"رحله التعافي"
بينما كنت جالساً بإحدى قاعات الإجتماعات أنظر لتلك الوجوه الجديدة التي تحدق بي بإهتمام ,و تظهر المعاناة علي وجوههم والخوف من القادم فرحبت بهم قائلاً : من منكم سيبدء بتقديم نفسه، وبعدما فرغوا عرفت عن نفسي أيضا ثم بدأت حديثي: إذا جميعنا اليوم ملتف حول نفس الهدف وبإمكاننا "التعافي".
فقاطعني احدهم : وهل الأمر بهذه البساطة؟
فتابعت كلامي ناظرا إليه مطمئنا : أنا هنا لأستمع لكم ولأروي لكم قصتي ورحلتي للتعافي لنساعد أنفسنا للعودة للحياة، أستمعت لجميع من في القاعة فالبعض يريد فقط أن يثبت أنه ليس سيئ كما يحكُم عليه البعض ويزيل نظره المجتمع ونظرات الخوف التي يراها ممن يحيطون به، ومنهم من روى طريقة إدمانه للمخدرات وكيف أن أصدقائه أقنعوه أن التجربة لمره واحدة لن تجعله مدمن وإن هذه المادة لا تجلب سوي السعادة وهاهو ذا قد فقد كل معاني السعادة وذاق كل ألوان التعاسة بسبب تلك المادة ، وآخر تحدث عن فقدانه وظيفته وترك زوجته وأطفاله له وياليتها انتهت عند ذلك بل زاد وضعه سوءً بِموت أمه حزنا عليه.
حينما حان دوري قلت :سأروي لكم قصتي وأخبركم أن بإمكاننا العودة للحياة مرة آخري منذ عامين أنا أيضاً كنت أعاني الفقد والألم والأشتياق المميت مثلكم تماماً والذي سبب كل ذلك منذ البداية لحظات الضعف الأولي حينما قررت الهروب ولجأت لهذه السموم ومع كل تحدي يواجهني كنت ألجأ لها وأنا أتوهم أنها ستساعدني علي الهروب أو الأبتعاد عن المشاكل.
صرت عبداً لها ولكل من يساعدني في الوصول للمخدر وتحولت لحظه الضعف التي كنت أهرب منها إلي لحظات ذل وانكسار فلم يعد هناك ما يسمي بالقوة أو الكرامة في حياتي.
نحن هنا اليوم لنواجه كل لحظات الضعف التي أجلنا لقائها ،أنا أيضاً كدت أن أصبح مجرماً بعدما سئم الجميع من تسولي وإستجدائي للمال فقد كنت اريد الحصول علي المخدر لأتخلص من الألم .
ذهبت لأختي لتقرضني بعض المال ولم أشعر بنفسي إلا وقد بدأت بالإعتداء علي أختي بالضرب المبرح لأخذ مالها بعد أن رفضت إعطائي ذلك المال, وأخذت تردد: ماذا حدث لك؟؟ لقد أصبحت شخصاً آخر.
ما أن سمعت هذه الكلمات فأصبحت أكيل إليها الضربات أكثر لأنني أيقن أنها محقه ،لم يستطيع أحد منعي أو إيقاف هذا الوحش الهائج بداخلي.
لقد أصبحت روحي مظلمه وعيني لا تري توسلات أمي وبكاء أختي ولم أتوقف إلا عندما توقفت هي عن مقاومتي وأنا أراها أمامي شبه جثه هامده بلا حراك غارقه في دِمائها رأيت مافعلته يدي وأنا لا أصدق لقد كادت أن ترمق رمقها الأخير, هل أنا من فعل ذلك؟ أنا من فعل ذلك فيدي مليئة بدم أختي حينها أدركت أنني أصبحت وحيداً لقد تبرأ مني الجميع فأنا أصبحت خطراً.
صرت أسأل نفسي ماذا لو ماتت أختي بين يدي وقتها؟ ماذا كنت لأفعل ؟ هل صرت مغيب لدرجة القتل؟ أنها قطعة من روحي شاركتني كل أوقاتي.
إلي ماذا وصل بي الحال ! ولماذا ؟ هل يمكن أن تغفر لي وعائلتي؟ كيف كنت سأعفو عن نفسي؟ ظل يتردد إلى فكري و تحدثني نفسي بما فعلته تلك الليله من أجل المادة ،كنت أتوق لأن أتخلص من كل تلك الألام أريد العودة مره آخري لنفسي ولكن كان الألم المبرح يمنعني.
فعندما حاولت التوقف أكثر من مرة كنت ضعيف وكم من مره كنت أسميها الأخيرة وتبعتها آخري كان الألم يعتصر رأسي وكل جسدي يمنعني حبست أفكاري بين شعوري بالألم ورغبتي في العودة لذلك الشخص الذي كانت روحه محبوبه من الجميع, والهروب من الشخص الذي صرت أكرهه وأكره ضعفه وإنكساره.
كانت تتردد بداخلي تساؤلات كثيره ماذا لولم أستطع التحمل؟ ماذا لوعدت مجدداً؟ ماذا لوإنهزمت إرادتي وانتصر ضعفي؟
لقد قررت أن أجعلها تغفر لي وأن أقتنص هذه الفرصة التي أتتني من الحياه. وأن أخوض هذه الحرب وأنا اعلم ان هذا الألم الذي سأعايشه في التعافي لن يكون أشد قسوة من الألم الذي أعاني منه يومياً ، ألقيت بكلمه ماذا لو بعرض الحائط.
سأتعافى من أجلي ومن أجل عائلتي سأحارب لأعود مره آخري للحياه هذه الفرصه قد جاءت لي ولكل واحد منكم.
في قصتي رأيت من أصدقائي من صار القاتل الذي كدت أن أصبح انا عليه ورأيت الذي قد قتلته تلك السموم فجأة ودون أن يحظى بتلك الفرصه.
نظرت لتلك العيون التي تتابعني بإهتمام قائلا: لا أريد أن تذهب منكم أيضا تلك الفرصة. وجودنا هنا يعني حصولنا علي أول فرصنا للنجاة عبرت لهم عن مدي سعادتي وأشرت إلي إتمام عامين من رحلتي بعد التعافي نعم هذا ممكن ونحن نملك القرار، وبذلك أتمني أن أكون زرعت العزيمة و الأمل في كل واحداً منكم تساءل هل هذا ممكن؟
قريبا ستنجو لعائلتك وستسترد سعادتك وستثبت لنفسك ومن حولك أنك لست سيئ وقريبا سأحقق أنا أيضا حلمي الخاص بعدما كنت متوقف عن الحلم.
سنعود للعالم أقوياء لا يهم ما كنا عليه بل ما سنصبح عليه يجب أن نظهر نحن أولاً للعالم إن كل شيء يتغير, لكي يتغير هو ويقبلنا بدوره.
وفي البداية أريد أن أخبركم " أنه مهما كان الطريق صعباً لكنه ليس مستحيلاً " نحن نستحق الفرصه وحينما نحصل علي حريتنا سيعود الأمان لنا ولمن أحبونا بصدق من جديد..........
بقلم :
#رفيدةأبوالعدل.
#رحلةالتعافي
#قصص-قصيرة
