اليوم الاول ....

26 5 6
                                    

صدمة كبيرة اجتاحت قلبي عندما خرج الطبيب ليخبرني بأنني مصابة بفايروس كورونا لقد اعلن الخبر بدم بارد وليس هناك ملامح وتعابير على وجهه وربما هناك بالفعل مثلا ( اوه يالها من مسكينة )
عدت للمنزل وانا حزينة ومعي أشقائي الاكبر مني سناً ينظرون الي بتسأل نظرة حقاً لم افهم معناها ...
اتعمق النظر للادوية التي احملها بيدي كانت كالحمل الثقيل كم شعرت بالوجع داخلي ... بالاخص وانا اعلم ماذا سيكون مصيري عند العودة للمنزل ... كنت قد سمعت ان من يصاب بهذا المرض يتم عزله عن باقي العائلة لوحده بغرفة صغيرة وكنت خائفة من البقاء بمفردي هناك لكن وضعي يختلف قليلا لان شقيقتي الاكبر مني كانت مصابة سابقاً وعلماً ( المصابين بهذا الفايروس تصبح لديهم مناعة قوية ضد المرض ويستطيعون التقرب من المصابين بحرية ) فالجميع قرر بقائي انا وهي بنفس الغرفة لكن سألت نفسي سؤال. هي حاليا مدة حجرها تختلف عني بكثير يعني هي بعد اربعة ايام وستخرج ماذا عني إذا ؟ قاطع افكاري شقيقي وهو يقول مازحاً  - لقد وصلنا ... عليكي المكوث مع شقيقتك بنفس الغرفة وانتبهي من ألقاء العدوى لباقي العائلة * ماذا يقصد بحق الجحيم  انا الان بوضع لايسمح له بالمزاح او بخفة الدم كيف يتجرأ القاء دعابة علي  يا له من متعجرف اوفف ...

دخلت للمنزل ومن دون ان التفت اخذت طريقي مسرعة الى الغرفة كالسجان وهو يعلم طريق الزنزانة ...
عند فتحي للباب نظرت شقيقتي ألي بدموع باكية على وجنتاها وكأنها تقول لي ( انا السبب بما حدث لكي يا عزيزتي ) شقيقتي كانت متزوجة وتركت اطفالها وكل شيء للاعتناء بصحتها هنا ببيت اهلها وانا قد اصريت الاعتناء بها بما ان الجميع هرب من المسؤولية .. لحد الان لا اعلم لماذا قررت ان اكون الضحية وانا اعلم جيدا انني سأتلقى العدوى بالتأكيد على كل حال ...
جلست على اقرب كرسي وابغضت النظر عنها فأنا لا الومها على ما حصل معي ابدا هي ليست لها علاقة بشيء انا هي من قررت مساعدتها وقررت بالتضحية بنفسي لاجلها نقلت بصري حول الغرفة وانا انظر للمكان الذي سأعيش به 14 يوماً علماً ( ان المصابين فترة علاجهم لاتتعدى 14 يوم ) كانت الغرفة مخصصة سابقاً للضيوف ووالدي قد قدمها لنا لفترة العلاج كانت كبيرة قليلا واطلالتها جميلة فيها الاوان البراقة لان سبق وقلت كانت مخصصة للضيوف فأبي اعتنى بها اعتناء خاص اثناء ترميم المنزل
اما السرير فلم نكن بحاجة له بالاخص ان هناك كنبة الجلوس وهي تتمدد وتصبح سرير وهذا من حظي طبعا فأنا ارتحت كثيراً بالنوم عليه ... كنت جالسة مقابلها والصمت كان سيد الموقف بعد ان سمعت بكاء الجميع خلف الباب وهدأت الاجواء نهضت وغيرت ثيابي بثياب مريحة اكثر ورتبت ادويتي وكل هذا وشقيقتي لم تتكلم معي ابدا فقط كانت دموعها قد استسلمت وانتهى الامر ... وبعدها سمعت اصوات عند باب المنزل خصوصاً ان الغرفة التي اقيم بها قريبة من باب المنزل وهناك نافذة تطل على بوابة المنزل .. ركضت مسرعة لارى من اين هذا الصوت ووجدت شقيقتي الصغرى التي عمرها لايقل عن 13 عاما تغادر المنزل وهي تحمل بيدها ثياب تخصها نظؤت اليها وكان لساني عاجز عن المناداة بقيت انظر اليها بحزن حتى هي لاحظت وجودي عند النافذة نظرت ألي لوقت طويل وقاطع ابي وصلة النظر بيننا وهو يقول لها - هيا اسرعي عليكي البقاء ببيت عمك لحين شعار اخر .. فأنا غير متحمل ان تصابي انتي ايضا بالاخص ان لديكي مناعة ضعيفة جدا * وهنا قد ضعف قلبي وانهارت انفاسي وبحر دموعي قد انفجرت بوجه هذا المنظر الحزين بقيت اذرف الدموع دون توقف وشعرت بأن مرضي قد فرق عائلتي واحد تلو الاخر استمريت بالبكاء الى ان شعرت بيد حنونة تمسك بكتفي وحين التفتت رأيت شقيقتي تنظر ألي بأبتسامة تعلو وجهها وكأنها لم تكن تبكي قبل قليل وقالت لي - ستذهب لانها لديها مناعة ضعيفة لاتخافي هي ستعود قريبا جدا ... انتي لاتقلقي من شيء ابدا انا هنا معك وأعدك انني سأجعلك تتخطين هذه المرحلة لانني سبق وعانيت منها وسأساعدك بذلك * وحين سمعت كلامها بكيت بحرقة وانا اعانقها بقوة وابكي بصوت عالي لدرجة ان امي تقف بالمطبخ وسمعتني وهي الاخرى بكت ايضا بحرقة لان قلب الام لايتحمل رؤية ابنائها يتألمون ... بقيت ابكي لوقت طويل حتى ابعدتني شقيقتي عن حضنها وهي تقول بصوت مؤلم - انا السبب انا السبب بما حدث لكي سامحيني لو انني ذهبت للمستشفى وتعالجت هناك لما حصل ذلك ارجوكي سامحيني لم يكن قصدي ان افعل بكي هذا اهئ *

عند سماعي لكلامها لقد اندهشت كثيرا لماذا تلوم نفسها على ما حصل ... كنت اريد ان اقول لها انها ليست مذنبة لكن لم يكن لدي طاقة للكلام ولا للنقاش فتركتها تلوم نفسها وصمت طوال تلك اللحظة .
في نفس اليوم حل المساء واشتعلت اضواء الغرفة كانت اضواء في الوان متعددة الازرق والابيض والابيض الخافت ... هنا مقبس مخصص لتلك الاضواء وانا احببت الابيض الخافت لذلك اشعلته وجلست ... اختي اعتنت بي جيدا ورتبت سريري وادويتي واغراضي بما فيها ( الكمامة ... والقفازات .. والمقعم الخاص باليدين ...)

طوال فترة الامسية اختي كانت تثرثر لتجعلني ابتسم وانا بطبيعتي ودودة فقررت ان ارحم عنائها وابتسمت لها وبدأت اظهر لها تعابير وجهي المختلفة مع كل حديث تتطرق له ...

انا لم يكن لدي اصدقاء اتواصل معهم  عبر الهاتف لذلك كنت وحيدة وهذا ما جعل الحجر المنزلي كئيب بالنسبة لي وهكذا انتهى اليوم الاول التقيكم غدا بيوم جديد ... 👋👋👋👋👋

...........................................................

يوميات الحجر المنزلي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن