يُقال: قل لي من تصاحب أقول لك من أنت، بهذه الطريقة يتم الحكم على البعض، لا أحد يحب مصاحبة من يخالفه الأسلوب والأفكار، كما أن الأنفس تميل إلى من يشبهها
هكذا كانت ماري تذهب كل يوم وفي أي وقت لذلك الملهى القذر برفقة صديقها مارتن، الذي يتركها برفقة أصحابه المنحرفين
لقد تلاعبوا بأفكارها كما يتلاعب المدمن بأحجار الشطرنج، أفسدوا أخلاقها دفنوا براءتها، محو الحياء من قلبها تدريجيًا
كل مساء، تعود ماري للبيت بابتسامةٍ عريضة مفعمة بالسعادة والفرح، تفتح الباب بطاقة مزاج عالية ثم تركض لتعانق والدتها وتقبل جبينها
في كل مرةٍ، تحمل ماري معها شيئًا مميزًا، قلائد فاخرة، أو ملابسًا باهظة الثمن، تبرر ذلك دومًا بحجة أنها هدايا من حبيبها
كون والدتها عطشة إلى رؤية ابنتها في أحسن حال كانت تصدق كل ما تراه ببساطة، ان فكرة أن ابنتها تحسنت ظروفها النفسية واستعادت استقرارها والبهجة تغمرها ترسم لها دليلاً على النجاح
جلست الأم في الأريكة وبدافع الحب وبكل عفوية، حملت هاتفها واتصلت بالطبيب النفسي الذي كان يعالج ابنتها، كان صوت الأم مليء بالفرحة بعد أن رد عليها الطبيب:
- صباح الخير، سيد مارفي، هذه أنا، السيدة ريتا، والدة ماري، هل لازلت تتذكرني؟
- صباح الخير، سيدة ريتا، طبعاً أتذكرك، كيف يمكنني نسيانك؟، فأنت كنتِ تأتي لزيارتي مع ابنتك بشكلٍ يومي تقريباً
ضحكت الأم ضحكةً خفيفة:
- أود شكرك سيدي... فلقد تحسنت ابنتي كثيرًا، صدقني كل هذا بفضل كلامك ونصائحك لها التي تتذكرها دوماً وتعمل بها
- يسرني سماع هذا سيدة ريتا، لم أفعل سوى واجبي، كانت حالة أبنتك النفسية معقدة خصوصًا أن أبنتك كثيرة الكتمان ولا تظهر وما تحسه أو تفكر فيه حقًا
- صدقني... لقد أصبح لديها العديد من الأصدقاء الآن، تقضي معهم أجمل الأوقات والذكريات، كما أنها تملك صديقاً يحبها كثيراً، صحيح أنني في البداية لم أطمئن له بسبب شكله وسمعة اسرته، لكن مع الأيام اتضح أنه شخص لطيف وكريم، قابلته في طريق عودتي من العمل ذات مرة، شاب متواضع وأنيق عيبه الوحيد أنه شخص مدخن
- سيدة ريتا، كما أخبرتكِ سابقاً، لا تغلقي عليها كثيراً ولا تتشددي، فقط دعي لها الحرية، أنها الآن في السن المناسب لترى عالمها وتصنع مواقفها وتواجه مخاوفها، كل ما عليكِ فعله هو الحديث معها برفق دون عصبية، ومحاولة فهمها أكثر، وألا تفقدي قرابتك منها مهما أصبحت حياتها مليئة بالنشاطات، ومهما كان نوع الشجار الذي بينكما