشة قريب من مكتب والده ...توقف الصوت فجاءة ليتحدث صوت ساخر من خلفه كاد أن يصيبه بنوبة قلبية
( ايه !بتعمل ايه هنا لوحدك الفجر يا مهاب يا اخويا الصغير يا حبيبى وكمان طالع من مكتب بابا دلوقتى ...يا ترى لقيت إللى بتدور عليه ولا قطعت عليك حبل أبحاث وافكارك؟
لم يرد مهاب مطلقا علي سيلا بل كان يتطلع لها فى صمت وحيرة وخوف حقيقى ..لا يدرى لما يخشى نظرات عينيها كأنها وحش كاسر سينقض عليه فى أى لحظة ...تنفس فى صوت واضح متوتر وتحرك للصعود الى غرفته ...فى حين أخرجت سيلا ورقة صغيرة مطوية بعناية وظهرت ابتسامة خبيثة على وجهها وهمست لنفسها
( بقول كفاية عليك أسبوع هنا يا مهاب وتكمل الباقى فى الأحداث....ماما ناوية تكتب نصف الثروة اللى فى البنوك بأسمك تتحكم فيها لما تتم السن القانونى وانا لا يمكن اسمح بكدا ...هى وعدتنى قبل كدا بالمبلغ دا علشان احقق حلمى ....وفى الاخر تفضل المحروس بالنص كامل لاء طبعا ...حلال فيك إللى هيحصل فيك يا علي ...هوبس اقصد مهاب بيه....وزادت ابتسامتها تألقا وشرا ..
**********************************************************
تتحرك رضوى فى حيرة وعدم ارتياح ...تتنفس فى ضجر ليستيقظ مراد مقتربا منها ويتساءل فى حنان جارف
( فى أيه يا رضوى؟ مالك قلقانة؟)
نظرت نحوه فى خوف وتمتمت فى اختناق
( خايفة على مهاب اوى ...زمان كنت حاسة انه تاه منى ...لكن انا واثقة أنه اتخطف منى ....دلوقتى كل ما اشوفه واركز فى شخصيته اخاف اترعب عليه ....شخصية جميلة قوية راجل بصحيح..أنا عمرى ما تخيلت انه يرجع تانى ...صحيح عمرى ما تخيلت عن الأمل والبحث عنه بجنون بس بس
تنهد مراد هو الآخر فى قلق وخوف وهمس قائلا
( عندك حق ...تعرفى لما بيكون ابن كويس للدرجة دى وأخلاق وقيم فى ناس بتسميه بتسميه.............
أكملت رضوى جملته وعينيها تكاد تخرج من محجريهما من شدة الجحوظ
( ابن موت ....بيسموه ابن موت يا مراد صح ....لاء المرة دى انا اللي هموت حقيقى  ...فاهم يا مراد ...لا يمكن هقدر اعيش بعيد عنه ثانيه واحدة بعد كدا ...أنا يمشى وراه لما بيروح البيت التانى غصب عنى بتقطع لما بشوفه فى حضن فادية بكل احاسيسه ومشاعره ....نفسى فى حضن منه زى كدا قبل ما أموت)
جز مراد على أسنانه وهتف فى غيظ موقفا تلك الحالة العجيبة المريبة التى يمران بها
( كفاية ...كفاية كلام ...احنا هنسلم أمرنا لله وكله بأمر الله ولا راد لقضائه إلا الدعاء والصدقة يا رضوى فاهمة ...الصدقة المخفية هى إللى رجعت مهاب وهى إللى هتحفظك وتحفظه من كل شر ....يلا نوم بسرعة عندى شغل بدرى )
اومأت برأسها فى طاعة وامتنان لكلامه الذى هدأ من أعصابها الوجله وارتسمت ابتسامة رقيقة وهى تتخيل مهاب رجلا يهابه كل التجار وله حظوة ومكانة بشخصيته ....
********************************************************
تصرخ سهيلة فى صخب وسعادة وتغنى بصوت رهيب أيقظ كل سكان المنازل المجاورة
( يا صباح الخير ياللى معانا ياللى معانا .....الكروان غنى إللى هو أنا وصحانا وصحانا ...
دخل خيرت وهو يضع إصبعه فى أذنه بضيق كاذب وهتف بها فى مشاغبة
( كروان مين ؟هاه دا البقرة بتجعر وبتجهز فى الحليب اهو)
أسرعت سهيلة نحوه محاولة سكب بعض مما تحمله من طعام الافطار عليه ليجرى من أمامها فى سعادة ويقهقه بصوت عالٍ ..استيقظت رضوى لتنظر نحوهما فى حنان وأمل وهتفت فى صرامة
( سهيلة...عيب لازم تتعاملى مع ابن عمك بأدب بلاش اسلوب الأطفال دا ...كبرتى حضرتك مش صغيرة )
مطت سهيلة شفتيها واقتربت من رضوى ورسمت ابتسامة مستعطفة بريئة وهمست مترجية
( ماما حبيبتى ست الكل ...تاج رأسى اغلى الناس إللى مليش غيرها فى الدنيا دى كلها...
ظهرت ضحكات مراد عاليه وهو يقول من بين ضحكاته
( شكل الموضوع كبير اوى يا ست سهيلة ...وشكلك مش محتاجه ليا فى موضوعك والاختصاص بالتسييح كله عالصبح لماما ...خير ان شاء الله؟ )
مطت سهيلة شفتيها وهتفت فى براءة زائفة
( لاء طبعا يا بابا حضرتك حبيبى الغالى كمان بس ماما دى يا سلام هى الاصل هى العنوان هى.....
قاطعتها رضوى فى ابتسامة رائقة
( من الاخر ...هاتى من الاخر عاوزة اية يا سهيلة؟)
قبلت امها قبلة عميقة لضمان السيطرة الكاملة وهتفت فى خفوت
( عاوزة ازور أهل مهاب اخويا النهاردة....نفسى اشوفهم ...يا ترى دا ممكن يضايقك يا ماما؟)
*************************************************************
شخص يكتم انفاسه خوفا وتبرق  عيناه فى الظلام رعبا وهو يسمع ويفهم مضمون الحديث
( النهاردة ....التنفيذ لازم يكون النهاردة ....اول ما يوصل البيت عاوزة كوم رماد فى دقيقة فاهم يا غبى إياك اى حد منهم يطلع سليم او حتى حى)

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 05, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ابن عمرى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن